Beirut weather 14.65 ° C
تاريخ النشر November 3, 2020
A A A
المؤسسات الخاصة “تتمرّد” على قرار إقفال البلاد
الكاتب: باتريسيا جلاد - نداء الوطن

“إستنفرت” الهيئات الإقتصادية بجميع أعضائها وكذلك جمعية تجار بيروت أمس، بعد الحديث عن إمكانية إقفال البلاد لفترة أربعة اسابيع. فرفعت جمعية التجار صوتها عالياً مناشدة المسؤولين أن يكفّوا أيديهم عن القطاع التجاري والنشاط المحلي والإقتصاد الوطني. ويقول رئيس جمعية التجار نقولا شمّاس لـ”نداء الوطن” إن “كل يوم إقفال للقطاع التجاري مجتمعاً يكلّف ما لا يقلّ عن 10 ملايين دولار من الدخل الفائت”.

إذا كانت القطاعات الإقتصادية في سائر الدول تعاني من جائحة كورونا فقط لا غير، فإن الإقتصاد اللبناني يعاني من “جوائح” الفساد والتضخم، وانهيار العملة الوطنية وشحّ الدولار والفقر… ويعتبر شمّاس أن “كورونا وحدها هزّت اقتصادات أكبر دول العالم، فكيف بالحري في لبنان الذي يعاني من أزمة مالية وإقتصادية أصلاً”.

ورأى أن “الظلم الأكبر جراء الإقفال الذي تنوي الحكومة الإقدام عليه، يقع على عاتق التجار، فالأسواق تشهد أصلاً “كورونا تجارية” جراء تفشّي ظاهرة الإفلاسات التي خرجت عن السيطرة. لافتاً الى أنه “في فرنسا على سبيل المثال نشهد غضباً تجارياً يحظى بدعم السلطات مثل البلديات، نظراً الى معرفتها بأهمية القطاع التجاري والدور الذي يلعبه ليس فقط في تنمية التجارة والإقتصاد المحلي، وانما في تأمين التواصل الإجتماعي ضمن الأحياء والبلدات، إضافة الى الوزن الذي تتركه على إجمالي الناتج المحلّي”.

وإذ أشار الى أن “القطاعات التجارية والخدماتية، تشكّل ثلث الإقتصاد اللبناني، أكّد أنه اذا تعطّل القطاع التجاري، ستكون له تردّدات على كل القطاعات، وسيطاول عائلة لبنانية من أصل كل 4 عائلات وهذه مأساة موصوفة”.

ويضاف الى كل ذلك، وفق شمّاس، “الإنهيار المالي المستفحل الذي لا نستطيع أن نضع ضوابط له أو معالجات بل على العكس القرارات التي تتخذ تفاقم الأمور، والناتج المحلي من المتوقّع أن يهبط الى 18 مليار دولار في العام 2020 “.

 

كلفة الإقفال

وحول كلفة الإقفال على القطاع التجاري، رأى أنّها “لا تقلّ عن 10 ملايين دولار من الدخل الفائت”. لافتاً الى أن “هذا الرقم قد يبدو صغيراً ولكن في خضمّ التراجع الهائل الذي نشهده هو كبير طبعاً، اذا ما احتسب على أساس الليرة اللبنانية وخصوصاً أن المبلغ سيكون كفيلاً بتسديد الرواتب، هذا عدا الأعباء الثابتة التي تترتب على صاحب المؤسسة”.

من هذا المنطلق يوضح: “أعلنت جمعية التجار رفضها للإقفال لفترة طويلة تتراوح بين أسبوعين أو 4 أسابيع، وإلا قد يضطر التاجر الى الخروج من السوق”، مؤكّداً “على ضرورة مكافحة تفشي جائحة كورونا التي لا نستخف بها قط ونتّخذ كل وسائل الوقاية الصحية المطلوبة”.

وهنا لا بد من الإشارة الى أن الحكومات في سائر الدول تدعم التجار لتعويض الخسائر الناجمة عن تداعيات جائحة كورونا، في هذا المجال يقول شمّاس إن “الحكومة في لبنان لا تقدّم أي دعم والتجّار ليس لديهم أي مورد، حتى أن أموالهم في المصارف لا يستطيعون تحصيلها لا بالدولار ولا بالليرة اللبنانية، فضلاً عن أن جزءاً من مؤسسات بيروت دمّر بفعل انفجار بيروت والأموال القليلة التي بين أيديهم يستخدمونها لإعادة ترميم محالهم”.

