Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر December 7, 2018
A A A
مشروع قانون تجريم التحرّش رهن الوعود
الكاتب: نسرين مرعب - النهار

في 8 آذار 2017، أحال مجلس الوزراء مشروع القانون الذي تقدمت به وزارة الدولة لشؤون المرأة والذي ينص على فرض عقوبات على جريمة التحرش الجنسي إلى مجلس النواب اللبناني، وذلك كـ “هدية للمرأة في عيدها”. في 8 آذار 2018، لم يهدِ البرلمان اللبناني المرأة هدية تشريع القانون في عيدها، بل أودع الهدية الوزارية الأولى، لدى اللجان التي غادرت القبّة البرلمانية مع انتخابات العام 2018.

عام ونصف العام، وقانون معاقبة المتحرش ما زال معلقاً، ورهناً بالوعود، وما زالت المرأة دون حماية قانونية، مع غياب أيّ تعريف واضح ودقيق لـ”التحرش” مما يدفع العديد من النساء اللواتي يقعن ضحايا التحرش إلى الصمت خوفاً من المجتمع وحتى من الآخر.

أكثر من مشروع لتجريم التحرش وأكثر من تعريف

مشروع قانون تجريم المتحرش، طرحه أولاً النائب غسان مخيبر، في مطلع العام 2017، هذا القانون الذي يتطلب “بالاً مرتاحاً” – على حد تعبير أحد النواب الذي توّجه لمخيبر في الجلسة قائلاً “نيالك يا غسان شو بالك مرتاح” – أُقرّ في حينها في مجلس النواب من ثمّ عاد وتراجع عنه النواب أنفسهم في الجلسة التشريعية نفسها، وذلك بعدما خوّفهم البعض من استغلال القانون للانتقام من أصحاب العمل، وإثر اعتراض البعض الآخر لعدم تضمين مشروع القانون آلية واضحة للمحاسبة.

وفي حين ينص مشروع مخيبر على تعريف التحرش بـ”كل من أقدم بشكل صادم أو ملح أو متكرر على فرض أقوال أو أفعال أو إيحاءات ذات طابع جنسي أو ذات طابع عنصري، على شخص من دون رضاه أو من دون إيحاء بالترحيب، فأدى ذلك الى الاعتداء على كرامته إما بسبب طبيعتها أو ظروفها المهينة أو الضاغطة أو المحرجة، على أن تتوقف الملاحقة على شكوى المتضرر”.

عرّف مشروع القانون الذي قدّمه لاحقاً وزير الدولة لشؤون المرأة، ووافق عليه مجلس الوزراء التحرّش الجنسي بأنّه “عبر الكلام المثبت أو الكتابة، وبأي وسيلة من وسائل الإتصال، أو ممارسة الضغوط أو التهويل أو إصدار الأوامر بهدف الاستحصال على خدمات ذات طبيعة جنسية”، و “القيام بالكلام أو الكتابة، وبأي وسيلة من وسائل الاتصال، بإستخدام كل ما يحمل دلالات جنسية وتنال من شرف وكرامة الضحية أو تنشئ تجاهها أوضاعاً عدائية أو مهينة”.

مشروعا مخيبر وأوغاسبيان، ليسا الوحيدين، إذ هناك مسودة قانونية شاملة تعالج مسألة التحرّش وكيفية التعاطي معها أعدّتها “المجموعة النسوية” في العام 2012.

العقوبات

ينص مشروع قانون تجريم التحرش الذي تقدمت به وزارة الدولة لشؤون المرأة ووافقت عليه الحكومة على فرض عقوبات، ويقترح المشروع تعديل قانون العقوبات عبر إدراج أحكام خاصة تعرّف هذه الجريمة والتي تتمثل إما بالقيام، بشكل متكرر، باستخدام تعابير تحمل دلالات جنسية وتنال من شرف وكرامة الضحية او تنشئ تجاهها أوضاعاً عدائية او مهينة، أو ممارسة كافة انواع الضغوط.

