Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر June 8, 2020
A A A
«بــروفة» أولـيّة للفتـنـة تـدفـع اليها السفارات وأدواتها في الـداخـل
الكاتب: حسن سلامه - الديار

ليس صدفة او مجرد حوادث عابرة ما حصل عصر يوم السبت حتى ساعات متقدمة من الليل، بل انه نتيجة متوقعة لفعل اولئك الذين حاولوا ضخ السموم والفتن من خلال رفع شعار تطبيق ما يسمى القرار 1559، الذي جرى دفنه منذ فترة طويلة، فهؤلاء الذين تحركهم سفارات معادية للبنان والمقاومة وفي الاخص السفارة الاميركية، ومعظمهم يعتاشون على فتات تمدهم به هذه السفارات وباتت اكثريتهم مكشوفة لدى كثير من اللبنانيين ولو انهم اقلية جدا من الذين شاركوا في اعتصام يوم السبت ولدى الجهات الامنية وفق تأكيد مصدر حزبي بارز.
وليس خافياً ان هذه الاقلية تتخذ من الانهيار الذي ترزح تحته البلاد واكثرية اللبنانيين، وعقم القوى السياسية المتحكمة بكل شاردة وواردة في الساحة الداخلية سواء القوى المشاركة في الحكومة او التي بقيت خارجها، فهذه القوى السياسية برغم تفلت الامور الى حدود خطرة لم تبادر مع حكومة حسان دياب ولا في الحكومات السابقة الى القيام بأي فعل جدي يتيح الحؤول دون تمادي هذا الانفلات في الدولة، وكل تفصيل من تفاصيل حياة اللبنانيين بل هي لا تزال تمعن في التغطية على نهب مئات مليارات الدولارات خلال 30 عاماً وتواصل في الوقت نفسه الصراع المستميت على الحصص والصفقات، فكل هذا الاداء منذ تشكيل الحكومة الحالية لم يختلف عما كان سائداً من اداء في عهد الحكومات السابقة.
الا، ان هذا الانهيار لا يبرر لمجموعة من السفارات (ولو كان بعضهم من الذين شاركوا في الحراك ما بعد 17 تشرين الاول) التسلق على ظهر جوع وفقر اللبنانيين لطرح شعارات للحراك الاخير يعرف اصحابها انها مجرد «زوبعة في فنجان» لكن يريد اصحابها طرحها اليوم في ظل ما هو حاصل من انقسامات عمودية بين القوى السياسية دفع البلاد نحو الفتنة والفوضى وبالتالي ما حصل مساء يوم السبت هو «بروفة اولية» يمكن ان تتجه في الفترة المقبلة الى التصعيد ما لم تبادر منظومة الفساد والافساد الى كسر المتاريس الطائفية والمذهبية والبدء الحقيقي بإجراءات جدية لانقاذ البلاد من المخاطر التي باتت برميل بارود قد ينفجر مع اي حدث غير متوقع ومع التمادي في تجاهل خطر الازمة.
ولذلك، فلجوء الذين اعتقدوا انه يمكن اعادة احياء القرار 1559، الى رفع هذه الوتيرة اليوم يحمل اكثر من علامات استفهام، وذلك للسعي لتنفيذ اجندات الذين يريدون الفوضى في لبنان بدءا من الادارة الاميركية. ان ساعات ما قبل اعتصام يوم السبت تشير بوضوح الى ان الذين زجوا بشعار تطبيق هذا القرار الذي يخدم مباشرة مخطط الهيمنة الاميركية وحلفائها على لبنان، عملوا بكل ما امكنهم من تنظيم اعلامي غير مسبوق خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليكون غاية الاعتصام الاولى والاساسية اظهار المشاركين فيه بكل تنوعاتهم على انهم من الداعين للسير بالقرار الدولي المشبوه، فكل المعنيين والاجهزة الامنية على دراية كاملة بما كان يحاك من جانب مجموعات معروفة لحصر طبيعة الحراك بهذه الدعوة، وما يمكن ان ينتج من ذلك من فوضى وحوادث قد تؤدي الى الفتنة في وقت تتحرك الادارة الاميركية وعبر سفاراتها في بيروت وبكل الامكانات ليس لمحاولة محاصرة المقاومة بل ايضا محاصرة لبنان من خلال الشروط المطروحة سراً لتجاوب صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان والضغط ايضا لتغيير مهام عمل قوات الطوارئ الدولية حتى يكون دورها تنفيذ شروط العدو الاسرائيلي بالتوازي مع تهديد ادارة ترامب بوقف تمويل قوات «اليوينفيل» وكل ذلك بعد ايام قليلة من صدور قانون «قيصر» الاميركي الذي يتضمن عقوبات لا تستبعد اي مواطن سوري، في كل الشؤون الادارية والحياتية بحجة الضغط على الدولة السورية للإذعان للشروط الاميركية، مع توقعات بتعرض لبنان لنتائج خطرة خاصة اذا تماهى مع العقوبات الاميركية.
