Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر August 31, 2019
A A A
لماذا يرحل الفنانون بصمت؟…قداس في اهدن لراحة نفس الفنان سايد يمين
الكاتب: موقع المرده
1 2 3 4 5 6 7 8
<
>

لا اعرف لماذا يرحل الفنانون بصمت ومن دون ضجة وضوضاء، انما ما اعرفه ان زغرتا خسرت برحيله فنانا من القماشة النادرة حملها الى العالمية وبقي قلبه معلقا بها حتى الرمق الاخير .

الفنان الزغرتاوي اللبناني السويسري العالمي سايد يمين لم يحضن تراب بلدته اهدن جثمانه اذ وري الثرى في بلده الثاني سويسرا لكن اهله ومحبيه واصدقاءه ومقدري فنه اجتمعوا بالامس في كنيسة مار جرجس إهدن وصلوا لراحة نفسه بقداس ترأسه المونسنيور اسطفان فرنجيه بمعاونة الأب بول مرقص الدويهي والخوري يوحنا مخلوف.

وحضر القداس كل من النائب اسطفان الدويهي وأهل الفقيد وممثلين عن هيئات ثقافية وتربوية واجتماعية وعدد من أبناء الرعية.
بعد الانجيل كانت كلمة للمونسنيور فرنجيه نوّه فيها بمزايا الراحل معتبراً: “أن غيابه خسارة على الفن ليس فقط في لبنان وانما في سويسرا والعالم”.

ولفت الى ان سايد اصبح في عالم لا يسوده الألم بل الجمال والفرح والسعادة الابدية.

بعد القداس تقبّل أهل الفقيد التعازي في قاعة الكنيسة وكان في مقدمهم النائب طوني فرنجيه وعدد من الشخصيات والفعاليات الاجتماعية ومن أبناء المنطقة.

وللمناسبة نورد ما كتبه صديقه النقيب انطوان عيروت علنا نفي هذا الفنان النادر بعضا من حقه حيث كتب عيروت :”
بالصدفة رسمتُ في 21/8/2019 ألوان القداسة وغيوم البخور في وادي قزحيا – اهدن، الألوان التي احببناها سوية منذ الطفولة، عندما كنّا نركض في الوادي المقدس لنتلمس شروق الشمس او غروبها ونضعها على ما تيسّر لنا من قماش الرسم،
رسمت ولم انتبه انّك مع البخور تخطو الخطوات الاولى نحو الحياة الابدية وتنطلق من تلة محبسة قزحيا، بل كل ما أذكره أن اللوحة انتهى رسمها في نصف ساعة وكأنّ حوارنا في الفن والصداقة الذي ابتدأ منذ ستينات القرن الماضي قد انتهى مع اللوحة.
كنتَ تتوجّه إلى السماء دون ان أفتكر أنّ ألوانك قد توقفت عن العزف، وأنا كنت أُجزِّءُ ألوان السماء في قزحيا – اهدن وأُحوّل الأزرق في سماء اللوحة الى اخضرار “مرج مرهجية” على ضفاف رشعين حيث كنّا نلعب ونحس أنّنا في جنّة… ونضحك، بالرغم من تفتح اللون الأخضر وتعرّج مياه النبع والزبد، نضحك لأنّه، بالنسبة لكلينا لا مكان يحل محلّ اهدن كجنة عدن
ما تراءى لي يا صديقي عندما علمت بوفاتك، انه من الممكن ان تكون روحك قد انطلقت من سويسرا باتجاه وادي قزحيا وان هذه الروح هي التي اخذت بيدي لرسم وادي القداسة أو جنة الله التي احببناها وعرّيناها معا
رسمت اللوحة، أرّختها، نشرتها فورا على الاينستغرام (نادرا ما انشر) ودون ان اعرف انها كانت لوحة لروحك الطاهرة التي انتقلت من سويسرا الى إهدن عدن الله على الأرض كمحطة انتقال من عدن الله الى جوار الله
سايد… الصديق الذي لم يتغير في محبته وفي انسانيته، الصديق الذي كان يتندر في حكايات وحكايات عن اخبارنا البيروتية المضحكة،
سايد… حينما انطلقنا شلّة من الشباب في زغرتا وأقمنا أكثر من معرض عام او مشترك او منفرد بين الستينات والسبعينات والثمانينات، كنّا نعلم جميعا انك الوحيد بيننا الذي سيتابع المسيرة في الرسم وانك ستكون عنوانا بين كبار الفنانين….
سايد، يا من كنت استشيره في التفاصيل ولو عن بعدٍ، ويا من ألزمني بالعودة الى الرسم وفرح الالوان بعد عشر سنوات تقريبا من التوقف بسبب مروري على عالم المحاماة،
سايد يمين… الرسام الزغرتاوي العالمي، الذي اعطى للرسم حقّه وخلق مدرسة باسمه تتنقل بين ايطاليا وفرنسا وسويسرا لتعود من كل مراكزها الى اهدن تتمعّن دوماً بما أحببت من الوانها لتوزّعها على العالم… لتكن ألوان السماء مسكنك، فألوانها مليئة بالفرح واهدن جنّة ألوانها…
سايد… لقد أغمضت عينيك على هذا العالم بعد أن رسمت ريشتك طريق النور الى القيامة من اجل الحياة الابدية… فنم قرير العين لأن عيوننا والآتين ستلمع بالفرح الدائم عند النظر الى لوحاتك الباقية في عالم الرسم….”.