Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر February 18, 2020
A A A
الإفلاس السياسي وإضاعة الفرص سبب بلوغ حافة الانهيار
الكاتب: اميل خوري - النهار

يقول سياسي مخضرم واكب أعمال حكومات متعاقبة في عهود عدّة لو أن كل عهد حاسب الفاسدين لما كانت البلاد وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم ولما كان الفساد انتشر في كل مفاصل الدولة وبات أقوى من أي قانون يكافحه.

لقد صدر قانون “الإثراء غير المشروع” الذي عرف بقانون “من أين لك هذا” في عهد الرئيس كميل شمعون لمحاسبة الفاسدين في عهده وعهد من سبقه، وإذ به يصطدم عند تطبيقه بمسؤول بارز وزعيم سياسي متّهم بأنّه لم يدفع رسم الميكانيك عن سيارته، وهي تهمة بسيطة جدّاً مقارنة باتهامات اليوم، وهي بمليارات الدولارات…

إلّا أنه يمكن القول أن عهد الرئيس فؤاد شهاب كان العهد الوحيد الذي منع حصول فساد من خلال إنشاء هيئات رقابية فاعلة، لأن منعه هو أسهل بكثير من مكافحته بعد حصوله كما منع حمل السلاح يبقى أسهل من منع استخدامه، وما من عهد بعد واجه الفساد والفاسدين والمفسدين إلّا بالكلام الذي يرد في كل بيان وزاري، وأمل والناس في أن يكون عهد الرئيس عون هو فعلاً عهد “التغيير والإصلاح” خصوصاً عندما سمعوه مرّة قول: “إن لبنان ليس مكسوراً أو مفلساً إنما هو منهوب”. وانتظر الناس منه أن يوقف النهب كي لا يصبح مكسوراً ومفلساً. كثر لكلام في مجلس النواب وخارجه وفي وسائل الإعلام على صفقات وتسمية الوزارات والمؤسّسات والقائمين بها ما جعل الرئيس عون يدخل شخصياً على الخط في أكثر من مناسبة فيدعو إلى عدم الأخذ بالإشاعات عن انهيار اقتصادي ومالي، مؤكداً أن “لبنان سيعود إلى الموقع الأفضل في المنطقة، وهو بتسمية الفاسدين وقوله “إن لا خيمة فوق رأس أحد”، وكشف عن أحالة 18 ملفاً فيها ارتكابات مالية وهدر وتزوير وتبييض أموال إلى القضاء. وفي تصريح أخير له هدّد بالقول: “إن كل من يمد يده إلى الخزينة سيحاكم ولن نستثني أحداً وانه لن يسمح بسقوط لبنان لأنّنا مُلزمون بعملية الانقاذ وسيكون اعتمادها على الاقتصاد الريعي، وأن لا خوف على لبنان في ظل ثروته النفطية، وأن أحداً لن يستطيع إيقاف مسيرة مكافحة الفساد، ولفت إلى أن لبنان “تحمّل حالياً نتائج الحروب في المنطقة”، لكنّه أكّد “أن لبنان سيخرج منها باتخاذ إجراءات اقتصاديّة لم يجرؤ أحد على اتخادها” مع تفعيل دور أجهزة الرقابة. فساعة الحساب مع الفساد والفاسدين دقّت وأن للقضاء والمواطن دوراً في المكافحة ولن يكون القضاء في عهده منظومة مرتهنة”.

لكن الرئيس عون قبل أن يقول هذا الكلام المطمئن كان قد شكا في تصريح له من “أن المستفيدين من الفساد ومن المال العام في مراكز سلطويّة وهي التي تواجهه”… فهل زالت هذه المراكز أو ضعفت حتّى بات قادراً على مواجهة الفساد والفاسدين والمُفسدين؟

الواقع أن الفساد السياسي بات أكثر من الفساد الإداري ويكلّف لبنان مليارات دولارات سنوياً وأن أموال التهريب ي أكبر بأضعاف حجم الدين العام فرفعت نسبة الفقراء وتراكم الديون لعدم وجود دولة قويّة تسددها. وعدم وحود حكومات تأخذ بجدية تحذيرات خبراء ومسؤولين أجانب من ان لبنان لم يعد في استطاعته العيش بالديون وإضاعة الفرص وهدر الوقت. فهل ينجح الرئيس عون في إخراج لبنان من أزماته ولا يكتفي بالقول: “ما عم يخلّونا نشتغل”… وهل يصح ما يتوقّع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة: “إن الوضع سيكون أفضل بعد حزيران المقبل؟”.

فلننتظر لنر هذا الأمل ولا نرى اشتداد ضيق العيش.