Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر January 16, 2020
A A A
مهلة الـ 48 ساعة تُهدئ الشارع.. والحكومة قبل 22 الجاري
الكاتب: الأنباء

انخفاض حرارة الحراك الثوري في نهار امس ارتبط بمعطيات عدة، ابرزها مهلة الـ 48 ساعة التي منحها الحراك الثوري للرئيس المكلف حسان دياب ليشكل حكومته، وتلتها الصدمة التي احدثتها حوادث الشغب التي استهدفت المصارف في شارع الحمراء، ومن ثم دعوة ممثل الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش للمسؤولين الى ملامة انفسهم على الفوضى التي حصلت، واخيرا اعتقال 59 من عناصر الشغب، وانكار العلاقة بهم من الحراك ومن الاحزاب التي هتفوا بشعاراتها.

وتعالت الاستنكارات من السياسيين وجمعية المصارف، وابرزها استنكار رئيس مجلس النواب نبيه بري لما حصل باسم مجلس النواب، واصفًا ما حصل بـ«غير المقبول»، لكنه لم يتهم احدا بالتحديد، وقال: بيروت عاصمتنا جميعا وما حصل شيء لا يُصدق، وطالب بمحاسبة المرتكبين لأي طرف او طائفة انتموا.

تصريحات بري صدرت خلال لقاء الاربعاء النيابي، وقد استقبل بعدها ممثل الامم المتحدة الغاضب مما حصل.

ووصفت جمعية مصارف لبنان المشاغبين بالغوغائيين، مؤكدة انهم ليسوا من ثوار لبنان الحقيقيين، بل هم مأجورون ومعروفو الاهداف، وحملت المسؤولية للتباطؤ الكبير في تشكيل الحكومة، وطالبت بكشف ومعاقبة المحرضين.

عمليًا، التحول نحو التهدئة السياسية بعد تلويح التيار الوطني الحر بالمواقف الحاسمة بدأ مع استقبال رئيس مجلس النواب نبيه بري لوزير الخارجية جبران باسيل على مدى ساعتين اول من امس، وكانت النتيجة المباشرة وقف باسيل اعلان عزوف تياره عن المشاركة في حكومة حسان دياب، وصرف نظر رئاسة الجمهورية ومعها باسيل عن «زكزكة» حسان دياب الذي لا امكانية دستورية لسحب تكليف النواب له بتشكيل الحكومة بنائب بيروت فؤاد مخزومي، وبالتالي تجديد الرهان عليه رغم عناده الموصوف، وعلى امل مراعاته وجهة نظر الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر القاضية بإضافة بعض الدسم السياسي للطبخة الحكومية، عبر رفع عدد الوزراء من 18 الى 24، بحيث يتسنى اختيار وزيرين درزيين بدلا من واحد، احدهما من الخط الجنبلاطي والمطروح الصناعي وليد عساف والآخر من الخط الارسلاني والمطروح رمزي مشرفية، وهذا يسمح بتوزير ممثل للاقليات المسيحية.

ويتوقع ان يزور الرئيس المكلف دياب الرئيس بري بين ساعة واخرى للتشاور ووضع النقاط على الحروف.

ويرجح المتابعون قبول الرئيس المكلف بالتركيبة الوزارية المطروحة، بشرط ان يكون لكل وزير حقيبة مع الغاء وزارتي الاعلام والمهجرين.

ونقل عن مصادر دياب ان تشكيلته الوزارية باتت شبه جاهزة، وربما حملها الى بعبدا ضمن مهلة الـ 48 ساعة التي حددها له «الثوار» والتي تنتهي مساء اليوم او غدا اذا ما استمر جريان المياه في مجاريها، علما ان ثمة من يتوقع اعلانها ومثولها امام المجلس قبل جلسة تشريع موازنة 2020 التي حددها بري في 22 الجاري.

ويدخل ضمن عناصر تسريع ولادة الحكومة رفض رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري تفعيل حكومته على نحو يقلل من اضرار التأخير في تشكيل الحكومة العتيدة إلحاحًا منه على التعجيل بولادة حكومة حسان دياب لتتحمل المسؤولية، كما ان كتلة المستقبل التي اجتمعت برئاسة الحريري وضعت مسؤولية تأخير الحكومة على الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف حسان دياب.

من جانبه، قال يان كوبيتش المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان ان السياسيين في لبنان في موقف المتفرج بينما ينهار الاقتصاد، وانتقد بشدة النخبة السياسية التي فشلت في تشكيل حكومة في بلد ينزلق أكثر نحو أزمة اقتصادية ومالية.

وغرّد كوبيتش عبر “تويتر”: «يوم آخر من الغموض بشأن تشكيل حكومة وسط احتجاجات غاضبة متزايدة واقتصاد في حالة سقوط حر».

وتابع «على السياسيين أن يلوموا أنفسهم وليس الشعب على هذه الفوضى الخطيرة».

وأشار أيضا إلى أن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة طلب سلطات استثنائية لإدارة الاقتصاد، في إشارة واضحة إلى طلبه المزيد من السلطات لتنظيم القواعد التي تطبقها البنوك التجارية.

وكتب كوبيتش «لبنان متفرد بحق، طلب حاكم مصرف لبنان سلطات استثنائية لإدارة الاقتصاد بشكل ما على الأقل بينما يقف المسؤولون في موقف المتفرج وهو (الاقتصاد) ينهار، هذا أمر لا يصدق».

على الارض، كان اليوم الثاني من اسبوع ثورة الغضب امس اقل عنفا وضراوة من اليوم الاول، الذي شهد مواجهات ساخنة بين قوى الامن الداخلي و«مشاغبين» اندسوا بين الثوار السلميين، وحاولوا اقتحام باحة المصرف المركزي في ساحة الحمراء وحطموا واجهات وآلات الصرف التابعة للمصارف المنتشرة في هذا الشارع مطالبين بإبعاد الحاكم المركزي لمصرف لبنان رياض سلامة وهندساته المالية الشهيرة عن السلطة المالية في لبنان.

واسفرت المواجهات بالحجارة وقنابل الغاز المسيل للدموع التي استخدمتها القوى الامنية على نطاق واسع عن 20 اصابة بين «المشاغبين» و47 من رجال الامن كان من جراء الحجارة او ضيق التنفس من جراء الغاز، وتمكنت القوى الامنية التي تغلغلت بين من وصفتهم بالمشاغبين بلباسها المدني من توقيف 59 منهم رهن التحقيق بجرم تخريب المنشآت العامة والخاصة والاعتداء على القوى الامنية.

واصدر كل من حزب الله وحركة امل بيانات تنفي علاقتهما بالمجموعات التي حوّلت شارع الحمراء البيروتي العريق الى ساحة حرب، وذلك في معرض الرد على اشرطة عرضتها المحطات التلفزيونية بالمباشر وفيها شبان من ذوي السترات السوداء والصفراء يهتفون للرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله.

قطع الطرقات تجدد امس من عكار شمالا الى صيدا جنوبا فالبقاع الاوسط وزحلة شرقا مرورا بطرابلس وساحل جبيل وكسروان وجل الديب وفرن الشباك وعاليه، فضلا عن «الرينغ» وساحة البرلمان في بيروت وساحل اقليم الخروب، انما لأوقات متفاوتة وليس بالحدة التي تميز بها حراك يوم الثلاثاء الماضي، كما لم يكن في برنامج الثوار الذهاب الى منزل الرئيس المكلف حسان دياب كما حصل اول من امس.