Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر June 17, 2019
A A A
لا ترتكب هذا الخطأ يا زيدان!
الكاتب: الياس الشدياق - يورو سبورت

لم يكد ينتهي الموسم الماضي (2018/2019) حتى اعلن ريال مدريد بدء ثورته بالتعاقدات بهدف تعزيز صفوفه بأفضل العناصر بعد موسم مخيب للآمال، كان الأسوأ منذ مدة طويلة، صارفاً حوالي 300 مليون يورو في أقل من أسبوعين.

 

حركة ريال مدريد المبكرة جعلت البعض يعتقد أن الموسم المقبل سيبدأ بعد أيام قليلة، نظراً لحجم الصرف الذي قام به فريق العاصمة المدريدية، وعدد اللاعبين الذين تعاقد معهم بالإضافة الى السرعة في إنهاء صفقاته حتى قبل بدء عطلة اللاعبين الصيفية.

 

حتى الآن تعاقد ريال مدريد مع 5 لاعبين جدد، هم: ايدين هازارد (من تشيلسي)، لوكا يوفيتش (من آينتراخت فرانكفورت)، رودريغو (من سانتوس البرازيلي)، إيدر ميليتاو (من بورتو) وفيرلاند ميندي (من ليون)، وهو في صدد إجراء صفقة سادسة أخيرة بحسب تحليلات ومعلومات الصحف الإسبانية.

 

ريال عزز هجومه بالشكل المطلوب بعد موسم سيء للغاية عقب رحيل كريستيانو رونالدو وعدم تعويضه بلاعب هدّاف بديل، ما أثر على موسم الفريق بأكمله واخرجه خالي اليدين من دون أي لقب.

 

لكن يبدو أن فلورنتينو بيريز لم ينته بعد من تعاقداته، حيث تتحدث الصحف الإسبانية عن نية مدرب الفريق زين الدين زيدان ضم لاعب وسط مانشستر يونايتد بول بوغبا بأي ثمن كان على أساس أنه اللاعب المنتظر والقادر على رفع شأن وسط ريال في الموسم المقبل.

 

في نفس الوقت، أكد بول بوغبا في حديث صحافي نهاية الأسبو الماضي نيته مغادرة الفريق الإنكليزي بعد ثلاثة مواسم معه، مشيراً الى أنّه قدّم أفضل مواسمه في الموسم الأخير وبالتالي حان وقت الرحيل، قبل أن يردّ عليه رئيس النادي بأنه لن يتخلى عنه.

 

وأمام الصراع الذي بدأ في أروقة ملعب “أولد ترافورد”، يبدو أن زيدان غير مُدرك لـ “الخطأ الكبير” الذي قد يرتكبه في حال التعاقد مع بوغبا، الذي قدّ يكلّف إدارة ريال مدريد أكثر من 120 مليون يورو للتوقيع معه.

بوغبا إنتقل عام 2016 الى مانشستر يونايتد قادماً من يوفنتوس بصفقة وصلت الى 120 مليون يورو، وفي وقتها تعرضت إدارة “الشياطين الحمر” للكثير من الإنتقادات بسبب هذه الصفقة خصوصاً بعد أن رحل اللاعب نفسه عن الفريق عام 2012 بسعر بسيط جداً متوجهاً الى يوفنتوس.

 

منذ ذلك الحين والأنظار متجهة نحو بوغبا، وما القيمة المضافة التي يمكن أن يعطيها للفريق، هل سيكون نجم الفريق الأول؟ هل سيدخل مانشستر يونايتد العصر الذهبي معه؟ أسئلة كثيرة طُرحت، لكن فكرة واحدة بقيت مسيطرة على المشهد العام وهي أن بوغبا لاعب مميز لكنه ليس بالقائد ولا حتى “مشروع اسطورة”، هو ربما “فقّاعة إعلامية” ليس أكثر.

 

لا شكّ ان بوغبا هو من بين أبرز لاعبي الوسط في العالم، ولكن هل يستحق أن يصرف عليه ريال مدريد أموال طائلة؟ لعب بوغبا ثلاثة مواسم مع مانشستر يونايتد وفاز معهم بلقب الدوري الأوروبي وكأس الرابطة الإنكليزية فقط واحتل مع فريقه المركز السادس بالدوري الإنجليزي الموسم الماضي. هو لم يفز بلقب الدوري الإنكليزي ولا حتى دوري أبطال أوروبا، لا بل لم يتأهل مع فريقه الى البطولة القارية في الموسم المقبل.

 

دخل بوغبا مطلع الموسم الماضي بخلافات كثيرة مع مدرب الفريق السابق جوزيه مورينيو، سلّم الأخير شارة القيادة للاعب الفرنسي ربما بهدف احتواء الأزمة من دون أن يثبت بوغبا أنه قائد حقيقي لفريق بحجم مانشستر يونايتد، لا بل استمرت الخلافات وظهرت بشكل واضح عبر وسائل الإعلام الإنكليزية.

