Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 18, 2019
A A A
القمة الثلاثية في أنقرة… تغييرات في المواقف ونقاط الاختلاف
الكاتب: سبوتنيك

عقد في العاصمة التركية أنقرة، لقاء قمة ضم كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيريه الإيراني حسن روحاني، والروسي فلاديمير بوتين، لمناقشة الأزمة السورية.

وشدد البيان الختامي المشترك للقمة على سيادة سوريا، ووحدة وسلامة أراضيها، إلى جانب التأكيد على الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة، كما أكد بوتين على الاستمرار في مكافحة الإرهاب، فيما أعلن أردوغان عن أمل جديد للتسوية، في الوقت الذي أصرت إيران على خروج القوات الأميركية من سوريا.

 

 

نقاط التلاقي والاختلاف
شهدت القمة تقاربًا في وجهات النظر في بعض القضايا، إلا أن هناك عدة ملفات لا زال الغموض يلف مصيرها، عن ذلك تحدث المحلل السياسي السوري غسان يوسف لـ”سبوتنيك”، فقال: “لاحظنا أمس بعض المجاملات بين الرؤساء ولم تكن هناك أية حدة، وكان هناك انسجام وغابت التصريحات المتناقضة، لكن في الوقت ذاته كان كل رئيس يصرح بما تراه بلاده مناسبا لحل الأزمة السورية”.

وتابع يوسف: الرئيس الروسي بوتين كان واضحا جدا في هذا المؤتمر، وتحدث عن رفض تقسيم سوريا ومواصلة مكافحة الإرهاب، وتحدث عن اللجنة الدستورية وحذر من الضغط على أعضاء هذه اللجنة، كما حذر من استغلال موضوع اللاجئين.

ويكمل: أما الرئيس التركي فلم يذكر وجود الإرهاب في إدلب، بل تكلم عن الناحية الإنسانية وقام بتضخيم الأعداد، وقال إنه لن يسمح بأن يكون هجرة ولجوء، أي أنه لا يريد أن يكون هناك معركة قادمة، أو أن ينفذ اتفاق سوتشي.

ويضيف المحلل السوري: الرئيس حسن روحاني لم يكن واضحا كثيرا إلا فيما يخص القوات الأجنبية التي دخلت من دون دعوة، وتكلم عن اتفاقية أضنة، وهذا يؤكد بأن الحل السياسي النهائي سيكون بالاعتماد على هذه الاتفاقية بين سوريا وتركيا، وهذا يدل على أن الرئيس الإيراني نسق كلامه مع الرئيس بوتين الذي تحدث عن الاتفاقية في وقت سابق، وأعتقد أن الحل النهائي سيكون بالاعتماد على تعديل اتفاقية أضنة بما يضمن الحدود السورية التركية، وأن يكون هناك تبادل للأمن في هذه المنطقة.

أما المحلل السياسي الإيراني أمير الموسوي فيرى في لقاء مع “سبوتنيك”، أن نقاط اللقاء أكثر من الاختلاف، ويتابع: كان هناك توافق في غالبية النقاط إلا في موضوع المنطقة الآمنة، التي تشهد اختلافا شديدا بين الأطراف الثلاثة، حيث روسيا لا ترضى كثيرا عن هذا الموضوع، فيما ترفضه إيران بشدة، وتسعى من خلال التفاوض مع تركيا لإيجاد حل لهذا الموضوع.

ويكمل: على ما يبدو أن تركيا أعطت تطمينات للجانب الإيراني والروسي، فيما إذا تم حل موضوع شرق الفرات بين الحكومة السورية والأكراد، يمكن حل موضوع المنطقة الآمنة عندما ينتشر الجيش السوري على الحدود، وهذه تحتاج إلى جهود دبلوماسية أكبر على ما يبدو.

ويستدرك الموسوي: لكن بشكل عام قد حصل توافق كبير وجيد فيما يخص موضوع اللجنة الدستورية وموضوع إدلب على ما يبدو قد حسم، أي أن الأتراك سيتعاونون فيما يخص هذا الأمر.

أما المحلل السياسي التركي ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جنكيز طومار، فيقول في اتصال مع “سبوتنيك”: أهم نقطة تلاقي في القضية السورية هي وحدة الأراضي السورية، لكن هناك مشاكل في إدلب وشرق الفرات، حيث أن روسيا وإيران تتكلمان عن الإرهابيين، لكن المشكلة في تركيا هي كيف ستحل روسيا وسوريا هذا الموضوع، فإذا شنت روسيا وسوريا هجوما على إدلب، فيستدفق اللاجئون إلى الحدود التركية، وهذه أكبر المشاكل بين الدول الثلاث.

ويكمل: حتى الآن كانت هناك اجتماعات كثيرة قبل ذلك، وتحدثوا بالأمور نفسها عن إدلب ومكافحة الإرهاب، لكن لم تسطع الدول الثلاث إيجاد أي حل لمكافحة الإرهابيين أو الراديكاليين، وهذا الموضوع حساس جدا خاصة بالنسبة لتركيا، فهناك أكثر من 3 ملايين مدني في إدلب، وقسم من المعارضة قريبة من تركيا، فكيف سيتم الفصل بينهم، هذه المسألة صعبة جدا.

وأضاف: مسألة اللجنة الدستورية كان فيها الكثير من الاختلاف، حيث أن تركيا كانت تعترض على 3 أسماء في هذه اللجنة، وأعتقد الآن أن المشكلة قد انتهت، وهذا مهم جدا بالنسبة للحل السياسي في سوريا.

