Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر June 19, 2020
A A A
إليكم ما أوردته “الجمهورية” في إفتتاحيتها
الكاتب: الجمهورية

“وجِّهت الدعوات وتوقُّع مقاطعات.. والحكومة تـــبحث «الخيار الشرقي»”.
تحت العنوان أعلاه، كتبت صحيفة الجمهورية في افتتاحيتها:

توزّعت الإهتمامات والإتّصالات والمشاورات أمس بين التحضير للّقاء الوطني المقرّر في بعبدا الخميس المقبل والمشاورات الجارية حول حضور المدعوين إليه والغايات المرجوّة منه، وبين التطوّرات الجارية على الصعد الإقتصادية والمالية والنقدية في الوقت الذي ناقش مجلس الوزراء خيار توجّه لبنان شرقاً لمعالجة الأزمة وعدم الاعتماد على الغرب فقط، خصوصاً في ظلّ الإنهيار الذي تعيشه البلاد، إلّا انه لم يتخذ قراراً نهائياً في هذا الصدد.
وقد أظهرت الإتّصالات أمس أنّ «لقاء بعبدا» الموعود يواجه عقبات كثيرة خصوصاً على مستوى مشاركة المدعوّين إليه، وفي ظلّ التشكيك بجدواه، خصوصاً أنّ البعض يعتبر أنّه يتجاوز المؤسسات الدستورية والرسمية ومنها السلطتان الشرعية والتنفيذية، إلى حدّ أنّ البعض ذهب إلى القول انّ السلطة تحاول تغطية عجزها عن معالجة الازمة بالدعوة إلى مثل هذه اللقاءات التي ليس لها أي صفة تنفيذية كونها تنعقد خارج المؤسسات الدستورية، وإنما تتخذ صفة معنوية كون الداعي اليها هو رئيس الجمهورية.
وكانت رئاسة الجمهورية وجّهت رسمياً أمس الدعوات الخطية الى اللقاء الوطني المقرر الخميس المقبل في قصر بعبدا، واقتصرت هذه الدعوات على رئيسي المجلس النيابي ومجلس الوزراء ورؤساء الجمهورية والحكومة السابقين، ونائب رئيس مجلس النواب، ورؤساء الاحزاب والكتل الممثلة في مجلس النواب، واستثنت من هذه الدعوات رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني.
وأوضحت الرئاسة انّ الهدف من هذا اللقاء هو «التباحث والتداول في الأوضاع السياسية العامة والسعي للتهدئة على الصعد كافة بغية حماية الاستقرار والسلم الأهلي، وتفادياً لأيّ انفلات قد تكون عواقبه وخيمة ومدمّرة للوطن، خصوصاً في ظل الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي لم يشهد لبنان مثيلاً لها».
وبعد ساعات على توجيه هذه الدعوات باشَرت الدوائر المعنية في قصر بعبدا رَصد المواقف منها، سواء تلك التي أطلقت الى اليوم او تلك الجاري البحث في شأنها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يحاول تفكيك بعض الألغام التي تحول دون مشاركة البعض في اللقاء، أو تلك التي يجريها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي يشرح لمَن يلتقيهم الظروف التي تفرض عقده بغية تبريد الأجواء القائمة في بعض المناطق الحسّاسة وتلك التي تعيش اجواء متشنجة، معتبراً انّ مثل هذا اللقاء سيعزّز الاجواء الإيجابية التي تحتاجها البلاد ومسارات التفاوض الجارية مع صندوق النقد الدولي، وكذلك مع بعض الجهات والدول المانحة بعيداً من الأضواء.
وأوضحت مصادر تواكب المساعي الجارية لعقد اللقاء لـ«الجمهورية» انها لا تتوقف في احتسابها المبكر عند من سيتجاوب مع الدعوة او يرفضها منذ الآن، كما انها لن تأخذ بمضمون البيانات، وإنما ستأخذ بالأجوبة الرسمية التي يردّ فيها المدعوون على صاحب الدعوة.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» أنّ رؤساء الحكومات السابقين الأربعة سيجتمعون الإثنين المقبل للبَت بموضوع تلبية الدعوة او رفضها، في ظل تَرجُّح خيار المقاطعة لديهم في حال بقيت الأجواء السلبية التي أوحى بها معظمهم حتى الآن.