 

حتى في كأس العالم 2018، تحدث العديد من المتابعين عن قدرة بوغبا قيادة المنتخب الفرنسي للفوز باللقب، لكن لاعبين كثر تألقوا وساعدوا فرنسا على التتويج وكان لهم الدور الأبرز مثل رافاييل فاران ونغولو كانتي وكيليان مبابي، في حين لم يكن لبوغبا هذا التأثير الكبير على المنتخب.

 

بالمقارنة بين بوغبا وايدين هازارد مثلاً الذي انتقل الى ريال مدريد هذا الصيف، نرى بأن الأخير لعب 7 مواسم مع تشيلسي، قادهم للفوز بلقبين في الدوري الإنجليزي ولقب بالدوري الأوروبي والعديد من الألقاب الآخرى. كان وفيّ لفريقه، قائد بكل معنى الكلمة بغض النظر عن شارة القيادة التي لم يحملها مع تشيلسي.

 

بين هازارد وبوغبا، والمقارنة هنا ليست بعدد الأهداف كون اللاعبين يلعبان بمركزين مختلفين، نرى بأن الأول يلعب لاسم الفريق والفوز بالألقاب الجماعية مع روح قيادة عالية في حين يلعب الثاني لإسمه الشخصي فقط، بعيداً عن لون القميص التي يرتديها.

 

هازارد قاد فريقه لنهائي الدوري الأوروبي وسجل هدفين في النهائي أمام ارسنال، لكن ماذا فعل بوغبا في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا أمام برشلونة مثلاً؟ لا شيء.

 

صحيح أن بوغبا سجل العديد من الأهداف مع تولي المدرب أولي غونار سولشاير مهمة الادارة الفنية بدلاً من مورينيو، لكن أهدافه أتت أمام فرق مثل فولهام وبورنموث وهيديرسفيلد، وليستر سيتي وبرايتون وايفرتون، وبالتالي غاب كلياً أمام الفرق الكبيرة.

 

وبعيداً عن أرضية الملعب، هناك مشكلتين أساسيتين ترافقان بوغبا، الاول تتمثل بوكيل أعماله المتطلب الطمّاع مينو رايولا صاحب المتطلبات الكبيرة والكثيرة، التي قد لا تتوافق مع إدارة ريال مدريد الباحثة عن لاعبين يلتزمون بالنادي، ويحافظون على الهدوء داخل غرفة الملابس عكس ما قد يقوم به بوغبا ووكيل أعماله. أمّا المشكلة الثانية فهي شخصية اللاعب الذي يحب الظهور ويخلق لنفسه “حيثة” معينة لا تتماشى مع لاعبين كسيرجيو راموس وكريم بنزيما وتوني كروس…

 

قد يتمكن زيدان من اخراج كل ما يملك من بوغبا على ارض الملعب، لكن ماذا يفعل بتوني كروس وكاسيميرو وفالفيردي ولوكا مودريتش وغيره من لاعبي خط الوسط؟ كيف سيلعب؟ على حساب من؟ الضحية لن تكون لاعب هذه المرة، بل ستكون مجموعة بأكملها غير قادرة على اللعب بجوار لاعب يحمل كل تلك المشاكل وممكن أن ينقل أي اشكال صغير الى وسائل الإعلام كما حصل مع مورينيو.

 

أخيراً نذكّر بحادثة حصلت في ريال مدريد الموسم الماضي وهي بتغريم اللاعب الاسباني ايسكو مبلغاً من المال عندما انتقد مدربه (سانتياغو سولاري في وقتها) وخياراته علناً خلال منشور عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وبالتالي حاولوا أن تضعوا بوغبا بنفس السيناريو وهو ينتقد مدربه او زميل له، فماذا سيحصل؟

 

تعاقد ريال مدريد مع بول بوغبا خطأ مزدوج، من النادي واللاعب. ريال مدريد يبني الآن فريقاً للمستقبل مع اللاعبين الجدد ومغادرة بعض الأسماء من القلعة البيضاء، ما يعني أن النادي غير قابل لأي مشكلة قد تحصل على المدى المتوسط لحين الفوز بلقب الدوري الإسباني، وبالتالي أفضل له البحث عن لاعب آخر لتعزيز خط الوسط أو حتى الإعتماد مجدداً على ماتيو كوفاسيتش، في حين على بوغبا البقاء مع يونايتد لأثبات أنه لاعب كبير عكس كل ما حصل سابقاً أو ربما العودة الى يوفنتوس حيث تألق سابقاً.