 

 

تغيرات في المواقف
وعن تغيير بعض المواقف وتقريب وجهات النظر لحصول التوافق بين الدول الضامنة، يقول المحلل السوري غسان يوسف: لا أعتقد أن هناك ليونة بمعنى الكلمة لكن هناك مجاملات، حيث هناك علاقات اقتصادية ممتازة بين روسيا وتركيا، بالإضافة إلى صفقات “الإس 400” والغاز والسوخوي إذا تمت، كما أن الدولتان تتعرضان للضغوط من قبل الولايات المتحدة، وربما هذا قرب المواقف بين الدولتين، لكن الرئيس الروسي كان واضحا تجاه البؤر الإرهابية في إدلب.

ويتابع: أما فيما يخص إيران فهي أيضا تعاني من ضغوط وعقوبات، وتجد في تركيا منفذا لها، وكذلك تركيا تجد في إيران منفذا لها، لذلك أعتقد أن العلاقات الاقتصادية الثنائية ووجود هذه الدول في مسار أستانا، والاتفاق على اللجنة الدستورية خفف حدة التصريحات والتحدي بين الدول.

ويستدرك قائلا: ربما كان هناك اتفاقيات سرية جرت بين الزعماء لم يعلن عنها في هذه القمة، وأعتقد في حال وجود هذا الاتفاق فسيكون بالقضاء على البؤر في إدلب، ومن ثم الانتقال إلى الحل السياسي عبر اللجنة الدستورية، والتي أعلن الرئيس بوتين بأنها أصبحت جاهزة وستعلن في جنيف.

أما المحلل الإيراني أمير موسوي فيرى بعض التغير في موقف تركيا، ويقول: أعتقد أن هناك نوع من التغيير في الموقف التركي، حيث أنه كان هادئا ومتفهما نوعا ما، وما يهم تركيا الآن هو رجوع اللاجئين السوريين إلى سوريا عبر مناطق وممرات آمنة.

ويضيف: أعتقد أن هناك مقترحات من الحكومة السورية نقلها الجانبان الروسي والإيراني، وهذا أثر إيجابيا على هدوء الرئيس التركي أردوغان.

فيما يعتقد طومار بأن الوقت لا زال مبكرا لمعرفة إن كان تغيرا قد حدث أم لا، ويقول: سنرى خلال الأيام القادمة، حيث أننا لا يمكن أن نفهم كما في الماضي من خلال الاتفاقيات أو كلمات الرؤوساء، وهذا فقط يمكن أن نراه في الفترة القادمة.

 

 

مستقبل سوريا
وعن مستقبل سوريا بعد هذه القمة، يقول اليوسف: مستقبل سوريا يلزمه الكثير حتى يكون هناك حل سياسي كامل، وحتى تعود سوريا معافاة بشكل كامل، حيث أن هناك أعداد كبيرة من اللاجئين خارج سوريا، وهناك منطقة كاملة خارج سيطرة الدولة، وهناك مناطق تحتلها تركيا شمال وغرب حلب.

ويواصل: سيكون هناك مشاكل كثيرة تتمثل بكيفية التعامل مع الأكراد ومع الإدارة الذاتية، وهل سيكون هناك إدارة ذاتية أو تطبيق للامركزية في تلك المناطق، وكيف سيكون موقف الولايات المتحدة وهل ستنسحب، وهل سيكون هناك منطقة آمنة، والعديد من الأسئلة الأخرى.

ويضيف المحلل السوري: أعتقد أنه من غير الممكن التكهن بما يحدث، والثابت الآن أن الدولة السورية أصبحت تسيطر على حوالي 65% من الأراضي السورية، ومنطقة خفض التصعيد سيكون لها حل قريب، وأن اللجنة الدستورية ستأخذ وقت زمني كبير بسبب الاختلافات بين الأطراف.

أما الموسوي فيرى أن هناك تغير إيجابي في القضية السورية، ويوضح: أعتقد أن الأمور تسير نحو الحسم ربما سياسيا في المرحلة القادمة، وعبر ممرات لإجلاء المسلحين، وتقليل العمليات العسكرية إذا ما التزموا بالمدة الزمنية التي حددت في الاجتماع الثلاثي.

ويختم المحلل الإيراني: كل الأطراف متفاهمة على المواضيع الأساسية، والأتراك عرفوا بأن الأميركيين يكذبون عليهم وغير جادين في حسم الأمور، لذلك أعتقد أن الأتراك متجهين أكثر نحو الاتفاق مع الطرفين الروسي والإيراني.

وبدوره يرى جنكيز أن هناك بعض البوادر الجيدة في بعض الملفات، فيما لا تزال بعضها الآخر معلقا، ويبين: هناك شيء مبشر فيما يخص اللجنة الدستورية بالنسبة للحل السياسي، لكن أهم القضايا بالنسبة لتركيا هي إدلب وشرق الفرات، وقضية شرق الفرات ليست بيد هذه الدول الثلاث، حيث أن اللاعب الرئيسي هناك هو ترامب والولايات المتحدة.

ويختم قوله: قد يكون هناك حل بالنسبة لإدلب، لكن شرق الفرات هي قضية حياة أو موت بالنسبة لتركيا، وبالنسبة لهذه النقطة الولايات المتحدة لم تكن على الطاولة، ولا نعرف ما ستفعله بالنسبة لشرق الفرات، وهذا الأمر مهم جدا في سوريا.