وتحدثت اوساط قريبة من هؤلاء الرؤساء السابقين عن «انّ الظروف والمعطيات المتوافرة حتى اليوم لا تسمح بتلبية الدعوة الى مثل هذا اللقاء بعدما أقرّت معظم الخطط المتخذة، وإن اخضعت لبعض التعديلات فهي بسبب تعدد الآراء من ضمن الصف الواحد، وما لم يكن للقاء أي دور في تحديد الخيارات المقبلة للبنان لن تكون مشاركتهم مفيدة، فهم لن يشاركوا في لقاء للبَصم على ما تقرر او لاستغلال صورة جامعة في غير مكانها. فمعظم المدعوين الى اللقاء لا يوافقون على أي من الخيارات المعتمدة، وخصوصاً إذا صحّت المعلومات التي تحدثت عن موافقة مجلس الوزراء على ما أطلقه الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله من خيارات تخرج لبنان بأسرع ما يتوقعه البعض من النظامين الاقتصادي والمصرفي العالمي لمجرد التعاطي مع دول تخضع للعقوبات الدولية والأميركية، ويستحيل على اللبنانيين خوضها في ظل الاجواء الدولية القائمة حالياً.
وكان موضوع لقاء بعبدا محور بحث في لقاءات تلاحقت بين عين التينة و«بيت الوسط»، فالتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجيه الذي قال انّ رئيس المجلس أبلغه الدعوة الى القصر الجمهوري، وان «الموضوع يدرس، وسنرى كيف تتصرف الكتل وعلى أثره نقرر».
وانتقل فرنجيه الى «بيت الوسط» حيث التقى الرئيس سعد الحريري، وكرر الموقف نفسه من لقاء بعبدا، وقال: «حين أذهب إلى بعبدا أرفع رأس الناس الذين أمثّلهم من خلال مشاركتي، وحين لا أذهب إلى بعبدا أرفع أيضاً رأسهم بعدم المشاركة. لكنّ قرار الذهاب من عدمه لم أتخذه بعد وما زلت أفكر».
وقالت مصادر اطلعت على ما دار في اللقاء بين الحريري وفرنجيه لـ«الجمهورية» انّ هذا اللقاء «كان جيداً وتناولَ البحث في جانب منه اللقاء المقرر في بعبدا الخميس المقبل، وأبلغ الحريري الى فرنجيه أنه سينسّق موقفه من هذا اللقاء مشاركة ام مقاطعة مع رؤساء الحكومة السابقين». واشارت الى انّ فرنجيه يميل الى ربط موضوع مشاركته في اللقاء بموقف هؤلاء الرؤساء، خصوصاً انه لمّح الى «ميثاقية ما» عندما تحدث عمّا يمكن ان يكون عليه الموقف في حال «غياب طائفة» ما عنه.
ولفتت المصادر الى «انّ الحريري وفرنجيه بحثا بالعمق في الاحداث الاخيرة التي حصلت وخطورتها، وشدّدا على وجوب تعاون الجميع لمنع دخول البلاد في أي فتنة».
الى ذلك، أكّدت مصادر «القوات اللّبنانية» أنها «ما زالت في صدد درس موقفها لجهة المشاركة في لقاء بعبدا من عدمه»، وقالت لـ«الجمهورية»: «قيادة القوات اللبنانية وتكتل «الجمهورية القويّة» في حالة تشاور مستمرة لتحديد الموقف المناسب من هذه الدعوة».
على صعيد آخر طرح وزير الصناعة عماد حب الله خلال جلسة مجلس الوزراء ضرورة الانفتاح الاقتصادي على الشرق والبدء بالتحضير له جدياً، خصوصاً في ظل الاستعداد الصيني لتنفيذ مشاريع ضخمة في لبنان.
