Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر May 11, 2020
A A A
الخطة الانقاذية لن تضبط آنياً ارتفاع الدولار والمواد الغذائية
الكاتب: جوزف فرح - الديار

لا يمكن القول ان حكومة الرئيس حسان دياب قد ادت قسطها للعلى باعلانها الخطة الانقاذية للاقتصاد واللجوء في صندوق النقد الدولي طلباً للمساعدة التي لن تبصر النور قبل المباشرة بالحوار المتوقع هذا الاسبوع، الا ان المساعدة المادية لن تصبح متاحة قبل عدة اشهر هذا اذا تمت الموافقة على شروط الصندوق.
المواطن لا يمكنه الانتظار ومتابعة جلسات الحوار التي ستجري بين الحكومة والصندوق بينما الدولار يحلّق ضارباً عرض الحائط كل الخطوط الحمر حيث ذكر ان يصل هذا الاسبوع الى خمسة الاف ليرة وبالتالي تفقد قيمة الرواتب نحو 70 في المئة من قيمتها، لما ان اسعار السلع والمواد الغذائية والتموينية في ارتفاع مستمر حتى في اليوم الواحد مما ادى الى عدم قدرة المواطن على شراء حاجياته وبات يعيش في دوامة الارتفاع الجنوني دون اي رادع قانوني او اخلاقي من المحلات التجارية والسوبرماركت.
اليوم يريد المواطن هذه الخطة التي لها سلبيات وايجابيات للخروج من القعر الذي وصل اليه وانتشاله من الهاوية التي اوقعه فيها المسؤولون السياسيون، ولكن هذا المواطن يريد اتخاذ تدابير عاجلة وسريعة تجاه موضوع ارتفاع سعر الدولار وموضوع ارتفاع سعر المواد الغذائية والتموينية، والا ستذهب محاولات الحكومة سدى اذا لم تعالج هذين الموضوعين اللذين يقضان مضاجع كل اللبنانيين.
ثمة بارقة امل ظهرت في الاسبوع الماضي تتم عن نية الحكومة في المعالجة، الاول عبر اعتقال اكثر من 80 صرافاً قانونياً وفي مقدمهم نقيبهم محمود مراد الذي يتحدث عن مناقبية زملائه في عالم الصيرفة، لكنه وقع في قبضة الاجهزة الامنية وكانت غلطته بالف غلطة على اعتقال زملاؤه، بعد ان ذكر انه احد المتلاعبين بسعر الدولار.
واذا كان الصيارفة لا يعملون فكيف استمر ارتفاع الدولار؟ هذا السؤال يؤكد ان البعض حتى الصيارفة وان كان لا يعمل فانه يقوم بعمليات «ديليفري» لزبائنه وهذا ما ستعمل على مكافحته الاجهزة الامنية التي ستلاحق كل متلاعب بالدولار الى بيته، اضافة الى ذلك فان هؤلاء يعتبرون ان ارتفاع الدولار سببه السوق السوداء التي يعمل فيها اكثر من 3000 صيرفي غير شرعي وان المطلوب ملاحقتهم وضبط الايقاع حول التسعير الرسمي للدولار والالتزام بتعاميم مصرف لبنان وسعر الصرف المحدد من قبل السلطات الرقابية رغم التحديات والصعوبات الكبيرة التي ترافق التنفيذ حيث يطالب مصرف لبنان تقيد الصيارفة بسعر 3200 ليرة مع هامش ضئيل لربحهم وذلك من اجل تأمين المواد الغذائية الاساسية والطبية.
وقد اكدت نقابة الصيارفة انها ستبقى تحت سقف القانون وانها ملتزمة بتعاميم مصرف لبنان بدليل اضراب الصيارفة مدة اسبوعين ضنا بحسن ممارسة مهنتهم وفقا للاصول والقوانين والقدرات المتوافرة لهم للتعامل مع السوق الذي يفتقد الى مناخ الثقة، ويتعطش الى اجراءات فعلية تلجم ارتفاع سعر الدولار وتلجم معه الصرافين غير الشرعيين.
الجدير ذكره ان القاضي غسان عويدات اصدر قراراً يقضي بتوقيف وحجب التطبيقات الهاتفية لصرف الدولار الاميركي والتي بلغ عددها 15 تطبيقا وذلك بعد تفلت هذا السوق وخروجه عن المألوف حتى بلغ سعر صرف الليرة اللبناينة عتبة الـ4500 ليرة في الايام الماضية.
الا ان بعض الصرافين يعتبر ان بامكان مصرف لبنان ضبط هذا السوق الذي كان فيها اللاعب الاساسي وتمكن من تثبيت سعر صرف الدولار نظرا لامكانياته واحتياطياته من العملات الاجنبية خصوصا ان هذا السوق لا يحتاج سوى الى 3 ملايين دولار، لكن ليس باليد حيلة في ظل «شح الدولار» وتراجع الاحتياطي الذي خصص البعض منه لتأمين ودعم الطحين والدواء والمحروقات كما ان الاتصالات جارية بين المركزي ونقابة الصيارفة لوضع آلية لضبط سوق القطع.
اما بالنسبة لضبط اسعار السلع والمواد الغذائية والتموينية فان تشديد المراقبة من قبل مراقبي مصلحة حماية المستهلك لا تكفي اذ من المفروض ان يتعاون المواطنون مع المصلحة عبر التطبيق الذي اطلقته وزارة الاقتصاد والتجارة بان يكون كل مواطن مراقب، وعلى غرار ما فعله وزير الاقتصاد السابق رائد خوري عندما تمكن من فكفكة مافيا المولدات الخاصة رغم الحملات الشرسة ضده، يجب على الوزير الحالي ان يستمر في ضبط الاسعار وفكفكة «مافيا الاحتكار» في كل مادة من المواد الغذائية والتموينية خصوصاً بما فعله باقفاله احد مصانع الدجاج وتوزيع المضبوط منه على الجمعيات والمؤسسات المحتاجة بدلا من تسطير محاضر الضبط بحق المخالفين التي لا تغني ولا تثمن.
وعمد رئيس الحكومة حسان دياب الى عقد جلسة استثنائية لمتابعة الوضع المعيشي وارتفاع الاسعار الذي بات غير معقول وخصوصاً اسعار المواد الغذائية بعد ان اصبح التسعير مزاجياً وغير مدروس ولا علاقة للاسعار بارتفاع سعر صرف الدولار.
وقد عمد وزير الاقتصاد الى اتخاذ قرار فوري بوضع حد اقصى لهامش الربح للسلع الاساسية من خلال تعديل الهوامش المحددة في قرار متخذ منذ السبعينيات وكذلك التحقق من تطبيق المعايير نفسها لدى المتاجر ومراقبة السعر والمطابقة مع الفاتورة.
كما اتخذ 17 اجراء في سياق ضبط فلتان الاسعار ومنها الاستعانة بمراقبين من وزارة السياحة والبلديات للمؤازرة، بعد ان اعتبر ان الامن الغذائي قضية وطنية ويجب الحزم في قمع اي محاولة للعبث بلقمة عيش اللبنانيين.
ويبقى التنفيذ… فاذا استمرت الاجهزة الامنية في مراقبة وضبط سوق القطع واذا استمر مراقبو حماية المستهلك في مراقبة وضبط سوق المواد الغذائية والتموينية فانه يمكن الوصول الى النتيجة التي يتمناها المواطن اليوم وليس بعده.