Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر April 17, 2020
A A A
الخطة الإنقاذية.. صندوق سيادي من أملاك الدولة واقتطاع «اختياري» من الودائع
الكاتب: لينا الحصري زيلع - اللواء

مع تفاقم الاوضاع الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان صعوبة والتي تنعكس على الأوضاع الاجتماعية، تنكب الحكومة على وضع خطة اقتصادية انقاذية من اجل القيام بمحاولة للحد من الخسائر اليومية التي يتكبدها الاقتصاد اللبناني، وبطبيعة الحال فإن المواطن أصبح يعاني من ازمات ومشاكل اكبر من استطاعته تحملها.
وفي انتظار التوافق على الخطة الانقاذية، يعمل رئيس مجلس الوزراء حسان دياب على استمزاج آراء عدد من الاقتصاديين والماليين للاطلاع منهم على اقتراحاتهم وأفكارهم، التي قد تساعد الحكومة للوصول الى خارطة طريق اقتصادية مالية تكون قابلة للتنفيذ ومقبولة دوليا.
وفي هذا الإطار، فإن اقتراحات مالية قاسية ستصدر يوما بعد يوم تطال المواطن اللبناني بشكل مباشر، وبعد «الكابيتال كونترول» الذي سقط قبل اقراره بسبب رفضه من الطبقات السياسية والشعبية، ها هو اقتراح «الهيركات» الذي يطال أموال المودعين بشكل مباشر، يلاقي مصير الاقتراح الذي سبقه وهو يواجه بمعارضة أكبر وأقسى.
من هنا، ينكبّ رئيس الحكومة على انجاز الخطة الاقتصادية وهو يستعين بالورقة التي كانت وضعتها حكومة الرئيس سعد الحريري عشية استقالتها عقب ثورة 17 تشرين الاول، ويدرس بشكل جدي المقترحات التي كانت قدمتها شركة الاستشارات العالمية «ماكنزي»، وهي وبحسب مصادر اقتصادية مالية التقت الرئيس دياب، ووضعت اقتراحاتها بشكل محترف خصوصا انها نالت موافقة الاطراف السياسية. وتشدد المصادر على رفضها ان تضع الدولة يدها على اموال المودعين من خلال سياسة «الهيركات، وتعتبر ان على الدولة الاعتراف بمسؤوليتها عما وصلت اليه الامور وليس فقط على مصرف لبنان والمصارف حيث اقتصر دورهما على اعطاء الدولة الديون ولكن هي من قامت بصرف الاموال. وترى المصادر ان على الحكومة العمل لانشاء صندوق سيادي يتم تمويله من املال الدولة اللبنانية ومرافقها من مشاعات واملاك بحرية واتصالات والكازينو وغيرها، ويساهم فيه المودعون حيث يمكن استبدال قسم من ودائعهم بأسهم في هذا الصندوق، بعد موافقة المودع بطبيعة الحال بالمساهمة فيه، من خلال وضع جزء من مدخراته المصرفية، وعندها يتم وضع الية من اجل ادارة هذا الصندوق بطريقة ان لا تكون الدولة وحدها هي من تديره، خصوصا ان الجميع يعلم بأن الثقة مفقودة بين المواطن ودولته. لذلك تشدد المصادر المالية على وجوب ان يشرف ممثلون عن القطاع الخاص والنقابات والقضاة ومصرف لبنان ومدققون دوليون للحسابات يتمتعون بثقة داخلية وخارجية لادارة هذه المحفظة.
وحول كيفية اطلاق فكرة «الهيركات» تعتبر المصادر ان هناك بعض المستشارين المحيطين بالرئيس دياب هم من اسدوا اليه هذه النصيحة إضافة الى مؤسسة «لازار»، ولكن المصادر تعود لتؤكد بأن رئيس الحكومة لم يتخذ اي موقف نهائي من هذا الموضوع، الذي رُفض من اكثرية المسؤولين وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك من قبل المواطنين والمودعين، لذلك فإن الرئيس دياب يستمع ويتشاور مع عدد كبير من الاقتصاديين والماليين للوقوف عند رأيهم من الموضوع لجوجلة الافكار كافة.
وشددت المصادر على وجوب ان تقوم الحكومة باتخاذ اجراءات من خلال تنفيذ مجموعة خطوات كرزمة واحدة، وتعتبر المصادر ان هناك بعض البنود في الخطة التي تدرسها الحكومة جيدة وضرورية ويمكن تطويرها والعمل على تنفيذها، ولكن لا تزال تفتقد لعدد مهم من الاجراءات.
وتلفت المصادر إلى انه على الدولة اللبنانية توزيع الخسائر بشكل عادل وعليها ان تتحمل الجزء الاكبر من هذه الخسائر، كذلك من واجباتها اغلاق عجز الموازنة لانه لا يجوز ان تبقى الخسائر مستمرة فيها على مدى كل الاعوام، وهي لا تزال حتى اليوم تطلب من المصارف اعطائها المزيد من الديون الجديدة، حيث المؤشرات تؤكد عدم رغبة المصارف بتلبية طلب الدولة.
وتشدد هذه المصادر على ان الاولوية يجب ان تكون بمعالجة ملف الكهرباء، وتؤكد بانه ليس هناك من شيء يمنع من حل هذا الملف في حال تم التوافق السياسي عليه، معتبرة بأن هذا القطاع هو السبب الاساسي في زيادة الدين العام، وتشير المصادر على وجوب ان تلحظ الخطة اعادة النظر في اعداد موظفي القطاع العام، خصوصا الذين يتقاضون رواتب ضخمة، اضافة الى المواضيع المتعلقة بالتهرب الضريبي وغيرها من الامور الاساسية.
وتشدد المصادر على وجوب البحث عن كيفية الوصول الى اقتصاد منتج، وتسهيل القيام بالاستثمارات. وتلفت الى ان هذا ما اقترحته خطة ماكنزي، وتشير الى انه بعد القيام بكل هذه الاجراءات يمكننا طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي الذي لا يمكن ان يقدم لنا اي دعم اذا لم تقم الدولة بإجراء ما هو مطلوب منها.
وتتخوف المصادر المالية من انه «في حال تم دفن اقتراح «الهيركات» حاليا دون ايجاد الحلول سيكون هناك «هيركات» اكبر وأصعب في الاشهر الستة المقبلة»، مشددة على «ضرورة ايجاد الحلول»، وهي تعتبر أن «عدداً من المواطنين يتحملون جزءاً من المسؤولية بإعادة انتخابهم للطبقة السياسية نفسها الى اوصلت البلد الى ما عليه اليوم رغم علمهم بأن الدولة تأخذ الاموال وتصرفها بشكل عشوائي».
وتشدد المصادر على ضرورة ان تكون الخطة الاقتصادية الانقاذية جاهزة في اسرع وقت لأنه لا يمكن لصندوق النقد الدولي تقديم اي مساعدة قبل حصول اصلاحات ملموسة، وتشير الى ان هناك بعض الامور الاصلاحية يمكن القيام بها في الوقت الراهن لكي نبرهن للمجتمع الدولي جدية بالتنفيذ.
وتختم المصادر بالتأكيد على ضرورة عدم تسييس الامور الاقتصادية والمالية التي قد تذهب الى الأسوأ اذا استمر الوضع على ما هو عليه خصوصا اننا في مرحلة نزف خطير.