Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر April 6, 2020
A A A
الخوف على الحكومة من عثراتها… قبل خصومها
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

بعد عاصفة التعيينات المالية التي لم تتمكن الحكومة من تحقيقها، برزت بين مكوناتها مناخات من انعدام الثقة التي ستنعكس عليها سلباً في جملة من الملفات المطروحة اذا استمر هذا المناخ مهيمنا على الجلسات الحكومية المقبلة. وثمة حاجة عند مكونات حكومة الرئيس حسان دياب الى العيش معاً ولو بالاكراه، لأن المعنيين بولادتها، ولا سيما الرئيس ميشال عون وآخرين، يعرفون سلفاً ان لا قدرة لديهم على تشكيل حكومة جديدة تحل بدل حكومة دياب. وعلى عكس كل الاخبار التي يتناقلها البعض، ولو في الصالونات، من ان ثمة اتجاها عند قوى معيّنة لتطيير الحكومة وإعادة الرئيس سعد الحريري على حصان أبيض الى السرايا، فان هذا التصور لا أساس له من الصحة ولا يستند الى معطيات حقيقية، خصوصا ان الرئيس عون لا يرغب في التعاون مجددا مع الحريري ولن يوقّع معه مرسوم اي حكومة مقبلة، لأن العونيين اتخذوا قراراً من دون ان يعلنوه بأن رئيس الجمهورية سيمضي ما تبقّى من ولايته من دون وجود “الحريرية السياسية” في السلطة بعد التجربة المُرّة بين الطرفين.
واذا كانت حكومة دياب ستواجه معارضة من افرقاء كثيرين في البلد لاسباب واعتبارات عدة وهم لا يقصّرون بغية النيل منها من اجل تصفية اكثر من حساب معها، فان الخوف عليها ينبع من مكوناتها التي يجب ان تكون حاضنة لها بدل اظهار انقساماتها ونشرغسيل خلافاتها على السطح. وفي ظل ما تعيشه الحكومة، يرى اكثر من فريق ضرورة ان تحمي نفسها من “عثراتها”.
وكانت “صحة” الحكومة قد تعرضت لاكثر من صدمة في الاسبوع الفائت، ليتبين انها غير قادرة على الاستمرار في ظل مواصلة هذا النوع من المناكفات بين مكوناتها وغوصها في خلافات لن تجلب للحكومة الا المشكلات، إذ يكفيها الدور الصعب الذي تؤديه في جبه وباء كورونا وما يحمله من اخطار واعباء على اكثر من مستوى. وتنتظر الحكومة رزمة من الملفات والقضايا التي يجب بلورتها لانتظام وتيرة عملها منعاً لتكرار تجربة التعيينات المالية التي ضربتها في الصميم، وهي مطالبة باتخاذ قرارات حيال مواضيع حساسة منها طلب الحكومة الحصول على مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي، ولا سيما ان هذا التوجه لم يلقَ بعد قبولاً نهائياً عند بعض الاطراف في الحكومة، علما ان “حزب الله” يحذر من الاستعانة بالصندوق مقابل تحقيق جملة من مطالب الولايات المتحدة الاميركية الوصية الاولى على سياسات هذه المؤسسة الدولية. ولا شك في ان التباعد القديم – الجديد الحاصل بين “التيار الوطني الحر” و”تيارالمرده” قد انعكس على مكونات اخرى في صفوف الحكومة. واذا كانت هناك ملاحظات عند رئيس مجلس النواب نبيه بري على اداء الحكومة واعتراضه على مقاربات لعدد من الوزراء، إلا أنه لا يريد بطبيعة الحال عرقلة مهمة الرئيس دياب. ويعلم الجميع انه في حال اقدمت عين التينة على العرقلة التي لا تريدها في الأصل، فإن الحكومة لن تقدرعلى الاستمرار ولن تعمّر. ولكن رغم كل ما تم نسجه عن علاقة الرئيسين بري ودياب في الآونة الاخيرة، يُنقل عن رئيس المجلس أنها “جيدة”.
في غضون ذلك، بدأت الحكومة منذ امس امتحانا صعبا هو مباشرتها إعادة طلائع المغتربين من اكثر من دولة بعد اتخاذ الوزارات المعنية الاجراءات الصحية التي ستعمل على تنفيذها بعناية كبيرة منعاً لانتقال فيروس كورونا من حامل ايجابي له الى ركاب آخرين على متن الطائرة او الى المقيمين. وثمة اطراف في الحكومة وفي مقدمها حركة “أمل” تستغرب ارتفاع اسعار بطاقات السفر وتكبيد العائدين هذه الاثمان المرتفعة، ولا سيما الطلاب الذين ذاقوا الامرّين، خصوصا في المدن الاوروبية التي اجتاحها فيروس كورونا ولم يقدروا على تلقّي الاموال من عائلاتهم جراء تعنّت المصارف في تحويل هذه المبالغ. وتنطلق الحركة هنا من أن معركة الاغتراب ستبقى مفتوحة عندها من أجل حماية هذا العصب وعدم كسره. كذلك ينطلق كثيرون من زاوية انه لا ينبغي التعامل مع المغتربين في اي دولة كانوا وفق اطارات مذهبية او مناطقية.