Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر June 28, 2018
A A A
مرسوم التجنيس… القرار للعهد لا لـ«الشورى»
الكاتب: الاخبار

إذا كان الهدف من إدخال الأمن العام إلى ملف مرسوم التجنيس هو الاستعانة بسمعة هذا الجهاز لامتصاص النقمة السياسية والشعبية على من مرر مرسوم التجنيس، بالطريقة التي مُرِّرَ بها، فهو على الأرجح قد تحقق. خطوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امتصت حالة الاعتراض، ولكنها لم تفتح باب النقاش حول طبيعة المعايير التي أعطيت الجنسية اللبنانية على أساسها لهذه الكتلة من المجنسين.

وقال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لـ«الأخبار» إن الأمن العام «قام بواجباته بسرعة قياسية، وضميرنا مرتاح، لكن قرار التجنيس تتخذه السلطة السياسية عادة، وهذا حق من حقوق رئاسة الجمهورية». وأوضح أنه سلّم تقرير الأسماء التي دُقِّق بها لكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق، رافضاً الخوض في عدد الأسماء التي وضعها الأمن العام في خانة الشبهة أو التي عرض نزع الجنسية عنها.
وبعدما قام الأمن العام بما طلبه رئيس الجمهورية، يصبح السؤال: هل تلتزم السلطة السياسية، وخصوصاً رئيس الجمهورية، بالتدقيق الذي قام به الأمن العام؟
لا أحد يملك الجواب عن هذا السؤال إلا رئيس الجمهورية الذي سيلتقي اللواء عباس إبراهيم في الساعات المقبلة، لكن الأكيد الذي تجزم به أوساط سياسية واسعة الاطلاع أن أي تجاوز من قبل أيٍّ من المعنيين لما رفعه الأمن العام «سيؤدي إلى حصول مشكلة سياسية كبيرة وإلى اهتزاز جديد لصورة العهد أمام الرأي العام اللبناني».
يذكر أن وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعد لقائه رئيس الجمهورية، أمس الأول، أعلن أن «البت بمصير مرسوم التجنيس مرتبط بقرار مجلس شورى الدولة بشأن الطعنين المقدّمين فيه». هذا الإعلان يطرح السؤال الآتي: أما وقد حصل الانتظار (تجميد تنفيذ المرسوم في دائرة الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية)، فهل صحيح ما يتردد عن أن «الشورى» سيردّ الطعنين بالشكل، إما لعدم الاختصاص أو لعدم صفة المدعين (حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي)؟
الاحتمال الثاني يبدو الأكثر ترجيحاً، انطلاقاً من أن حق الطعن محصور، مبدئياً، بالمتضررين المباشرين. فمن يحدد هؤلاء المتضررين؟ هنا الاستنساب يكون سيد الموقف. علماً أن لـ«الشورى» سابقة قبول صفة الاتحاد العمالي ونقابة أوجيرو، في دعوى تتعلق بإدخال وزارة الاتصالات للشركات الخاصة إلى قطاع الفايبر أوبتيك، بالرغم من أن الضرر ليس مباشراً على هؤلاء. في حالة مرسوم التجنيس المتضرر المباشر هو عملياً أي أجنبي تقدم بطلب للحصول على الجنسية ولم يحصل عليها في المرسوم الحالي. هل ثمة من هؤلاء من يجرؤ على تقديم طعن بمرسوم موقع من رئيس الجمهورية، فيفقد أمله بأن يرد اسمه في أي مرسوم لاحق؟
التوسع في تفسير النص وحده يسمح بقبول الدعوى، فغياب العدالة أو الاستنسابية في سنّ المراسيم يعني عملياً أن كل المجتمع سيكون متضرراً.
في مطلق الأحوال، ثمة من يراهن على تمرير المرسوم في غمرة تشكيل الحكومة فيتلهى الجميع بأمرها، وينسون المرسوم.
كل ذلك جائز، لكن السؤال الذي لن تنتهي صلاحيته سيبقى واحداً: ما المعايير التي حصل المئات بموجبها على الجنسية اللبنانية؟ حكماً لا إجابة عند السلطة في ظل الاستنسابية والأسماء غب الطلب والمحاصصة التي شارك فيها الجميع، ولا سيما من وقعوا على المرسوم… إلا إذا حسم النقاش بأن المعيار ليس من يستحقها فعلاً، بل هو أمرٌ آخر يدركه الجميع!