Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر December 16, 2019
A A A
عندما حُجب ضوء الشمس 18 شهراً وتساقطت الثلوج في الصيف!
الكاتب: عربي بوست

عندما تغضب الطبيعة قد يضطر البشر إلى عيش أسوأ وأحلك أيام حياتهم بالمعنى المجازي والحرفي في بعض الأحيان، وهذا ما حدث في عام 536 بعد الميلاد.
ففي ذلك العام أظلم العالم 18 شهراً كاملاً، حين اجتاح ضباب غامض أوروبا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا.
وقد تسبب حجب ضوء الشمس كل هذه المدة في انخفاض درجات الحرارة لدرجة هطلت معها الثلوج في الصيف، بالإضافة إلى هلاك المحاصيل وموت الناس.
واليوم وبعد مرور مئات السنين، اكتشف العلماء أحد المصادر الأساسية لهذا الضباب، فلنتعرف عليه معاً:

بركان يثور في أيسلندا
بحسب موقع History الأميركي، اكتشف الباحثون أحد المصادر الرئيسية للضباب الذي غطى نصف الكرة الشمالي أكثر من سنة كاملة.
فقد أشار فريق الباحثين بالورقة البحثية المنشورة في Antiquity، إلى حدوث ثوران بركاني بآيسلندا في أوائل عام 536، ساعد في انتشار الرماد بنصف الكرة الشمالي، وهو ما نتج عنه الضباب.
مثل ثوران جبل تامبورا عام 1815 -وهو الثوران البركاني الأكثر تدميراً على الإطلاق- الذي كان كبيراً بدرجة كافية لتغيير أنماط المناخ العالمي، وهو الأمر الذي تسبب في سنوات من المجاعة.

ثلوج الصين تتساقط في الصيف
كتب المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس القيسراني أن «نور الشمس كان بالكاد يسطع، مثله تماماً مثل نور القمر، خلال هذا العام بأكمله، والشمس تبدو دائماً في حالة كسوف».
يقول مايكل ماكورميك، أستاذ التاريخ بجامعة هارفارد الذي شارك في إعداد الورقة البحثية، إن مثل هذه الروايات لم تُؤخذ على محمل الجد حتى تسعينيات القرن العشرين.
في ذلك العقد، فحص الباحثون حلقات الأشجار بأيرلندا، ووجدوا أن شيئاً غريباً قد حدث في نحو عام 536.
فقد أصبح الصيف في أوروبا وآسيا أكثر برودة، إذ هبطت درجة الحرارة إلى حدود 2 إلى 3 مئوية، حتى إنه قد وردت الأنباء عن تساقط الثلوج بالصين في الصيف.
هذا العصر، الذي يُعرف بالعصر الجليدي المتأخر الصغير، أتى عندما حجب الرماد البركاني الشمس.
يوضح ماكورميك أنه «كان تغييراً جذرياً إلى حد كبير، حدث ما بين عشية وضحاها. لقد كان الشهود القدامى مُحقِّين في حديثهم عن الظلام الطويل. لم يكونوا مجرد هستيريين أو يتخيلون نهاية العالم».

لا نستطيع رؤية ظلالنا والشمس مائلة إلى الزرقة
كتب كاسيودوروس، وهو سياسي روماني عن هذه الحقبة، قائلاً: «إننا نتعجب من عدم رؤية ظلال أجسادنا ظهراً».
وكتب أيضاً أن الشمس لها لون «مائل إلى الزرقة»، وأن القمر قد فقد بريقه، وأن «فصول السنة تداخلت بعضها في بعض».
وقد تفاقمت آثار ثوران عام 536، بسبب الثورانات التالية في أعوام 540 و547؛ وهو ما سبَّب أزمة طويلة الأمد في نصف الكرة الشمالي.
يقول ماكورميك: «العصر الجليدي المتأخر الصغير، الذي بدأ في ربيع عام 536، استمر بأوروبا الغربية حتى نحو عام 660، واستمر حتى نحو عام 680 في آسيا الوسطى».
يوضح ماكورميك لمجلة Science: «كان بدايةَ واحدةٍ من أسوأ الفترات التي قد يعيشها الإنسان على الأرض، إن لم تكن الأسوأ».
تسببت هذه الفترة من البرد والجوع في الركود الاقتصادي بأوروبا والذي اشتد في عام 541 عندما تفشى الطاعون بالمنطقة.
وقتل هذا الطاعون ما بين ثلث ونصف السكان في الإمبراطورية البيزنطية أو ما تُعرف بالإمبراطورية الرومانية الشرقية.
يقول أندريه كورباتوف، أستاذ علوم الأرض والمناخ بجامعة ماين وهو مشارك آخر في إعداد الورقة البحثية: «ربما لا يزال هناك ثوران بركاني آخر غير مكتشف أسهم في ضباب عام 536».
ومع ذلك، فإننا الآن نعرف على الأقل أحد أسباب عدم تمكُّن الناس في عام 536، من رؤية ظلالهم بفترة الظهيرة.