Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر June 15, 2019
A A A
الامور غامضة… خيبة أمل متعاظمة لدى دول “سيدر”!
الكاتب: روزانا بومنصف - النهار

تكشف مصادر مصرفية لا تخفي احباطها مما تعتبره استهدافا للمصارف واعتمادا مفرطا عليها كما في تحميلها المسؤولية وفق ما عبر نواب في اجتماع لجنة المال والموازنة على خلفية سياسية من دون امتلاك الكثيرين منهم اي ثقافة اقتصادية او مالية ان الجدال المفرط على الموازنة بعد اقرارها في الحكومة ضيع فرصة الانعكاس الايجابي لاقرارها. وهذا الامر ينسحب على الخلافات السياسية التي تمظهرت في مواقف اعادت تسليط الضوء على احتمال انهيار التسوية السياسية خصوصا ان هذه التطورات اتت على خلفية مواقف سياسيين او مواقف سياسية اقتصادية ومالية تفتقر الى الحد الادنى من المسؤولية في معرفة الانعكاسات السلبية لهذه المواقف على الواقع المالي وعلى النظرة الخارجية للبنان كما على اي استثمارات محتملة. لا بل تنقل هذه المصادر عن ممثلين للدول الفاعلة والمؤثرة في مؤتمر “سيدر” احباطها او بالاحرى خيبة املها، وهي كلمة ديبلوماسية مخففة، من عاملين استهدفا في شكل اساسي ملاقاة التزامات او شروط مؤتمر “سيدر”. العامل الاول هو خطة الكهرباء التي لم تلحظ لا انشاء هيئة ناظمة او مجلس للادارة على قاعدة ان ذلك يتطلب وقتا وينقل عن هؤلاء الممثلين تساؤلهم الساخر عن احتمال استغراق هاتين الخطوتين البديهيتين وقتا اكثر من اعادة ترميم كاتدرائية نوتردام في باريس بعد احتراقها فيما انه لا يخفى على هذه الدول ان ترك الامور غير منضبطة انما يعني ان الامر مفتوح على احتمالات الفساد التي لن يود الخارج دعمها بأي شكل. والعامل الثاني يتصل بالموازنة التي وضع رئيس الحكومة سعد الحريري لها سقفا مرتفعا من اجل اجراءات تقشفية حقيقية تضع البلد على طريق الانقاذ فيما ان نسبة العجز التي تم التوصل اليها كـ” انجاز” كانت امرا جيدا نسبيا ولو انه ليس حقيقيا فعلا لان نسبة العجز ستتخطى ذلك. لكن ووفقا لكلام رئيس الحكومة وسائر المسؤولين الذين حذروا من ان عدم اتخاذ اجراءات جادة لن تضع البلد على طريق الانقاذ فان عدم حصول ذلك نتيجة الضغوط في الشارع والضغوط السياسية المختلفة لا تغفل عن واقع السؤال عما سيؤول اليه الواقع استنادا الى عدم تحقق ما نبه اليه المسؤولون انفسهم. وفيما ان خطة الكهرباء ومشروع الموازنة هما الطريق الى الحصول على القروض من مؤتمر “سيدر” تكشف المصادر المصرفية تضاؤل او تراجع احتمال حصول لبنان عليها وفق الوعود والالتزامات الغربية في الوقت الذي تعتبر هذه المصادر ان الكلام الذي يبني على ان هناك مظلة لاستقرار لبنان ومنع انهياره ليس امنيا فحسب بل اقتصاديا وماليا ليس حقيقيا بمقدار ما تعتبر هذه المصادر انه للاستهلاك الداخلي اقله بما يتعلق بالشق الاقتصادي فيما ان مصالح الافرقاء الداخليين تقتضي الاستقرار الامني كذلك. والاهم بالنسبة الى هذا المسار انه فيما اشترت السلطات في البلد وقتا على وقع ضمان استقرار الوضع حتى نهاية السنة الجارية وفق تطمينات حاكم المصرف المركزي رياض سلامه، فان ما هو مطروح يتصل بالرهانات لما بعد العجز عن تحقيق اي التزام في محاربة الفساد والاصلاح واتخاذ الخطوات اللازمة على صعيد اجراءات تحدث المسؤولون عنها ولم تذكر اطلاقا في الموازنة وليس اكيدا في ظل نظام الزبائنية القائم ان يتم الارتكاز اليها في موازنة 2020 ولو ان دعوة الوزارات الى بدء اعدادها منذ الان يشكل مؤشرا جيدا. وهذا يترك الامور غامضة بالنسبة الى اللبنانيين حول سبل معالجة الواقع الاقتصادي والواقع المالي في ظل احتمالات يتحدث بها الخبراء الاقتصاديون بصراحة في ظل توقعات بكلفة باهظة جدا على اللبنانيين ايا تكن طبيعة القرارات او الاتجاهات التي سيدفع باتجاهها لبنان وحده او بالتواطؤ الضمني والمشترك مع البنك الدولي مثلا.
الجانب الاخر لا يتعلق بالتجاذبات الداخلية على خلفية انها مجرد تجاذبات سياسية عادية تحصل في اي بلد بهامش معين من الديموقراطية، بل بواقع ان التجاذبات التي اعادت طرح احتمال تطيير التسوية السياسية يمكن ان تقلب الامور رأسا على عقب خصوصا ان تجربة حكومة الرئيس الحريري في 2011 لا تزال ماثلة في الاذهان على وقع متغيرات اقليمية ايا تكن مقتضيات التسوية خصوصا ان هناك الكثير من التطورات تجري في المنطقة. وبالنسبة الى داعمين للرئيس الحريري ممن انتظروا المواقف التي اعلنها في المؤتمر الصحافي الاخير واضعا النقاط على الحروف، فان المسألة تتخطى هذه المواقف الى امرين: احدهما هو قدرة الرئيس الحريري على الاستمرار في اسلوب صد محاولات تجاوز صلاحياته والقفز فوق الدستور عند كل محطة سياسية والامر الاخر يتصل بمدى التزام الشركاء الاخرين في التسوية حدود احترام اللعبة السياسية فيما ان الكثير من التصرفات تجاوزتها وهددت الواقع الداخلي ما اضطر رئيس الجمهورية الى اجراء مساع للملمة ذيول ما حصل من جانب الفريق الداعم له. وهذا يعني ان احتمال تطور الامور ايجابا يظل رهنا بالافعال وليس بالاقوال انطلاقا من ان التجربة التي مر بها الحريري في اثناء اعلان استقالته من الرياض على رغم ما اتسمت به، لم تشكل رادعا حقيقيا لمنع انحراف الامور وتوظيفها من خارج التزام مبدأ النأي بالنفس او من خارج احترام مندرجات اتفاق الطائف بل ان ذلك استمر بطريقة او باخرى بدليل ما حصل في تشكيل الحكومة الحالية او في اعداد الموازنة وتحضيرا راهنا للتعيينات. وهذا كله لا يترك انطباعات ايجابية على جملة رهانات تتعلق بموسم سياحي واعد او على الاطمئنان الى حسن ادارة البلد وشؤونه في مرحلة حساسة جدا من الغليان في المنطقة.