Beirut weather 22.99 ° C
تاريخ النشر August 22, 2019
A A A
كيف لعب سلاح حزب الله دوراً في ازمة ترسيم الحدود؟
الكاتب: بولا مراد - الديار

فرضت التهديدات الأميركية المتصاعدة، واقعاً جديداً على المنطقة، بما فيها الساحة اللبنانية التي تتأثّر الى أبعد الحدود بأي تطوّر عسكري قد يقع في أي لحظة، سواء بقرارٍ متخذ مسبقاً أو نتيجة خطأ حسابات أي طرف، ما ينقل الحرب الباردة القائمة حالياً بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى، الى حربٍ ساخنة لن تقف عند حدود مياه الخليج.
ولعلّ ما تضمنه خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في في الذكرى الـ 13 لانتهاء حرب تموز 2006، يؤشّر إلى مسارين، الأول طمأنة الشعب اللبناني الى أن استبعاد الحرب مع إسرائيل، بفضل توازن الردع بين جيش الاحتلال، وبين المقاومة التي تمتلك ما يكفي من ترسانة صاروخية المتطورة، بأضعاف مضاعفة عمّا كانت تمتلكه خلال حرب تموز، يضاف إليها القدرات القتالية لشباب المقاومة الذين اكتسبوا خبرة عالية، في الحرب السورية راكمت من خبراتهم، أما المسار الثاني، فيؤكد أن أي حرب مقبلة ستقود الى معادلة جديدة تغيّر المنطقة وتقلب الواقع رأساً على عقب.
وتعتبر مصادر في قوى 8 آذار على أن «التهويل الأميركي بحرب خاطفة على إيران لا يقع في موقعه الصحيح، لأن الحرب أضحت في ذيل قائمة الاهتمام الأميركي، خصوصاً وأن الجيش الأميركي رغم تفوّقه وقدراته الهائلة لم يخرج بعد من مستنقع أفغانستان، ولا يزال يتقهقر أمام العمليات التي ينفذها مقاتلو طالبان ضدّه، فكيف الحال مع دولة مثل ايران تمتلك القوّة العسكرية الثانية في المنقطة؟».وتشدد المصادر على أن «مراكز الدراسات التابعة لمواقع صنّاع القرار الأميركي، تبحث عن وسيلة لخروج الجيش الأميركي من المنطقة، بما يحفظ ماء وجه الإدارة الأميركية، لأن الأولوية في واشنطن انتقلت الى سباق التسلّح مع روسيا، بدليل التجارب الصاروخية المتبادلة، والرسائل التي توجهها كلّ دولة للأخرى».
ورغم أن سيناريو الحرب العسكرية يتساوى مع استبعادها، بدا «حزب الله» مهتماً الى أبعد الحدود في لملمة الوضع، وتحصين الجبهة الداخلية، فهو ومنذ فترة يلعب دور «ضابط الايقاع». ويؤكد مصدر نيابي، أن «لقاء المصالحة والمصارحة الذي شهده قصر بعبدا، شكّل مخرجاً لمأزق حادثة قبرشمون، بإعداد متقن من الحزب وإخراج القيادات السياسية الأخرى، وقد جرت صياغته بدقّة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، بحيث خرج الجميع بأقلّ الأضرار السياسية، وأسس لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلد، ولا تحتمل التأجيل والتسويف».
وفرضت خطورة المرحلة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة على جميع القوى والأحزاب السياسية مقاربة مختلفة للأوضاع، تحتّم على الأطراف الأخذ بعين الاعتبار احتفاظ لبنان بأوراق قوته أمام التهديدات الخارجية. وتوقّف المصدر النيابي، عند كلام رئيس الجمهورية ميشال عون الأخير، الذي أعلن صراحة أن «التطورات العسكرية التي شهدها الجوار اللبناني خلال الأعوام الماضية، فرضت مقاربة جديدة لموضوع الاستراتيجية الدفاعية، تأخذ بالاعتبار هذه التطورات، خصوصاً بعد دخول دول كبرى وتنظيمات إرهابية في الحروب التي شهدتها دول عدة مجاورة للبنان، ما أحدث تغييرات في الأهداف والاستراتيجيات لا بد من أخذها الاعتبار». وشدد المصدر على أن «ثمّة مفاهيم جديدة دخلت في قاموس القوى اللبنانية، حتى لدى بعض القوى التي كانت تتحدث بسلبية عن سلاح المقاومة ودوره في الداخل اللبناني وفي صراع المنطقة».
وتعترف مصادر غربية بأن «سلاح حزب الله لعب دوراً أساسياً في تفعيل الوساطة الأميركية لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل». وكشفت أن «إدارة دونالد ترامب مهتمة الى أبعد الحدود في ترسيم الحدود وبسرعة كبيرة، لانتزاع أي ذريعة لحزب الله تنغّص على إسرائيل عملية استخراج النفط من المياه الاقليمية (لدولة فلسطين المحتلة)، وهو ما يفسّر الزيارات المكوكية للموفدين الأميركيين الى لبنان والأراضي المحتلّة». وهي ربطت بين هذه الفرضية وبين كلام سابق للسيّد حسن نصر الله، الذي جزم فيه أن نفط إسرائيل مقابل نفط لبنان، لكنّ المصادر الغربية لفتت إلى أن «القلق الأميركي ـ الإسرائيلي يمتدّ الى ما بعد ترسيم الحدود، والتزام إسرائيل بمعاهدة وقف النار التي تبقي التوتر قائماً، وربما يصبح هذا السلاح متحكّماً بفرض معايير جديدة على تل أبيب».
في ظلّ هذه العوامل المتضاربة، ثمة فرص متعددة أمام لبنان يمكن استثمارها، بدءاً بالتفاهمات السياسية الجديدة التي لا تلغي أي طرف، ولا تكسر أي مرجعية، مروراً بالرغبة في المعالجة الجدية للأزمة الاقتصادية، ولا تنتهي بمعادلة تفيد بأن لبنان رغم صغره الجغرافي، لا يزال بلداً مهمّاً في المنطقة، وهو يمتلك من أوراق القوة ما يجعله لاعباً أساسياً بدل أن يكون مجرّد ورقة على طاولة الصفقات الإقليمية والدولية.