َوفيما طُرح اقتراح بتشكيل لجنة وزارية لدرس الأمر، بَدا دياب غير متحمّس لتشكيل مثل هذه اللجنة وفَضّل استبدالها بدعوة الوزراء المعنيين الى التشاور في ما بينهم والبحث في الاحتمالات، وبالتالي وضع اقتراحات في هذا الصدد.
الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ الرئيس حسان دياب سيستقبل قريباً السفير الصيني لدي لبنان للبحث معه في فرص التعاون المشترك.
وعلى الصعيد الاقتصادي والمالي أكّد متحدث باسم صندوق النقد الدولي «انّ المفاوضات مع الحكومة اللبنانية معقدة، وتتطلب تشخيصاً مشتركاً لمصدر الخسائر المالية وحجمها». وقال لوكالة «رويترز» انّ «النقاشات مستمرة مع لبنان في شأن تمويل محتمل من الصندوق، وإنّ التركيز منصَبّ على سياسات وإصلاحات تستهدف استعادة الاستقرار». وكشف أنّ «النقاشات الجارية في لبنان معقدة»، وقال: «لبنان في حاجة إلى إصلاحات شاملة ومُنصفة في مجالات عدة، وهو ما يتطلب توافقاً ومشاركة مجتمعية».
وفي موازاة هذا الموقف، شكّل الحدث الذي شهده المجلس النيابي من خلال النتائج التي توصّلت اليها لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن لجنة المال والموازنة مفاجأة من العيار الثقيل، إذ نُسفت الخطة الحكومية التي كان لبنان يتفاوَض من خلالها من جذورها. وبعد التشريح الذي تعرّضت له الخطة في لجنة المال والموازنة، ظهرت الثغرات المميتة، وتبيّن انّ أرقام الخسائر مُبالغ فيها، بلا أي مبرّر علمي أو منطقي.
وفي السياق، أوضح عضو لجنة المال والموازنة، ياسين جابر انّه تمّ التوصّل الى خفض حجم الخسائر المقدّرة في خطة الحكومة من 241 الف مليار ليرة الى نحو 150 ألف مليار، في شكل مؤكّد ومُوافق عليه لدى صندوق النقد الدولي، وقد ينخفض حجم الخسائر الى 82 ألف مليار ليرة في حال تمّ التفاوض مع صندوق النقد الدولي حول المقاربة الجديدة التي توصّلت اليها اللجنة والمتعلّقة بسندات الخزينة بالليرة اللبنانية وديون مصرف لبنان للمصارف.
وكشف جابر انّ خطة الحكومة اعتمدت مقاربة خاطئة في احتساب تقديرات الناتج المحلي في العام 2020 حيث قدّرته عند 26 مليار دولار مقارنة مع 55 مليار في العام 2018، من خلال تحويل حجم الناتج الى الليرة اللبنانية على سعر صرف الـ1500 ليرة وإعادة تحويلها الى الدولار على سعر صرف الـ3500 ليرة. وهي مقاربة غير معتمدة في أي نظرية اقتصادية ومالية. وبالتالي، طالبت لجنة التقصي من مديرية الاحصاء المركزي، تقدير نسبة الناتج المحلي الاجمالي للعام 2020 وفقاً للبيانات المتوافرة، وخلصت التقديرات الى عدم إمكانية تراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي عن 33 مليار دولار.
وقال مصدر متابع لـ»الجمهورية» انّ تداعيات سقوط الخطة الحكومية ستكون واسعة، وقد لا تتوقف عند حدود استقالة مستشار وزارة المال في المفاوضات مع صندوق النقد هنري شاوول.
وفي خطوة تلي موافقة لجنة المال والموازنة النيابية على الارقام والمقاربات التي توصّلت اليها لجنة تقصي الحقائق، علمت «الجمهورية» انّ رئيس الحكومة حسان دياب دعا الى اجتماع للجنة الوزارية المكلفة البحث في الشأن المالي في حضور مسؤولين من مصرف لبنان واللجنة النيابية للبحث في موضوع «الارقام الموحدة»، للتثبّت من إمكان تحوّلها خطوة تدفع بقوة الى استئناف الحوار مع وفد صندوق النقد الدولي.