Beirut weather 15.77 ° C
تاريخ النشر July 14, 2020
A A A
إيطاليا بدأت بمساعدة لبنان… والإستقرار فيه مصلحة أوروبية ودولية
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

تُحاول الدول الأوروبية مساعدة لبنان، من خارج صندوق النقد الدولي، بهدف إنقاذه من المأزق المالي والنقدي والإقتصادي والمعيشي الذي يرزح تحته في ظلّ تفاقم عدد المصابين بوباء «كورونا» فيه أخيراً، وعدم وصوله بالتالي الى الإنهيار الكامل أو الإفلاس. وتنطلق هذه الدول، ولا سيما فرنسا وإيطاليا من كون الإستقرار في لبنان مصلحة ليست داخلية وحسب، إنّما هي مصلحة شرق أوسطية، وأوروبية – متوسطية ودولية، فيما الجوع والبطالة وإقفال المدارس الكبرى وعدم التعلّم وعدم تأمين المصارف للسيولة وغير ذلك.. كلّها أمور تُنذر في نهاية المطاف بانفجار العنف، ما يؤدّي بالتالي الى زعزعة الإستقرار الذي لا يزال ينعم به لبنان حالياً رغم كلّ الأزمات.

مصدر ديبلوماسي واسع الإطلاع أكّد أنّ الدول الأوروبية الداعمة للبنان في مؤتمر «سيدر»، ومن ضمن صندوق النقد الدولي، لديها مخاوف عبّرت عنها للمسؤولين اللبنانيين حول إمكانية تعثّر وعدم انطلاق العملية الإصلاحية، وهي مخاوف يتقاسمها معها وزراء الحكومة الحالية. ولا ترمي الحكومة المسؤولية على أحد، بل تمضي في تنفيذ الخطة الإصلاحية، والتي عليها بالطبع الإسراع فيها، لكي تؤتي بنتائج فعلية وملموسة على أرض الواقع. فهذا الأمر يُعطي مصداقية، والأوروبيون مستعدّون لأن يقفوا الى جانب لبنان ويواكبوه ولكن عليه بالتالي أن يُعطي شيئاً.. (على ما قال وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان أخيراً أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي للسلطات اللبنانية «ساعدونا لنُساعدكم»).

وعن الملف الذي يُحضّره البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عن حياد لبنان لرفعه الى الفاتيكان، وعمّا إذا كان قد ناقشه وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي مع المسؤولين الإيطاليين الدينيين خلال زيارته الرسمية الأخيرة، أشار الى أنّ الوزير حتّي قد تحدّث معهم عن أهمية إنقاذ لبنان سيما وأنّ التنوّع اللبناني هو كما هو، والسياسة اللبنانية كذلك، ولم يبحث بالتالي في أي ملف يُحضّره صاحب الغبطة أو أي شخص آخر. وأكّد أنّ حاضرة الفاتيكان هي من أكثر الدول إطلاعاً على الأوضاع في العالم كافة، والأكثر متابعة وتواضعاً وحكمة، وهي مهتمّة باستقرار لبنان دون أي شكّ، وبشروط الإستقرار المجتمعي، على ما يُسمّيه حتّي.

وفيما يتعلّق بخوف الفاتيكان على مسيحيي لبنان من الإنهيار الشامل، لفت المصدر نفسه الى أنّ المسؤولين فيه قد أبلغوا الوزير حتّي أنّهم على اتصال مع الأطراف الدولية المؤثّرة كافة، وهم على اتصال جيّد مع الولايات الأميركية المتحدة لتسهيل عملية إنقاذ لبنان، وموقفهم هذا يُريح سيما وأنّه لديهم ثقل وإدراك فضلاً عن إمكانية الإتصال بالأطراف المؤثّرة.

وعمّا إذا كانوا يتخوّفون من الفوضى أو من تقسيم لبنان، أجاب المصدر الديبلوماسي أنّه في الكلام الديبلوماسي يتمّ إبداء القلق من غياب الإستقرار، مع التشديد على أهمية استقرار لبنان في المنطقة دون الدخول في التفاصيل. ولهذا فإنّ الدور الإيطالي متمسّك بمهمة قوة الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان، وكذلك فرنسا وسواها خصوصاً وأنّ هناك عواصف في المنطقة، وثمّة خشية من حصول أمر طارىء ما.. فيما يؤكّد لبنان على تمسّكه بالقرار 1701 بمندرجاته كافة، لا تغيير في المهام كما هي واردة، ولا تغيير في العديد لأنّها تقوم بهذه المهام. من هنا، فإنّ دور «اليونيفيل» حالياً هو أكثر من أساسي، فلو لم تكن موجودة، لا سمح الله، فما هي الرسالة التي سنرسلها في المنطقة، على ما تساءل، إذ يُصبح احتمال فتح جبهة مُمكناً وقد يستفيد منها أي أحد.

وإذا ما كانت زيارة الوزير حتّي لإيطاليا والفاتيكان قد مهّدت لزيارة رئيس الحكومة حسّان دياب اليهما قريباً، أوضح أنّ زيارات على مستوى وزير الخارجية تُمهّد بالطبع لزيارات كبار المسؤولين في لبنان، وتُعطي شحنة للعلاقات بين البلدين دون شكّ، وتُمهّد لأن تُتوّج بعد ذلك باتصالات على مستوى أعلى، سيما وأنّ إيطاليا متمسّكة بتعزيز العلاقات بين البلدين وباستمرار دعمها للجيش اللبناني والتعاون معه. وأشار الى أنّ إيطاليا تدعم لبنان على صعيد الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، سياسياُ وإقتصادياً وهي مستعدّة لأنواع التعاون الإقتصادي كافة، ولمواكبته للخروج من المأزق.

وعمّا إذا كان دعم ايطاليا للبنان مشروطاً، أوضح المصدر نفسه أنّه يجب التمييز بين أمرين: المساعدات الإنسانية والتنموية العاجلة التي قد يُضطر لبنان لها، والتي أبدى الإيطاليون رغبتهم بمساعدته بها مثل «الصندوق الدولي للتنمية الزراعية» الذي بدأ بمشاريع عدّة تُساعد لبنان حالياً، والمساهمة في برامج الخطّة الإصلاحية اللبنانية حيثما يمكن أن يُساهموا مباشرة وعبر مؤتمر «سيدر»، وبين ما يتطلّعون اليه مستقبلاً من تعاون إقتصادي مستقبلي أي شراكات إقتصادية لاحقة يستفيد منها البلدان. ولا يفرض الإيطاليون شروطاً، إنّما بقدر ما تنطلق الحكومة بعملية الإصلاح الحقيقي والفعلي والشامل وتُسرّع خطواتها، من أجل لبنان أولاً وليس من أجل الآخرين، بقدر ما هم مستعدّون لأنّ يُصبحوا شركاء للبنان على الصعيد الإقتصادي وسواه.

وفيما يتعلّق بالتنقيب عن النفط وترسيم الحدود البحرية سيما وأنّ شركة «إيني» الإيطالية هي أحد أطراف تحالف الشركات الثلاثي المعني بالتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9 في المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان، أوضح المصدر نفسه أنّ الوزير حتّي لم يبحث بالبلوك 9 مع الإيطاليين الذين يعلمون موقف لبنان بأنّه يريد الوصول الى ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي. غير أنّه تبلّغ منه أنّه لديهم مصلحة للإستثمار في لبنان مستقبلاً. فقد أبلغوه أنّه عندما تنطلق الحكومة، هم مستعدّون لأن يدخلوا في الإحتمالات والإمكانات الموجودة كافة لعقد شراكات إقتصادية نفطية مع لبنان، كقطاع خاص، وليس بالضرورة من دولة لدولة، إذ لديهم مصلحة في ذلك.