ويقترح مشروع القانون عقوبة السجن من سنة الى سنتين وغرامة مالية تراوح بين خمسة عشرة مليون ليرة لبنانية وعشرين مليون ليرة لبنانية، كما ينص على عدم جواز منح الأسباب التخفيفية او استبدال عقوبة الحبس بالغرامة، في حالات جرائم التحرش الجنسي، وذلك عملاً بمبدأ القوة الرادعة للعقوبة وغايتها الحمائية بالنسبة للضحية.

قانون تجريم التحرش، الذي ما زال برسم اللجان النيابية والتسليم والتسلّم، عاد للواجهة مجدداً مع حملة الـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، التي تزامنت لبنانياً مع إعادة وزارة الشؤون تفعيل حملة “مش بسيطة”، وإطلاق حملة “مكرورة” من نظمة “كفى”.

لماذا لم يقرّ القانون حتى اليوم؟

قانون تجريم التحرش هو حالياً في جعبة لجنتي الإدارة والعدل والمرأة والطفل، هذا ما أكّده وزير الدولة لشؤون المرأة في حكومة تصريف الأعمال جان أوغاسبيان في حديثه لـ”النهار”، معتبراً أنّ السؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم “لماذا لم تطرح اللجان النيابية هذا القانون على جدول الأعمال”؟

وأضاف أوغاسبيان ” قدمنا المشروع ووضعناه على طاولة مجلس الوزراء وأخذ الدورات الكاملة في الوزارات المعنية ونوقش وأقرّ، وهو أوّل قانون له علاقة بالمرأة يقر”.

وتابع “بعد إقرار القانون، أحاله مجلس الوزراء على مجلس النواب، ومنه إلى اللجان، وقد تواصلنا مراراً مع المعنيين من أجل تحريكه”.

أوغاسبيان الذي نشر مع بداية حملة الـ16 يوماً لمكافحة العنف ضد المرأة، صورة له عبر صفحته الخاصة تويتر وهو يحمل لافتة مكتوب عليها “مش بسيطة”، وعلّق عليها بالقول: “التحرش الجنسي مش بسيطة أنا مع إقرار القانون لمعاقبة التحرش الجنسي”، مشدداً لـ “النهار” على أهمية الدور الإعلامي في خلق قوة تفاعل كي تتحرك اللجان لإقرار هذه القوانين.

” بانتظار الدعوة لجلسة تشريعية”

عضو لجنة الإدارة والعدل، النائب بولا يعقوبيان أكّدت من جهتها، أنّ هناك بطئاً واضحاً في إقرار القوانين. ورأت يعقوبيان في حديث لـ”النهار” أنّ “عجلة الدولة متوقفة”، مضيفة “كلّ الكتل توقع عادة على هذه القوانين لما لها من شعبية، لكنّ العبرة في التنفيذ”.

وفيما تساءلت يعقوبيان، إن كان ستتم الدعوة لجلسة تشريعية، على غرار الجلسة التي عقدت لإقرار القوانين المتعلقة بمؤتمر “سيدر”، لفتت بالتالي إلى أنّه “في حال تمّت الدعوة إلى جلسة في حينها نسأل عن القوانين التي ستطرح على جدول الأعمال”.

“كفى”.. مستمرون بمكرورة حتى إقرار القانون

المحامية ليلى عواضة، من منظمة “كفى” أوضحت لـ”النهار” أنّ “القانون لدى لجنة الإدارة والعدل”، موضحة أنّ “اللجنة الحالية تقول إنّها استلمت القانون حديثاً ولم تعمل عليه بعد”.

وتضيف عواضة أن “قانون تجريم التحرش لا يشكل ربما أولوية لدى اللجان القديمة، فكل موضوع يخص النساء يتم التعاطي معه باستخفاف ولا يؤخذ على محمل الجد، والانطباع الذي يتركه تعاطي الدولة مع قضايا النساء يشير إلى أنّ هذه القوانين ليست من الاولويات”.

وأشارت عواضة إلى أنّهم تلقوا وعوداً بعد حملة مكرورة التي أطلقتها “كفى” تجديداً للمطالبة بضرورة تجريم التحرش الجنسي وإقرار مشروع القانون، بتحريك الموضوع ووضعه على جدول أعمال اللجنة والعدل وإقراره، خاتمة “اننا في انتظار ترجمة هذه الوعود، وبالطبع سنتابع الحملة حتى إقرار قانون تجريم التحرش”.