Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر September 11, 2020
A A A
هل يشكل أديب حكومته الأحد أو يشهر ماكرون سيف عقوباته؟
الكاتب: عمر البردان - اللواء

مهما قيل في هذه الطبقة الحاكمة، يبقى قليل عليها وهي التي أجرمت في حق شعبها وأوصلته إلى الحضيض والإفلاس والفقر، بعد كل الذي ارتكبته من موبقات وعمليات فساد وإفساد يندى لها الجبين طيلة السنوات الماضية، وما جرته من ويلات ومآسى على هذا الشعب المسكين الذي ما عاد قادراً على التحمل. إذ كيف يعقل أن يحصل هذا الحريق الهائل في السوق الحرة في مرفأ بيروت، أمس، وهو الأضخم الذي يصيب المرفأ بعد كارثة الرابع من آب؟ ولماذا حصل ما حصل في ظل وجود كل الأجهزة الأمنية في هذه المنطقة التي يتم التعامل معها على أنها منطقة أمنية يحظر الدخول إليها؟ . إنها الفضيحة الكبرى بعينها إذا صح التعبير التي لا يجوز السكوت عنها، في وقت تثار علامات استفهام كبيرة حول التحقيقات الجارية بشأن زلزال المرفأ. فبعد أكثر من شهر على وقوع هذه الجريمة المروعة، لم تصل التحقيقات إلى شيء حسي، بعدما كانت السلطة الحاكمة والمتحكمة برقاب الناس، قالت أنه في غضون خمسة أيام سيتم كشف الحقيقة ومعرفة تفاصيل ما جرى، ومن يقف وراء هذه الكارثة المروعة.
ما جرى في المرفأ من حريق كبير والذي لم تكشف تفاصيله بشكل وافٍ، يستدعي التحرك وبسرعة لمعرفة أسبابه وكيفية حصوله، في ظل هذا التواجد العسكري والأمني الكثيف الذي حوّل حرم المرفأ إلى ثكنة عسكرية، توازياً مع تزايد الحديث عن أنه حريق مفتعل بحاجة إلى توضيح من جانب الأجهزة الأمنية والقضائية التي تتولى الحماية الأمنية في تلك المنطقة. باعتبار أن هناك حالة انعدام ثقة بين المواطن اللبناني ودولته، ظهرت بوضوح من خلال الحملة الشعواء التي شنت على الطبقة الحاكمة بعد كارثة المرفأ والمطالبة باستقالتها، بدءاً من أعلى الهرم، وسط حالة من الغضب العارم على القيادات السياسية التي تتحمل مسؤولية أساسية في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه.
ورغم كل الفضائح التي تتوالى في هذا البلد، فإن فضيحة الفضائح تبقى في هذا التسيب الفاضح وعدم الشعور بأدنى حس بالمسؤولية في عملية تشكيل الحكومة التي لا تزال تراوح دون التوصل إلى نتائج حاسمة قبل يومين من موعد انتهاء مهلة الأسبوعين التي حددتها المبادرة الفرنسية، وتنهي الأحد المقبل، حيث لا زالت العراقيل تحاصر مهمة الرئيس المكلف مصطفى أديب الذي يصر على تنفيذ المبادرة بحذافيرها، في حين أن هناك من يريد أن يأخذ منها ما يناسبه، بدليل أن حركة «أمل»  لا تريد التخلي عن وزارة المالية، الأمر الذي سيدفع «التيار الوطني الحر» إلى التمسك بوزارة الطاقة، وهو ما يرفضه الرئيس أديب الذي يشدد على مبدأ المداورة التزاماً ببنود المبادرة الفرنسية نصاً وروحاً.
وأشارت المعلومات لـ«اللواء»، أن الأيام القلية المقبلة ستكون حاسمة لناحية التأليف أو الدخول في الدوامة مجدداً، على غرار ما كان يحصل في تأليف الحكومات في السنوات الماضية. لكن استناداً إلى هده المعلومات فإن الرئيس أديب لا يمكن أن يقبل بأن تتجاوز عملية التأليف مهلة الأسبوعين، بعدما أصبح لديه رسم تشبيهي سيعرضه على رئيس الجمهورية ميشال عون عندما يلتقيه في الساعات المقبلة. وهو سيتخذ القرار المناسب الذي يتوافق مع قناعاته الوطنية، إذا لمس أن هناك من يسعى جدياً لإفشال مهمته، من خلال وضعه أمام الأمر الواقع، من أجل دفعه لتلبية شروط بعض القوى السياسية التي لا زالت تتعامل مع التأليف، كما كانت تتعامل في السنوات الماضية.
وأشارت المعلومات، أن زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى باريس، كانت بهدف الطلب من الجانب الفرنسي التدخل من أجل العمل على إزالة بعض العقبات التي تعترض التأليف، في حين ذكرت معلومات أن الرئاسة اللبنانية تريد إجراء بعض التعديل على هذه المبادرة من أجل تسهيل التأليف، لكي تتم الولادة الحكومية في الأيام القليلة المقبلة، دون بروز إشارات حسية بإمكان تجاوب الطرح الفرنسي مع الرغبة الرئاسية اللبنانية. لكن ما يجدر التوقف عنده أن العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فينيانوس، سيتزايد التعقيدات أمام تشكيل الحكومة، في حين تتجه الأنظار إلى ما سيفعله الرئيس المكلف الذي بات في وضع لا يحسد عليه بعد اشتداد الخناق على «حزب الله» جراء هذه العقوبات.
وتشير المعلومات، إلى أن القيادة الفرنسية تراقب عن كثب الترجمة اللبنانية لمبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون، لكي يبنى على الشيء مقتضاه، بحيث أن التأخير المتعمد في تأليف الحكومة من جانب هذا أو ذاك، سيرتب تداعيات بالغة الخطورة على لبنان، وسيدفع باريس إلى وضع سيف العقوبات على الطاولة وبقوة، كما هدد الرئيس ماكرون الذي سعى جاهداً لإنقاذ لبنان من الانهيار، سيما وأن هناك في لبنان من لا يريد أن يتعلم من التجربة، ويريد الإمعان في مكابرته وعناده من أجل مصالحه على حساب مصلحة شعبه، الأمر الذي قد يجعل الفرنسيين يفكرون بالخيار الذي أرادوا تفاديه طويلاً، في وقت يبدو بوضوح أن هناك تنسيقاً أميركياً فرنسياً في ما خَص الوضع في لبنان، وهذا ما بدا من خلال صدور العقوبات الأميركية، في وقت يجري العمل على تنفيذ المبادرة الفرنسية في لبنان التي وصلت إلى مرحلة دقيقة، بعدما شارفت على نهايتها.