Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر January 12, 2020
A A A
انسداد حكومي واستمرار المراوحة سيؤدي إلى إغراق البلاد في أتون التوترات
الكاتب: النهار

لم تتعرّض صورة الدولة اللبنانية للانكشاف المخزي يوماً كما تعرضت له يوم أمس من خلال فضيحة التخلّف لسنتين عن سداد اشتراكات لبنان في الأمم المتحدة، الأمر الذي عرّضه إلى قرار منعه من التصويت في الجمعية العمومية للأمم المتحدة كما ينص على ذلك نظام المنظمة الدولية. صورة الدولة المستهترة الفاشلة لم تقف عند حدود إعلان هذه الفضيحة من الأمم المتحدة تحديداً، وإنما سرعان ما تمددت إلى حرب الوزارتين على غرار “حرب الوردتين”، إذ دارت رحى تساجل وتبادل بالاتهامات بين وزارتي الخارجية والمال مباشرة وعبر الأوساط والمصادر والجداول والوقائع المتناقضة، بحيث سعت كل من الوزارتين إلى تحميل الأخرى تبعة هذه الفضيحة المخزية. وبدا واضحاً أن الأثقال الهائلة التي ترزح تحتها صورة الدولة باتت أكبر بكثير من كل التوقعات والتقديرات، بحيث تتجاوز الأزمة الكارثية التي يغرق فيها لبنان المستويات المالية والاقتصادية والاجتماعية الآخذة في التفاقم إلى واقع الدولة كلاً في ظل هذا الانكشاف المخيف والتخلي الخيالي للمسؤولين عن تحمّل مسؤولياتهم في المرحلة الانتقالية الشاقة إلى تأليف حكومة جديدة تحاول أن تمسك بزمام الأمور قبل الانهيار الكبير الذي يتخوف منه الجميع.
وما زاد الطين بلة أن مجمل المعطيات عن واقع المأزق الحكومي أشارت إلى أن أي جديد إيجابي لم يسجل في خانة تبديد الجمود الذي يحكم عملية تأليف الحكومة منذ أيام، بل أن تراجعات جديدة تبرز في هذا السياق من شأنها أن تعقد أكثر مهمة الرئيس المكلف حسان دياب في قابل الأيام. فمع أن البيان الذي أصدره دياب في ساعة متقدمة من ليل الجمعة متضمناً نبرة قوية في التزام مضيّه في مهمته وعدم التراجع عن حكومة الاختصاصيين من 18 وزيراً، أوحى بأن الرئيس المكلف تلقى جرعات مقوية من فريق أو أفرقاء جعلته يخرج عن صمته، فإن المعطيات التي برزت أمس كشفت ازدياد التفاقم وعدم تبدل الصورة المأزومة خصوصاً في ظل مجموعة مواقف سلبية في حصيلتها من محاولات دياب.
ويبدو كأن ثمة نفضاً للأيدي من دياب وحكومته الموعودة قبل أن تطل الأزمة على منقلب جديد في الاسبوع الطالع باعتبار أن تراكم الأزمات ذات الطابع البالغ الخطورة مالياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وسط مناخ إقليمي ملبد لم يعد يسمح إطلاقاً بإطالة مهمة دياب الذي يتعين عليه حسم الأمر بتقديم حكومته بعد التشاور مع رئيس الجمهورية أياً يكن الأمر، ترجمةً للبيان الذي أصدره، وإلا فإن استمرار المراوحة على هذا النحو سيؤدي إلى إغراق البلاد مجدداً في أتون التوترات الاجتماعية والشعبية.