Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر November 15, 2019
A A A
الحراك الشعبي بدأ يجني ثمار مطالبه: القضاء يلزم شركتي الخليوي إصدار الفواتير بالليرة
الكاتب: سلوى بعلبكي - النهار

عندما اشتد الخناق على الليرة وشح الدولار في الاسواق على نحو أدى إلى ارتفاع في سعر البطاقات المسبقة الدفع (بطاقات “التشريج”) وكبد المستهلك عبئاً إضافيا، طالب الحراك الشعبي وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال محمد شقير بتسعير بطاقات تشريج خطوط الخليوي بالليرة اللبنانية بدل الدولار الأميركي، وإصدار فواتير الخليوي بالعملة الوطنية، فكان رده أن “هذا الأمر أقرته الحكومات منذ سنوات، ووزير الاتصالات لا يملك صلاحية اتخاذ قرار بتغييره بشكل منفرد، بل يحتاج إلى مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء”. ثم عاد وأعلن لاحقا أن “شركتي الخليوي بدأتا بتسليم بطاقات إعادة تعبئة الخطوط الخليوية بمختلف فئاتها (بطاقات التشريج) إلى الموزعين بالليرة اللبنانية”.

إلا أن ما كشفه المدير العام السابق لوزارة الاتصالات عبد المنعم يوسف في مقابلة تلفزيونية عن أن الموجبات التعاقدية القائمة بين وزارة الاتصالات وشركتي الخليوي “ألفا” و”تاتش” تلزم هاتين الشركتين إصدار فواتيرها الشهرية بالليرة اللبنانية وليس بالدولار الأميركي، فاجأ الجميع، بما استدعى تحركات متتالية. أول هذه التحركات كان من “نادي قضاة لبنان” الذي بادر الى تسجيل شكوى بهذا الخصوص في مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، أورد فيها المخالفات القانونية التي ترتكبها شركتا الخليوي إزاء تسعير خدماتها بالدولار منذ سنوات، وثانيها من جمعية المستهلك التي تقدمت عبر المحامي لؤي غندور بوكالته عن الجمعية، بدعوى أمام المحكمة الابتدائية المدنية في بيروت ضد شركتي الخليوي، طالبة إلزامها إصدار الفواتير وتسعير بطاقات التعبئة وسائر الخدمات بالليرة اللبنانية فقط، عملاً بالمادتين (1) و(192) من قانون النقد والتسليف والمادتين (5) و(25) من قانون حماية المستهلك. وجاء القرار سريعا، إذ أصدرت الغرفة الناظرة في القضايا المالية برئاسة القاضية زلفا الحسن وعضوية المستشارتين لارا كوزال ونانسي كرم قرارا ألزمت فيه الشركات المشغلة للخليوي إصدار الفواتير المتعلقة ببيع الخطوط وتسعير بطاقات الشحن أو التعبئة وخدمة الإنترنت وسائر الخدمات للمستهلك اللبناني بالليرة اللبنانية، بالاستناد إلى التعرفة الرسمية لسعر صرف الدولار الاميركي إلى الليرة اللبنانية، وذلك خلال مهلة أسبوع من تبلغها القرار تحت طائلة غرامة إكراهية قيمتها مئة مليون ليرة عن كل يوم تأخير في التنفيذ من تاريخ انتهاء المهلة المذكورة.

وعلى الرغم من أن جمعية المستهلك اعتبرت أن هذا القرار هو انتصار للبنانيين الذين نزلوا الى الشارع، رأت مصادر متابعة أن القرار قد يفتح أبواب اجتهادات كثيرة ومتناقضة لتفسيره أثناء التطبيق، وتحديدا في ما يتعلق بالعبارة الواردة فيه: “(…) بالليرة اللبنانية وفقاً للتعرفة الرسمية لسعر صرف الدولار الأميركي إلى الليرة اللبنانية بتاريخ صدور القرار الراهن”. وسألت: “ما علاقة الحيثيات القانونية الثابتة والواردة في متن القرار، والتسعير والفوترة بالليرة اللبنانية بسعر صرف الدولار في تاريخ صدور القرار؟ إن هذه العلاقة المذكورة من دون أي توضيح إضافي، ستكون سببًا لسوء تطبيق هذا القرار… وكان الاجدى أن يقتصر القرار فقط على مسألة آليات إصدار الفواتير وتحديد العملة الوطنية لإصدارها، بما يفك صراحة الارتباط بين إصدار الفواتير بالليرة اللبنانية والسعر الرسمي لصرف الدولار الاميركي أو أي سعر صرف آخر، منعا لأي جدلٍ أو تأويلٍ أو اجتهاد”.

وأكد رئيس جمعية المستهلك – لبنان زهير برو لـ”النهار” ان هذا الانجاز لم يكن ليتحقق لولا قوة الجماهير التي نزلت الى الشارع، مشددا على أن هذه الخطوة ستليها خطوات أخرى بغية الدفاع عن العملة الوطنية وصولا الى استخدامها في كل تعاملات اللبنانيين، على ان يقتصر التعامل بالدولار بين المستوردين والتجار.

وأكد أن الجمعية ستواصل تحركها لتطبيق المادة 192 من قانون النقد والتسليف التي تنص على أنه “تطبق على من يمتنع من قبول العملة اللبنانية بالشروط المحددة في المادتين 7 و8 العقوبات المنصوص عليها في المادة 319”. والتي تغرم من يرفض التعامل بالليرة بين 30 و50 مليون ليرة والسجن من 6 أشهر الى 3 سنوات.

ومعلوم أن العقد الذي يضبط عمل شركتي الخليوي اليوم والذي تسري مفاعيله عليهما وينظم عملهما، هو العقد الذي وافق عليه مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في تاريخ 31 كانون الثاني 2012، وينص في مادته رقم 1 البند 1 ومادته رقم 8 ومادته رقم 14 البند 4 صراحة على وجوب إصدار الفواتير بالليرة اللبنانية وليس بالدولار الأميركي، فيما تنص المادة 40 البند 1 من العقد تنص صراحة على “أن هذا العقد وكل المسائل الناشئة عنه والمتعلقة به ترعاها القوانين والأنظمة اللبنانية وتفسر وفقا لها”.

ويبلغ حجم الفواتير الشهرية التي تصدرها شركتا الخليوي شهريا نحو 120 مليون دولار شهريا، فيما يتسبب استمرار إصدار هذه الفواتير بالدولار الأميركي في الفترة الحالية التي تشهد تفاوتا كبيرا بين السعر الرسمي للدولار وسعر الشراء لدى مكاتب الصيرفة بأعباء شهرية على الاقتصاد اللبناني وعلى المشتركين اللبنانيين تقارب الـ20 مليار ليرة شهريا، وفق ما يقول يوسف، مؤكدا ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لوقف هذا النزف المالي.