واذا كان اهل السلطة من جهة الذين يتعاطون مع امور لبنان واللبنانيين وكأن لا ازمات ولا أوضاع مأساوية وكذلك المرتبطون بالاجندات الخارجية الذين شجعوا على الدعوة للاعتصام متلطين بالمطالب الشعبية المحقة ارادوا الدفع نحو الفوضى، فان الاطراف الاخرى والمجموعات التي شاركت في اعتصام يوم السبت الماضي ليسوا خارج المسؤولية عما حصل وما كان يخطط، رغم الفارق الكبير بين بعض الاطراف السياسية التي شاركت مباشرة او بالسر في الاعتصام، وبين بعض مجموعات الحراك المدني التي ترفض التدخلات والاجندات الخارجية وفق الآتي:
– اولاً: ان مشاركة بعض القوى السياسية بدءا بحزب الكتائب بالاعتصام وما سبقه ومواقف تحريضية لقيادات في الحزب بالدعوة لتنفيذ القرار 1559، بحملة مسؤولية مباشرة عن دفع البلاد نحو مزيد من الانقسامات التي رغم مسارعة بعض المسؤولين في الحزب لنفي تنفيذ هذه الدعوة خلال الاعتصام، وكذلك الامر بما خص بعض الاحزاب الصغيرة التي كانت تنتمي سابقا الى فريق 14 اذار كما ان مشهد مجموعات تابعة لبهاء الحريري والمنشقين عن تيار المستقبل وجهات سياسية معروفة ومجموعات اسلامية متطرفة في طرابلس والشمال شكل الرافعة الفصلية لاولئك الذين دفعوا وحرضوا لتوجيه الاعتصام ضد حزب الله والدعوة لتطبيق القرار الدولي المشبوه، كما ان مشاركة مجموعات من انصار القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي وتيار المستقبل، رغم اعلان هذه الاحزاب مباشرة للاعتصام، كل هذه القوى والاطراف والمجموعات لها ضلع بما حصل يوم السبت، وان هذه المشاركة اما انها تتبنى بالخفاء الدعوة لتنفيذ القرار 1559 واما انها تسعى للفوضى.
– ثانياً: ان مشاركة مجموعات من الحراك المدني التي همها الوحيد احداث تغيير لصالح انقاذ لبنان، ساهمت بحضورها في الاعتصام بتشجيع المجموعات المشبوهة على مزيد من التحريض ومحاولة البناء على الاعتصام للادعاء ان هناك نسبة ولو بسيطة من اللبنانيين مع تنفيذ القرار 1559.
في كل الاحوال، يؤكد المصدر الحزبي ان كل هذا الغبار من اصحاب الاجندات الخارجية مساره السقوط والفشل ولن يؤثر في قوة المقاومة وقدرتها، لكن في الوقت نفسه لم يعد مقبولاً استماتة اهل السلطة وقواها السياسية للابقاء على الستاتيكو السياسي في البلاد، وعلى نفس السياسات التي دفعت لبنان الى منحدر منخفض وخطر جداً.