 

بيان الجمعية

وكانت أعلنت جمعية تجار بيروت في بيان أصدرته بإسم القطاع التجاري مجتمعاً، “رفضها المطلق لإرغام المؤسسات والمحال والأسواق التجارية على الإقفال لفترة قد تمتدّ من أسبوعين الى أربعة أسابيع، وذلك وفقاً لما وردنا من معلومات أوّلية، مباشرة وغير مباشرة، من مصادر حكومية وإدارية”.

وأضافت: “بما أن الجسم التجاري هو واحد موحّد، وما يصيب أي جزء منه يصيب الجميع في الصميم، بالمفرّق وبالجملة، وحيث أن عليه، وبما أنه “يلّي فينا كافينا”، جئنا اليوم، مع زملائنا التجار في كافة المناطق اللبنانية، لنصرخ بصوت عال: كفوّا أيديكم عن القطاع التجاري والنشاط المحلي والإقتصاد الوطني”.

وتابعت: لأننا وكما دائماً، معنيون بتحريك الإقتصاد المركزي وإنما أيضاً المناطقي، لذا نطالب بعدم إتخاذ أي تدبير متسرّع ومجحف قد يطال نشاط المحلات والمؤسسات والمجمّعات التجارية، ويعرّضها لخطر الزوال وتشتيت الألوف المؤلّفة من الموظفين، وذلك خاصة في غياب أي دعم بالمطلق من الدولة لهذه القطاعات.

وأشارت الجمعية الى أن “وزارة الداخلية، التي تبدي على الدوام تفهّماً وتجاوباً معنا، تدرك بأن عدم الإلتزام بالتدابير والإجراءات الخاصة بالوقاية والسلامة من كورونا لا يُسجل في المحلات والمؤسسات التجارية، إنما يكمن في أماكن أخرى، لا سيما في الدوائر الرسمية، والتي لا علاقة لنا بها على الإطلاق.

وأسطع دليل على هذا الإلتزام التجاري هو نتيجـة الزيـارات السرية التي قامت بها شركة G.W.R Consulting على ما يقارب 1000 مؤسسة في مناطق مختلفة على الأراضي اللبنانية، والتي حقّقت نتيجة إلتزام بلغت 91,75% من حيث إرتداء الكمامة والتباعد الإجتماعي واستعمال المطهرات والتحقق من الحرارة، وهذا يترجم بالأرقام مدى سهر وحرص أصحاب المحال على سلامة الموظفين والزبائن”.

وأكّدت أن “التباعد الإجتماعي مؤمن أصلاً وتلقائياً في المحلات نتيجة لتقليص عدد الموظفين ولندرة الزبائن. فبما أن الخطر لا يكمن في المحال والأسواق والمجمعات التجارية، نطالب مجدداً دولة رئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير الصحة واللجنة المعنية بمكافحة الكورونا، بعدم إقفال المتاجر والتشدّد في تطبيق تدابير الوقاية في الأماكن العامة والتجمعات الكبيرة وإنزال العقوبات الشديدة بالمخالفين، وذلك بدون إقفال المحلات وقطع الأرزاق وشلّ العجلة الإقتصادية.

وأعربت عن إيمانها أن “الجهات المعنية في الدولة، وعلى رأسها رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة الصحة، ستصغي بإمعان لنداء الإستغاثة هذا، وتبعد كأس الإقفال القاتل عن القطاعات الإنتاجية، من تجارة وسياحة وصناعة، بالتركيز على الوقاية، وتصليب عود القطاعات الصحية والإستشفائية وتجهيزها للقيام بدورها الوطني والإجتماعي الكبير”.

طبعاً الأمن الصحّي يعتبر أولوية خصوصاً في زمننا هذا. ولكن زمن الشحّ والقلّة وعدم وجود اي نافذة دعم قد يفرمل قرار الإقفال التام لفترة 4 أسابيع لتتمكن المؤسسات من الصمود.