Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر October 29, 2020
A A A
الدولار سينخفض الى دون ستة آلاف ليرة عند تشكيل الحُكومة
الكاتب: ناجي س. البستاني - الديار

على الرغم من أنّ عمليّة تشكيل الحُكومة الجديدة مَوضوعة على نار حامية، فإنّ إهتمام أغلبيّة واسعة من اللبنانيّين هو في مكان آخر، وتحديدًا بالأوضاع الإقتصاديّة والماليّة، وتاليًا بالأوضاع الحياتيّة والمَعيشيّة الخاصة بكلّ منهم! وما مُتابعة البعض لتطوّرات الملفّ الحُكومي، إلا من زاوية الإنعكاسات المُنتظرة للوضع السياسي العام في البلاد على حاضر اللبنانيّين وعلى مُستقبلهم، وخُصوصًا على سعر صرف الدولار وعلى سعر مُختلف السلع والخدمات. فهل من إنخفاض قريب للأسعار على مُختلف الصُعد؟

بالنسبة إلى سعر الدولار، وبحسب أوساط مَصرفيّة مُطلعة إنّ سعر صرف الدولار يتاثّر حُكمًا بالواقع السياسي في البلاد، على الرغم من أنّ أسسه الأساسيّة تعود إلى واقعين إقتصادي ومالي شاملين في البلاد. وأوضحت أنّه كلّما تشنّجت الأوضاع السياسيّة، كلّما زاد الضغط على العملة الأجنبيّة، ما يُؤدّي حُكمًا إلى إرتفاعها، والعكس صحيح، بمعنى أنّه كلّما شعر اللبنانيّون بأنّ الوضع السياسي مُستقر، وبأنّ الأمور العامة إلى تحسّن في المُستقبل، كلّما زاد الهدوء في السوق المالي. وتوقّعت الأوساط المَصرفيّة أنّ يشهد سعر صرف الدولار إنخفاضًا جديدًا، بعد الإنخفاض الذي حصل في الأيّام القليلة الماضية، وذلك فورإعلان تشكيل الحُكومة الجديدة، وفي الأيّام القليلة التي ستلي ذلك. وأوضحت أنّ سعر صرف الدولار سينخفض قليلاً، وهو قد ينخفض عن عتبة الستة آلاف ليرة لبنانية للدولار الواحد. وعزت الأسباب من جهة إلى عوامل نفسيّة، حيث يعتبر الكثير من اللبنانيّين أنّ تشكيل حُكومة جديدة في ظلّ توافق سياسي واسع سيفتح الباب أمام تدفّق أموال خارجيّة مُتعدّدة المصادر إلى لبنان، ومن جهة أخرى إلى قيام المزيد من المُواطنين اللبنانيّين من مُختلف الطبقات الإجتماعيّة، ببيع جزء من الدولارات التي يُخزّونها في منازلهم تجنّبًا لفُقدان المزيد من قيمتها الماليّة.

وقالت الأوساط نفسها إنّ حجم سوق الصيرفة صغير، حيث يتراوح ما بين ثلاثة وثمانية ملايين دولار في اليوم الواحد، وهو بالتالي يتأثّر بشكل مُباشر بحجم العرض والطلب، الأمر الذي يُفسّر التقلّب السريع على مُستوى الأسعار. وإذ رفضت الإتهامات المُوجّهة إلى الصرّافين بشكل عام بالتلاعب بسعر الدولار، واصفة الأمر بالتجنّي، أقرّت في الوقت عينه بأنّ الكثير من الشركات ورجال الأعمال وعددًا من السياسيّين المُتموّلين، وربّما بعض الصيارفة، يدخلون على خطّ تقلّبات أسعار الصرف في بعض الأحيان، بهدف تحقيق الأرباح الكبيرة والسريعة. وأضافت أنّ هذا الأمر يحصل بشكل إفرادي وغير مُنظّم، أي من دون أيّ تنسيق أو خطّة مُسبقة، وذلك بناء على سعر الصرف اليومي، مُشيرة إلى أنّ جزءًا من المُواطنين العاديّين يُساهمون به عن غير قصد، عندما يُسارعون إلى بيع الدولار أو إلى شرائه، عند سماعهم أيّ معلومة أو حتى أيّ إشاعة!

من جهة أخرى، وبحسب خبير إقتصادي وأستاذ جامعي مُحاضر، لا يمكن التعويل على هذا النوع من إنخفاض الأسعار للحفاظ على وضع إقتصادي ومالي مُستقرّ، لأنّ الإستقرار في سعر الصرف وفي أسعار السلع والخدمات يجب أن يستند إلى أسس علميّة واضحة، «لانّه في الإقتصاد الأرقام وحدها تتكلّم!». وأكّد الخبير الإقتصادي نفسه أنّ ثبات سعر صرف الدولار والأسعار عُمومًا، يَستوجب أكثر من تشكيل حُكومة جديدة، حتى لو عكست هذه الحُكومة توافقًا داخليًا أو أوحت بالثقة. وأوضح أنّ المسألة تتطلّب الإنطلاق في أسرع وقت مُمكن بتنفيذ سياسة إقتصاديّة جديدة بنفس إصلاحيّ واضح وشفّاف، بمعنى خفض النفقات ووقف الهدر ومُكافحة الفساد، بالتزامن مع زيادة الواردات عبر تشجيع الإستثمار وتحفيز المُتموّلين وإيجاد فرص عمل جديدة وخفض مُعدّلات البطالة، إلخ. وتابع المصدر نفسه أنّ المسألة تتطلب أيضًا نجاح المُفاوضات مع صُندوق النقد الدَولي، ليُفتح الباب عندها أمام أموال الدعم والمُساعدات الماليّة الخارجيّة، وأمام قُروض الإستدانة من المُجتمع الدَولي ومن صُندوق النقد. وشدّد الخبير الإقتصادي نفسه على ضرورة إستعادة الثقة بين المُواطن والسُلطة من جهة، وبين المُودع والمَصارف من جهة أخرى، وهذا المسار يَستوجب بدوره إظهار الدولة جدّية كبرى في مُعالجة المشاكل الثقيلة المَوروثة، وكذلك إعادة هيكلة القطاع المَصرفي والتعهّد قانونًا بحفظ أموال المُودعين كاملة.

وختم الخبير الإقتصادي كلامه بالتشديد على أنّ من دون هذه الإجراءات المَذكورة أعلاه، أيّ إنخفاض حالي أو إضافي لسعر صرف الدولار وللأسعار عُمومًا، سيبقى ظرفيًا ولن يكون دائمًا، وبالتالي المَطلوب مُواكبة الإنخفاض الناجم من هذه الصَدمة الإيجابيّة، بإجراءات إقتصادية وماليّة إصلاحيّة مَبنيّة على العلم ووفق خطة مَدروسة، وذلك بهدف تثبيت الأسعار المُنخفضة بشكل دائم، وتحضير الأجواء لإنطلاق لبنان بخطة النهوض المَوعودة.