مع تأليف الحكومة الجديدة، أعطت قيادة «حزب الله» إشارة الانطلاق، رسمياً، لمعركة مكافحة الفساد التي كان «الحزب» يتولى تحضير عُدّتها وعديدها، خلال الفترة الماضية، منتظراً الولادة الحكومية ليقص «شريط» المغامرة الجديدة. وقد تولّى مسؤول هذا الملف النائب حسن فضل الله توجيه «الصلية» الاولى من الصواريخ المضادة للدروع عبر كلمته في مجلس النواب، في سياق جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة.
يمكن القول إنّ كلمة فضل الله التي كانت منسّقة في خطوطها العريضة مع قيادة «حزب الله» هي رسالة قوية الى كل من يعنيه الامر، مفادها انّ «الحزب» انتقل من طور التخطيط والإعداد الى حيّز التنفيذ والمواجهة في معركة صدّ الفاسدين ومنع تمددهم.
وما طرحه فضل الله في المجلس النيابي ليس سوى أول الغيث، وهو يندرج في إطار «العمليات النوعية» التي يستعد «الحزب» لتنفيذها تباعاً في «مزارع» الفساد والهدر، على ما يؤكّد العارفون بما يجري التحضير له في «الحزب» بإشراف أمينه العام السيد حسن نصرالله.
وعليه، فإنّ الملفات الحسّاسة التي فتحها فضل الله في كلمته، ستبقى تحت مجهر «الحزب» ورقابته الى حين البت بها. وما أدلى به في المجلس لن يمرّ مرور الكرام ولن يكون مجرد استعراض دعائي لدغدغة العواطف، بل انّ نائب كتلة «الوفاء للمقاومة» مصرّ على المضي حتى النهاية في ملاحقة القضايا التي أضاء عليها، متسلّحاً بدعم «السيّد»، وفق ما يُنقل عنه.
ولن يجد «الحزب» حرجاً في التعاون مع أي جهة تبدي جدّية في محاربة الفساد، حتى لو كان يختلف معها في الخيارات السياسية، وبالتالي فهو مستعد للتفاعل حتى مع «القوات اللبنانية» في مجلسي الوزراء والنواب، على اساس تقاطعات موضعية حول ملفات محددة، إذا أظهرت «القوات» إرادة حقيقية لمواجهة الفساد، تبعاً لما يعكسه القريبون من «الحزب».
ولأنّ القضاء يشكّل رأس حربة في هذه المواجهة، فإنّ قيادة «حزب الله» لا تخفي مآخذها واعتراضاتها على تقصيره تارة وقصوره طوراً. وقد كان فضل الله واضحاً وصريحاً في مطالبته الجسم القضائي بتحمّل مسؤولياته، بعدما لمس خللاً او تراخياً في نمط تعاطيه، كما تبيّن على سبيل المثال من «لفلفة» ملف الانترنت غير الشرعي، الذي سبق للجنة الاتصالات النيابية برئاسة فضل الله ان خاضت فيه حتى القعر، قبل ان يطوى حين أتى وقت المحاسبة.
وعلى قاعدة الشكوى من هذا الواقع ورفض استمراره، يبدو انّ «الحزب» سيكون له رأي مؤثّر في اختيار بديل من المدّعي العام التمييزي الحالي القاضي سمير حمود، الذي سيحال الى التقاعد قريباً، وهو لن يكون مجرد متلقٍ او متلقف للإسم الجديد، وانما سيشارك في اختياره، ربطاً بالمواصفات التي يتطلبها خوض معركة مكافحة الفساد.
وقد وضع «الحزب» ضمن اولوياته للمرحلة المقبلة الملفات التي تطرّق اليها فضل الله، وهي: