Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر October 5, 2018
A A A
“إطلاق أول رصاصة”.. هل هي لعبة أميركية؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

تصعيد خطير وتبادل اتهامات يشوب العلاقات الاميركية الصينية، والعلاقات الاوروبية الاميركية الروسية خاصة بعد “نفضت يديها” واشنطن عمداً من الاتفاق النووي الايراني وتتحرك “القارة العجوز” التي تعتبر “عرابته الحنون” على اكثر من صعيد لحماية مصالحها في إيران وينتابها قلق من الانهيار الكامل لهذا الاتفاق التاريخي.
متخاصمة هي الولايات المتحدة الاميركية مع شركائها في العالم وخصومها وكأنها تذكرنا لوهلة بفريق سياسي لبناني الذي يختلف مع أكثرية الافرقاء السياسيين أكانوا خصوماً أم حلفاء.

“إطلاق أول رصاصة” في الحرب التجارية بين أميركا والصين، وقد تمثلت هذه الخطوة بفرض رسوم أميركية جمركية على بضائع صينية، في علامة على بدء حرب تجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
ويدور الحديث في فلك السياسة العالمية ان نهاية عصر الدولار اقتربت اذ تلوّح الكثير من الدول بالتخلي عن هذه العملة التي عاشت “عصراً ذهبياً”، فوزارة المالية الروسية مثلاً قد قدمت خطة أمس إلى الحكومة تهدف لتخفيف اعتماد البلاد على الدولار، وتنويع استخدام العملات الأجنبية في التجارة الخارجية. على خطٍ موازٍ، في ظل الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية على عدد من الاقتصادات -بينها تركيا وروسيا وإيران- عبر فرض سلسلة عقوبات لإخضاعها، بالإضافة إلى حرب دونالد ترامب التجارية على الاتحاد الأوروبي والصين وشركاء آخرين؛ اذ تجددت الدعوات لاعتماد العملات الوطنية في التعاملات الخارجية للتخلص من قبضة الدولار الذي تمارس واشنطن من خلاله ضغطاً على الدول باعتباره العملة الأكثر انتشاراً.
يطرح التوجه نحو استعمال العملات الوطنية في التعاملات التجارية تساؤلات بشأن مصير الدولار ومعه الاقتصاد العالمي بشكل عام، وهل يمكن أن تختفي العملة الخضراء من الأسواق كعملة قوية في حال نجحت هذه المساعي، وأي انعكاسات محتملة لإمكانية اعتماد عملة أو سلة عملات عالمية بديلة للدولار؟ ماذا لو تخلى العالم عن العملة الأميركية؟
يؤكد المحلل السياسي الدكتور شارل رزق الله في حديث خصّ به موقع المرده أن “مع تدهور العلاقات الأميركية الإيرانية سيشهد العالم مواجهة أكثر حدة بين إيران والنظام الغربي، مع توالي العقوبات السياسية والضغوط العسكرية عليها، لكن التأثيرات لن تقف عند إيران فقط, فانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي سيولد سلسلة جديدة من التناقضات والتعقيدات”.
واضاف رزق الله: “فكرة إحلال الروبل بدل الدولار الأميركي في التعاملات التجارية بين روسيا والدول الأخرى أمر جيد وواقعي، ويمكن العمل في هذا الاتجاه، لكن الخطوات يجب ان تكون مدروسة وتدريجية، وضمن منظومة اقتصادية تسمح بالتعامل بالعملات الوطنية بين روسيا والدول الأخرى”.
واعتبر ان “استخدام العملات الوطنية كأساس للتعاملات، يحتاج إلى اتفاقات خاصة في ظل وجود صعوبات تتعلق بمستويات التضخم ومعدلات النمو في كل دولة وإذا تم الاستغناء عن الدولار في التعاملات التجارية لصالح الروبل، فإن ذلك سيؤدي إلى اختلالات في الميزان التجاري”.
وقال رزق الله: “الهدف من هذه الحرب التجارية، هو تقليص التمدد الاقتصادي للصين، ومنعها من مزاحمة الولايات المتحدة الأميركية، وتبوؤ المرتبة الأولى في لائحة القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، في بدايات العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.
الخطوة الأولى، بدأها ترامب، عندما أعلن فرض رسوم جمركية على السلع الصينية المستوردة، فردت الصين بالمثل، وازدادت المشكلة عندما انضمت روسيا إلى الصين، من دون ان نغفل موقفي كندا والإتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة. إنها حرب تجارية. وقد ندد الإتحاد الأوروبي بالخطوة الأميركية غير المبررة وعواقبها على الاقتصاد العالمي.
الخطوة الأميركية واضحة، يختصرها شعار ترامب: “أميركا أولاً “،وهو يعمل على تطبيقه بفرض ضرائب إضافية على الصلب والألومينيوم. ويعتبر أن الصين تهدد الاقتصاد الأميركي وستصبح أكبر قوة اقتصادية في العالم. ويشير البعض إلى أن الخطوة الأميركية تتناقض مع قواعد منظمة التجارة العالمية، وغيرها من الاتفاقيات التي أبرمتها الولايات المتحدة مع الدول الصديقة أو الحليفة.
إن المسار الذي تسلكه الولايات المتحدة، ربما يؤدي إلى انهيارات الدولار. لكنني أرجح أن الدول الصناعية لن تسمح بانهياره، لأنها تربط عملاتها به، فمن مصلحتها حمايته. فالصين واليابان وغيرهما من الدول تعتبر أن السوق الأميركي من أفضل أسواق الاستهلاك في العالم. وهي تسعى لخفض قيمة عملاتها أمام الدولار. كما أنها في الوقت نفسه تبحث عن أسواق جديدة بديلة تحسباً لانهيار الدولار الأميركي. فانهياره سيخلق مشكلة لأن المستثمرين سيلجأون إلى عملات أخرى. وأخيراً أرجح أن انخفاض الدولار لعبة أميركية، المقصود بها تعزيز القدرة التنافسية للصادرات الأميركية على حساب صادرات الدول الصناعية المنافسة”.