Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر August 9, 2020
A A A
امراء الفتنة في لبنان.. هل يتحملون اللعب على المكشوف؟
الكاتب: العالم

قلنا سابقا ان ما بعد الرابع من آب سيكون مختلفا عما قبله. والمختلف في الامر هو ان تبعات اي سيناريو يفرض نفسه على الساحة اللبنانية سيكون مؤثرا في رسم ملامح الحياة السياسية في المرحلة المقبلة.
منذ اللحظة الاولى للانفجار في مرفأ بيروت، بدات الاصطفافات المترافقة مع تحريض ممنهج لم يخل من نكهة مذهبية ابطالها معروفون في الداخل والخارج. بدات اعمال رفع الانقاض وبدأ الضيوف العرب والاقليميون والدوليون يتوافدون الى لبنان، بعضهم بغرض تقديم المساعدة وبعضهم بغرض فرض شروط واخرون لتسجيل موقف لا اكثر.
في مكان اخر من لبنان كان هناك من يحضر نفسه لتنفيذ ما اوكل اليه، مشروع الفتنة. بدأت قنوات لبنانية تبث سموم التفرقة على هواء بات ملوثا بالكراهية اكثر من نترات الامونيوم. مر يومان وثلاثة واربعة وجاء دور المرحلة الثانية. نزلت مجموعات الى الشارع، ليس للمساعدة في رفع الانقاض كما يفعل اكثر شباب لبنان بل للتظاهر ضد الحكومة التي لا ناقة لها ولا جمل في قصة فساد امتدت منذ اتفاق الطائف حتى اليوم وكانت نتيجتها الانفجار الهائل في مرفأ بيروت.
وليس هذا فقط، المرحلة الاخرى يتم تنفيذها فكان مشهد المشانق التي علقت لمجسمات تصور الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس البرلمان نبيه بري. ولا داعي هنا للدفاع عنهما لانهما ليسا بحاجة لمن يدافع عنهما. المهم هو المآرب من وراء ما حصل. بالتفسير العلمي والنفسي والاجتماعي sociology والاجتماع السياسي political sociology وحتى التفسير الشعبي والعادي.. كل ما حصل هو للفتنة ولا شيء غير الفتنة.
في ظل كل هذا المشهد المتكامل للفتنة، اطل احد اربابها وهو زعيم حزب لبناني معروف للقاصي والداني نشأ كميليشيا ذهب ضحيتها لبنانيون من كل الاديان والطوائف اللبنانية. اطل بثياب الواعظين والوطنيين. لكن كل لبناني ما زالت ذاكرته قوية يعرف ان حضور هذا الشخص يعني الفتنة. للامانة السياسية والانسانية من الضروري القول ان معظم الاطراف اللبنانية حتى تلك المناوئة للمقاومة لا تجرؤ على السير في طريق الفتنة، لكن هناك من يجرؤ لانه ينتهي في السلم وينتهي في التعايش والوطنية، ويعيش على الدم والتفرقة.
الملفت الاخر في المشهد اليوم هو فرحة الاسرائيلي بما يحصل. وهذا كاف للدلالة على خلفية ما يجري. هناك من هلل داخل كيان الاحتلال لمشهد المشانق، وهناك من هلل في الداخل اللبناني لنجاح مساعيهم حتى الان في زرع الحقد والكراهية لدى بعض اللبنانيين.
في ظل كل ذلك لا بد من التاكيد على امر مهم للغاية.
المطلوب من كل الشارع اللبناني الوعي وعدم الانجرار وراء المشادج التي يراها وتريد جره الى هاوية الصراع. من يقفون وراء هذه المشاريع قلة، وما يحركهم مصالح خاصة وليست وطنية ومن الضروري عدم اعطائهم اكثر من حجمهم والانجرار الى لعبتهم.
على كافة القيادات الحزبية والدينية والاجتماعية في لبنان الدعوة للتلاقي وانقاذ ما تبقى من الكيان اللبناني، وقطع الطريق امام مساعي جر البلاد الى الصراع.
لا بد من تسمية الامور باسمائها وتوصيف كل من يريد الدم وكل من يريد انقاذ البلد. ومن الضروري العمل على ايجاد سلطة تجمع كل الاطراف التي تريد وحدة لبنان والتعايش والسلام. ولا ضرر من مؤتمر وطني يجمع كل الافرقاء المجتمعين على رفض الدم والعنف، والتوافق على خارطة طريق يقدم فيها الجميع تضحيات لانقاذ ما تبقى.
يجب الالتفاف حول الجيش اللبناني لانه المؤسسة الوحيدة التي تجمع اللبنانيين بمختلف اطيافهم وانتماءاتهم، والمس بها يهدد المعقل الاخير للسلم الاهلي في لبنان.
اللعب على وتر الفتنة بات على المكشوف، ومن يلعبون بنار التفرقة لا يدركون انهم سيحترقون فيها قبل غيرهم، لانهم بكل بساطة اضعف من ان يتحملوا تبعات اللعب على المكشوف لان اللبناني ليس ساذجا وذاكرته قوية ويعرف من يقدم الدم لحماية لبنان ومن يستغل الدم لحماية مصالحه ومصالح رعاته.