Beirut weather 22.43 ° C
تاريخ النشر March 8, 2020
A A A
الحكومة أمام قرارات غير شعبوية.. من أين تبدأ بافقار المواطنين أم الفاسدين؟
الكاتب: كمال ذبيان - الديار

منذ ما قبل الازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية، التي انفجرت في الاشهر الثلاثة الاخيرة، كان كبار المسؤولين، يبشرون اللبنانيين «باجراءات غير شعبوية»، تصل الى حد الجرأة، وان عليهم ان ينتظروا اياماً صعبة جداً، عليهم ان يصبروا على أوضاعهم المعيشية التي وصلت الى مستوى الفقر المدقع والفقر الى الفقر المتوسط، حيث ارتفعت نسبة الفقر من 30% الى 55% بين اللبنانيين، بعد ارتفاع سعر الدولار امام الليرة، الى نحو 75% من قيمتها التي بلغت نهاية الاسبوع 2700 ليرة للدولار الواحد، وقد تلامس الثلاثة آلاف وربما اكثر، بالرغم من تدخل مصرف لبنان، لوضع سقف لسعر صرفها بنحو 30% من سعر صرف الدولار في المصارف، بما يعادل 2000 ليرة للدولار الواحد، ولم يلق تعميم حاكم المصرف المركزي تجاوباً من قبل الصرافين.
والانهيار المالي، له اسبابه العديدة، لكن حصوله بالسرعة التي حصل فيها، وبدأ منذ نهاية ايلول الماضي، كان له مقدمات تعود الى منتصف تسعينات القرن الماضي، مع سياسة الاستدانة التي اعتمدتها الحكومة برئاسة رفيق الحريري، والتي اعتمدت على دفع فوائد عالية للمدينين، ساهم مصرف لبنان، على تشجيعها او السكوت عنها، ارضاءً للطبقة السياسية الحاكمة، وفق مسؤول مالي سابق، كان ضد هذا النهج، الذي أوصل لبنان الى الافلاس، والشعب الى الفقر والجوع، باقفال المؤسسات، ووصول نسبة البطالة في صفوف الشباب والخريجين الى نحو 45%، لا سيما في السنوات الاخيرة.
وليس امام لبنان، سوى اللجوء الى القرارات الجريئة، وهي زيادة الرسوم والضرائب، وهو ما ينتظر ان تقدم عليه الحكومة الحالية، وكانت ستفعله الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري، وهو ما ورد في الورقة الاصلاحية التي اعتمدت في الاجتماع الاقتصادي – المالي الذي عقد في القصر الجمهوري في ايلول الماضي، اذ يذكر المسؤول المالي نفسه، على ان ما يسمى بقرارات غير شعبية، ستكون قاسية على اللبنانيين، وقد تقود الى اكثر من حراك شعبي، مع ما يتردد عن ان التوجه لدى رئيس الحكومة حسان دياب، هو الحصول على سيولة لتمويل الدولة واخراجها من العجز، وباتت لا تتمكن من دفع استحقاقات عليها «كاليوروبوندز»، مع انخفاض الاحتياط في مصرف لبنان، والمتروك لدعم السلع والمواد الاساسية، كالطحين والدواء والمحروقات…
فما هو مطروح ومنذ سنوات، وسبق لحكومات سابقة ان لجأت الى مثل هذه القرارات، هو رفع القيمة المضافة الى نسبة 15% وقد تصل الى 18% او 20%، وقد حاول الرئيس رفيق الحريري ان يصل بها من 10% الى 18%، لكنه لم ينجح، وعند درس سلسلة الرتب والرواتب حاولت حكومة الحريري في العام 2017، رفع القيمة المضافة الى 15%، لكنها فشلت بسبب معارضة نقابية وشعبية وسياسية، فاستقرت على 11% بزيادة 1%، وفق المسؤول الذي يشير الى ان زيادة القيمة الضمافة، ورفع سعر صفيحة البنزين خمسة الاف ليرة لبنانية، وتخفيض رواتب القطاع العام نحو الثلث، والتقاعد الى النصف، اضافة الى فرض رسوم وضرائب جديدة، ستكون لها انعكاسات سلبية، قد تعجل في رحيل الحكومة، التي ستواجه بثورة شعبية واسعة، مع ركود اقتصادي، وتدني الاجور، وغلاء الاسعار، وعدم تمكن المودعين من سحب اموالهم في ظل ازمة مصرفية، واسئلة حول اين ذهبت الودائع، واين استثمرت، وهل ذهبت اموال المودعين الى خزينة الدولة، التي صرفتها في الرواتب والاجور والتقاعد (6.5 مليار دولار) وعجز الكهرباء (2 مليار دولار)، وخدمة الدين (5.5 مليار دولار)، وفق موازنة 2019، اضافة الى السرقات والصفقات التي حصلت في جمع النفايات والمقاولات ومشاريع السدود والكهرباء والنفقات غير المجدية، وكل عمليات الانفاق كانت تتم بموافقة مجلس النواب على الموازنات، الا التي توقفت لاسباب سياسية.
فجلسة مجلس الوزراء المقبلة، مفصلية لجهة اتخاذ القرارات غير الشعبوية، فهل يلجأ اليها الرئىس دياب، الذي حمل كرة النار بين يديه، ويواجه المواطنين بما يمس امنهم الاجتماعي، أم يذهب الى قرارات لا تصيبهم بحيث يتخطى وصفات صندوق النقد الدولي بالاصلاح، ويقدم جدول اعمال يكون في بنوده، قرارات، لالغاء مجالس وادارات موازية لوزارات وهي نشأت كتدبير موقت، فيوفر نحو اربع 3 مليار دولار، اضافة الى وقف العمل بالتوظيف الذي حصل منذ عام 2014، وبلغ نحو 32 الف موظف منهم 5300 انضموا في العام 2017، فتكون الحكومة عالجت الفائض من الموظفين وغالبيتهم لا يعملون، فيتم ترشيد الانفاق، كما يؤكد المسؤول نفسه الذي يكشف عن اجراءات تقشفية لجأت اليها دول اخرى مرت بالازمة نفسها التي يعيشها لبنان، وتم التركيز على الانفاق غير المجدي، على ان يترافق ذلك مع قضاء نزيه ومستقل وقرارات جريئة، وسريعة تطال الفاسدين، وهم باتوا على كل شفة ولسان، ومكشوفين في اثرائهم المشبوه، في قصورهم وسياراتهم واولادهم وشركاتهم وحياة البذخ التي يعيشونها، ويكفي ان تتحرك الهيئات الرقابية لتكشفهم دون عناء، وتسأل عنهم بين افراد عائلاتهم وبلداتهم، كما في مراكز عملهم، وتعمل اجهزة الامن على التقصي عنهم، فتنشأ وحدة امنية لفضح الفاسدين، الموجودين كافراد في مسؤولين سياسيين كما في موظفين ومواطنين تسببوا بالفساد والرشاوى.