Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر December 15, 2020
A A A
افتتاحية “الشرق الأوسط”: «حرب بيانات» بين عون والحريري حول التعثر في تأليف الحكومة
الكاتب: الشرق الأوسط

شهدت الساحة اللبنانية أمس (الاثنين) ما يشبه «حرب بيانات» بين مكتبي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري حول أسباب التعثر في تشكيل الحكومة، إذ رد مكتب الحريري على رسالة وجهها إليه مستشار عون الوزير السابق سليم جريصاتي عبر صحيفة محلية، ما استدعى رداً من الرئاسة. وأشار الحريري في بيان عن مكتبه إلى مطالبة عون «بثلث معطّل لفريق حزبي واحد»، فيما تحدثت رئاسة الجمهوريّة عن «تفرّد الحريري بتسمية الوزراء، خصوصاً المسيحيين».
وأوضح بيان الحريري أنّه التقى عون 12 مرة «في محاولة حثيثة للوصول إلى تفاهم بشأن تشكيل الحكومة» وأنّ عون كان «يُعبّر عن ارتياحه لمسار النقاش قبل أن تتبدل وتتغيّر الأمور بعد مغادرة الحريري القصر الجمهوري»، مشيراً إلى أنّ «الحريري يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف الانهيار الذي يعيشه البلد وإعادة إعمار ما دمّره انفجار المرفأ، أمّا عون فيطالب بحكومة تتمثل فيها الأحزاب السياسية كافة سواء التي سمّت الرئيس المكلف أو تلك التي اعترضت على تسميته» وأنّ هذا الأمر «سيؤدي حتماً إلى الإمساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي».
ولفت بيان الحريري إلى أنّه وفي الزيارة الأخيرة له إلى قصر بعبدا قبل أيام «قدّم تشكيلة حكومية كاملة متكاملة بالأسماء والحقائب من ضمنها أربعة أسماء من اللائحة التي كان عون سلّمها للرئيس المكلف في ثاني لقاء بينهما» وهي لائحة «تتضمن أسماء مرشحين ومرشحات يرى فيهم عون المؤهلات المطلوبة للتوزير»، مشيرا إلى أنّ «الحريري ومنذ تكليفه تشكيل الحكومة لم يتوقف عن التواصل مع الصناديق الدولية ومؤسسات التمويل العالمية وحكومات دول شقيقة وصديقة وأمامه الآن برنامج متكامل لإطلاق آلية مدروسة لوقف الانهيار وإعادة إعمار ما هدمه انفجار المرفأ وتنفيذ الإصلاحات وإقرار قوانين أساسية مثل قانون الكابيتال كنترول».
وأضاف: كل ذلك «ينتظر توقيع عون على مراسيم تشكيل الحكومة ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانبا، وأهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد وهو ما لن يحصل أبدا تحت أي ذريعة أو مسمّى».
واعتبر البيان أنّ الهدف «ليس وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة ولا تشكيل حكومة كيف ما كان، بل وقف الانهيار وإعادة الإعمار، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بتنفيذ إصلاحات تقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي لانتشال البلد رويداً رويداً من الحفرة التي يتخبّط فيها منذ حوالي السنة ونصف السنة».

بيان عون
بيان مكتب الحريري استدعى ردا من مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أنّ «الاعتراض الذي أبداه الرئيس عون قام أساساً على طريقة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، ولم يجر البحث في الأسماء المقترحة» لا سيّما أنّ عون رأى أن «المعايير ليست واحدة في توزيع هذه الحقائب فطلب من الرئيس المكلف إعادة النظر بها».
وأشار البيان إلى أنّ اعتراض عون كان «على تفرّد الرئيس الحريري بتسمية الوزراء، خصوصاً المسيحيين منهم، من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية، علما بأن الدستور ينصّ على أن تشكيل الحكومة يكون بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة».
ونفى البيان أن يكون رئيس الجمهورية تسلّم لائحة بأسماء مرشحين للتوزير، موضحاً أنّه «طرح خلال النقاش مجموعة أسماء كانت مدرجة في ورقة أخذها الرئيس المكلف للاطلاع عليها، ولم تكن هذه الورقة معدّة للتسليم أو لاعتمادها رسمياً، بل أتت في خانة تبادل وجهات نظر». ورأى بيان عون أنّه كل مرة كان يزور فيها الرئيس المكلف قصر بعبدا «كان يأتي بطرح مختلف عن الزيارات السابقة، والصيغة التي قدمها في آخر زيارة له كانت مختلفة عن الصيغ التي تشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية» مع التأكيد على أنّ عون لم يطرح يوما «أسماء حزبيين مرشحين للتوزير بل كان يطرح على الرئيس المكلف ضرورة التشاور مع رؤساء الكتل النيابية الذين سوف يمنحون حكومته الثقة ويتعاونون معه في مشاريع القوانين الإصلاحية التي كانت تنوي الحكومة اعتمادها» إذ «لم يرد في ذهن عون يوماً إمساك الأحزاب بمفاصل القرار أو تكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي». وشدّد بيان رئاسة الجمهوريّة على أنّ «همّ عون كان أولاً وأخيراً الوصول إلى حكومة منسجمة تكون قادرة على مواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد والتي تتطلب مرونة في التعاطي وصراحة وواقعية وليس عناداً وتحريفاً للحقائق».

رد على الرد
ولاحقا صدر عن مكتب الحريري بيان بعد السجال، أمل فيه من الرئاسة اللبنانية إعطاء توجيهاتها بوقف التلاعب في مسار تأليف الحكومة، و«ضبط إيقاع المستشارين بما يسهل عملية التأليف لا تعقيدها»، مشدداً على أن الأولوية التي لا تتقدم عليها أي أولوية هي الخروج من نفق الأزمة وتداعياتها المعيشية والاقتصادية ووضع البلاد على سكة الإنقاذ الحقيقي.