Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر September 17, 2020
A A A
افتتاحية “اللواء”: «عرقنة» تأليف الحكومة.. اتهامات في الداخل وتجاذبات في الخارج!
الكاتب: اللواء

من المكابرة بمكان عدم الاعتراف بأن تأليف الحكومة يمر بأزمة، وهذه الازمة غير مسبوقة، حتى في خضم الأحداث الكبرى، التي عصفت بالبلد منذ العام 2005 مروراً بالعام 2006 إلى فترة اتفاق الدوحة، والفراغ الرئاسي بعد العام 2014، والأزمة هذه تتجاوز الحقائب والوزارات والتسميات، ومَنْ يسمون إلى انعدام الثقة بين مكونات التسوية التي اوصلت الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى.

وبعبارة صريحة بين تيّار المستقبل الذي يقوده الرئيس سعد الحريري وكتلته النيابية والتيار الوطني الحر الذي يقف على رأسه النائب جبران باسيل، وصولاً إلى الثنائي الشيعي: حزب الله، حليف التيار الحر، وحركة «أمل» همزة الوصل مع تيّار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي، ومكونات أخرى في معسكر 14 آذار «القديم».

المشهد الحكومي في لبنان، اقترب من مشهد تأليف الحكومات في العراق، سواء على مستوى من يؤلف الحكومة، أو اختيار الوزراء أو الثقة وسحب الثقة، فضلاً إلى الحركة الاحتجاجية في الشارع.

وانعدام الثقة بين المكونات، استند إلى تداعيات 17 ت1، والكورونا، واخفاق حكومة حسان دياب، وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت، وحجم الهريان والفساد الذي كشفه واكتشفه على أرض الواقع الرئيس ايمانويل ماكرون، واطلق مبادرة لإنقاذ ما يمكن انقاذه، وصولاً إلى تسمية السفير اللبناني في المانيا مصطفى أديب لتأليف «حكومة مهمة» من اخصائيين.

وأمس غرد الرئيس الحريري إن وزارة المال وغيرها من الحقائب الوزارية ليست حقا حصريا لأي طائفة في البلاد، في إشارة إلى قضية تمثل جوهر خلاف حول تشكيل الحكومة الجديدة.

وذكر الحريري على تويتر أن رفض فكرة تداول السيطرة على الوزارات يحبط «الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين»، في إشارة إلى مساع فرنسية لحمل الزعماء اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة وتبني إصلاحات.

وكشفت هذه «التغريدة» عن خلاف مستحكم مع الفريق الذي يتمسك بإبقاء حقيبة المال من حصته، أي فريق «الثنائي الشيعي»، وتتهمه التغريدة بأنه «يحبط الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين».

لكن «الثنائي» الذي لم يذهب إلى «التغريدة» بنشط في الاتصالات وما وراءها، إلى تحميل الرئيس الحريري بصورة شخصية بعرقلة المبادرة الفرنسية «والساعي إلى تخريب البلد» والمغرد خارج المبادرة الفرنسية لمصلحة «تنفيذ تعالمي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو»..

يتهم الثنائي، حسب قيادي بارز فيه الحريري بأنه يتحرك إلى «الانتقام من جبران باسيل والعهد» غير عابئ بالعلاقة مع الرئيس نبيه برّي.

ويلوح الثنائي باللجوء إلى الشارع، رفضاً لما يسميه فرض خيارات عليه، ويكشف القيادي ان الرئيس عون كان يتجه للذهاب باتجاه «البصم» على التشكيلة، لو لم يُبادر أحد لتنبيهه إلى خطورة التوقيع هذا.

الأليزيه: الوقت لم يفت

والثابت، ان الاليزيه لم يسلم بالوقائع اللبنانية، التي رست على اعتبار المبادرة الفرنسية بحكم الميتة، واعتذار أديب يعني ان الوقت حان لدفنها.

فبعد اجتماع خلية الأزمة الذي رأسه الرئيس ماكرون شخصياً تقرر: الاتصال بالرئيس اللبناني المكلف تشكيل الحكومة، وثنيه عن الذهاب إلى خيار الاعتذار، وإطلاق دفعة جديدة من الاتصالات، بالتفاهم مع الأطراف المعنية، ومنها اتصالات تجريها باريس مباشرة مع الأطراف اللبنانية، ومنها الاجتماع، الذي عقد بين مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي والسفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه، والذي لم ينتهِ لما يريده الجانب الفرنسي.، من نظرية موقف الثنائي الشيعي، مع ان الاجتماع عقد بناءً لطلب فوشيه، وعلى الارجح بناءً لجهة رسمية شيعية.

وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية أمس «لم يفت الأوان. على الجميع الاضطلاع بالمسؤولية والتصرف في النهاية بما يخدم مصلحة لبنان وحده»، مضيفا أنه يتعين على الساسة دعم جهود رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب.

ويسعى أديب لتشكيل حكومة للبدء في تنفيذ خارطة طريق فرنسية. وقالت مصادر إنه سعى لتغيير السيطرة على الوزارات، وكثير منها تتولاها نفس الفصائل منذ سنوات.

وقال النائب السابق وليد جنبلاط على «تويتر» «يبدو أن البعض لم يفهم أو لا يريد أن يفهم بأن المبادرة الفرنسية هي آخر فرصة لإنقاذ لبنان ومنع زواله كما قال وزير خارجيتها بكل وضوح».

وكان جنبلاط يشير إلى تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الذي قال الشهر الماضي إن لبنان قد يكون مآله الزوال إذا لم تنفذ الإصلاحات اللازمة.

وقال سيمون أبي رميا النائب عن التيار الوطني الحر على تويتر «لدينا فرصة تاريخية من خلال المبادرة التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون، ونحن أمام 24 ساعة مفصلية فإما ينتصر منطق العقل ونتجه إلى تشكيل حكومة جديدة، وإما ينتصر منطق التعنت والتصلّب ويعتذر الرئيس أديب وندخل بعدها في مرحلة جديدة».

إصرار على الخرق

ولاحظت مصادر سياسية متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة ان هناك اصرارا من الجانب الفرنسي على تحقيق اختراق جدي في مسار عملية التشكيل العالقة بمطالبة الثنائي الشيعي بوزارة المال مقابل رفض معظم الاطراف السياسية الاخرى هذا الاستثناء الذي يطيح اعتماد مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الوزارية الذي يشكل الركيزة الأساس وعنوان الحكومة العتيدة ويفتح الباب لمطالبة باقي الاطراف بوزارات اخرى كوزارة الطاقة وغيرها، ما يؤدي حتما الى ولادة حكومة محاصصة مستنسخة عن الحكومات السابقة وتحديدا الحكومة المستقيلة تفتقر الى القدرة على القيام بالاصلاحات المطلوبة او كسب الثقة الشعبية المفقودة واعادة الانفتاح على العب والمجتمع الدولي. واشارت إلى ان تمديد مهلة تشكيل الحكومة لفترة محدودة، يدل على إعطاء كل الاطراف مهلة جديدة للاتفاق فيما بينهم،بالرغم من السقوف المرتفعة التي تبناها البعض، باعتبار ان الهدف النهائي هو التوصل الى تشكيل حكومة جديدة تتولى القيام بالمهمات الجسيمة التي تتراكم يوما بعد يوم وتثقل حياة المواطن اللبناني وتؤشر لمخاطر غير محمودة وتداعيات سلبية خطيرة في حال لم يتم التوصل الى تشكيل الحكومة العتيدة.

واستغربت المصادر كيفية تحول الالتزام والاتفاق الذي تعهد به جميع الاطراف امام الرئيس الفرنسي لتشكيل حكومة انقاذ مصغرة من اخصائيين استنادا إلى الورقة الفرنسية، تتولى القيام بالاصلاحات المطلوبة بين ليلة وضحاها إلى حكومة محاصصة ومطالب تخالف كليا التعهدات المقطوعة وتنقلب على وعود التسهيلات لاجراء الاصلاحات البنيوية والهيكلية المطلوبة وتعيد تكريس الأمر الواقع، بما يعطي انطباعا بأن هناك محاولة مكشوفة لتوظيف مسار تشكيل الحكومة الجديدةوتسهيل ولادتها على أساس المبادرة الفرنسية في حصول الراعي الايراني لحزب الله على الأثمان السياسية من الجانب الفرنسي ولا سيما بالملفات الاستراتيجية التي تهم ايران مع الغرب وباستطاعة فرنسا القيام بدور مساعد فيها بالرغم من الموقف الاميركي المعادي لطهران بهذا الخصوص. وتعتقد المصادر ان رفع سقف مطلب الثنائي الشيعي بتشكيل الحكومة على هذا النحو قد دخل عمليا في هذا المنحى الاقليمي بالرغم من محاولات اظهاره تحت مسميات وعناوين تتعلق بالتركيبة الطائفية والمذهبية الداخلية، وهو ماكان يمكن تخطيه بسهولة لو كان كذلك، في حين يلاحظ ان التشدد بالشروط والمطالب هدفه افتعال مشكلة بوجه المبادرة الفرنسية تتجاوز لبنان والهدف فتح باب التفاوض الفرنسي مع الجانب الايراني لاطلاق سراح تشكيل الحكومة اللبنانية، ويبقى تقدير الاثمان التي يرغب الايرانيون بتحصيلها مقابل ذلك.