Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر May 24, 2018
A A A
موقعة… «العودة إلى التاريخ»
الكاتب: وكالات

* ليفربول آخر فريق يلحق الهزيمة بريال مدريد في نهائي البطولة الأوروبية الأم في 1981 .
* الفوز على الـ «سيتيزنس» منح مسيرة الـ «ريدز» زخماً مضاعفاً خصوصاً أن «سيتي» كان بمثابة «الفريق الذي لا يمكن قهره».
* ينظر «الملكي» إلى «موقعة كييف» على أنها مناسبة لترسيخ تاريخه الناصع وتأكيد لريادة ورثها بيد أنها تكتسب أهمية أكبر لليفربول فاقد الهوية الأوروبية منذ فترة ليست بالقصيرة.
*

ستكون المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم، والمقررة السبت المقبل، في العاصمة الأوكرانية كييف، مسك ختام الموسم 2017- 2018 الذي سيشهد «استثنائياً» بطولة لكأس العالم تستضيفها روسيا في الفترة بين 14 حزيران و15 تموز المقبلين.

تكتسي «الموقعة» بمجملها نفحة من عبق التاريخ، فهي تقام على «اولمبييسكي شتاديوم» الذي يعود تاريخ ولادته الى العام 1923، علما انه خضع لأعمال ترميم في ثلاث مناسبات، آخرها في 2011 استعداداً لاستضافة «يورو 2012» بالمشاركة بين أوكرانيا وبولندا.

والى جانب الاستاد «التاريخي»، فإن فارسَي النهائي هما بلا شك من الأندية العريقة، ونتحدث هنا عن ريال مدريد الاسباني، حامل اللقب القاري في 12 مناسبة آخرها في الموسمين الماضيين، وليفربول الانكليزي البطل خمس مرات آخرها في 2005 على حساب ميلان الايطالي في مباراة مشهودة حوّل فيها تخلفه بثلاثة أهداف في الشوط الأول الى تعادل 3-3 في الشوط الثاني، ومن ثم الى انتصار مدوٍّ بركلات الترجيح.

من ينظر بعين مجرّدة الى اللقاء، يجد بأن ريال مدريد أكثر جهوزية لولوج النقطة الأعلى من منصة التتويج خصوصاً أنه «مجرّب» في هذه البطولة مقارنةً بخصمه الذي يعيش، حتى الساعة، «فلتة شوط» غير محسوبة، أوصلته الى كييف.

المتعمّق في الانجازات الاسبانية التي سُجلت في السنوات الأخيرة، لا بد له أنه يتذكر بأن «اولمبييسكي شتاديوم» احتضن المباراة النهائية لـ «يورو 2012» والتي شهدت فوزاً إسبانياً مبيناً على ايطاليا وبنتيجة تاريخية قوامها أربعة أهداف من دون رد. ولا شك في أن «الاسبان المدريديين» يرون في هذا الصرح إيجابية معينة خصوصاً أن القائد سيرخيو راموس خاض ذاك النهائي الشهير الذي منح بلاده زعامة مطلقة على «القارة العجوز» بعد سنتين على التتويج بكأس العالم في جنوب افريقيا وأربع سنوات على الزعامة الاوروبية الاولى في 2008، بعد تتويج «قديم» باللقب في 1964.
لا خلاف على ان صورة ريال مدريد كـ «زعيم مطلق» على اوروبا شابها بعض التشويش، خصوصاً في الموسمين الأخيرين، عندما تجاوز فيهما بايرن ميونيخ الالماني بأخطاء تحكيمية فادحة (ربع نهائي 2016-2017 ونصف نهائي 12017-2018) مع التسليم بأنه لم يكن في المناسبتين الطرف الأفضل، بل كان، ربما، الطرف الأكثر علماً ودرايةً بهكذا بطولة.

تاريخياً أيضاً، لم يعتد الفريقان على التفريط باللقب في حال كتب لأي منهما بلوغ النهائي إلا في ما ندر.

فريال مدريد الذي يظهر على ساحة النهائي للمرة الـ 16 في تاريخه وهو رقم قياسي، فشل ثلاث مرات فقط في ان يتوج وذلك في 1962 و1964 و1981، فيما عاشت البطولة في سنينها الـ 62 فشل ليفربول مرتين في النهائي (1985 و2007).

وما يخفى على البعض أن ليفربول هو اول فريق منذ بايرن ميونيخ في الموسم 2011-2012 يبلغ النهائي بعد خوضه دوراً تمهيدياً قبل دخول دور المجموعات.

ولا ننسى هنا بأن ليفربول نفسه هو آخر فريق يلحق الهزيمة بريال مدريد بالذات في نهائي البطولة الأوروبية الأم، وذلك في 1981 في العاصمة الفرنسية باريس.

والى جانب تلك المواجهة الختامية بينهما في مطلع ثمانينات القرن الماضي، التقى الجانبان أربع مرات أخرى، ففاز ليفربول بمباراتي دور الـ 16 (2008-2009) بينما تغلب ريال مدريد على خصمه في مباراتي دور المجموعات (2014-2015).

«الملكي» واجه عقبات أكثر صعوبة من ليفربول قبل ولوج النهائي، فقد تجاوز أبطال الدوري في كل من فرنسا (باريس سان جرمان في دور الـ 16) وايطاليا (يوفنتوس في ربع النهائي) والمانيا (بايرن ميونيخ في نصف النهائي).

اما ليفربول الذي تجاوز بورتو بطل الدوري البرتغالي (دور الـ 16) وروما ثالث الدوري الايطالي (نصف النهائي)، فكادت طريقه ان تكون أسهل بكثير لولا انه اصطدم بـ «ابن جلدته» مانشستر سيتي في ربع النهائي حيث لقّنه درساً قاسياً بتغلبه عليه بثلاثية نظيفة في «انفيلد» ذهاباًَ و2-1 في «استاد الاتحاد» إياباً.

لقد منح الفوز على الـ «سيتيزنس» مسيرة الـ «ريدز» بقيادة المدرب الالماني يورغن كلوب، زخماً مضاعفاً خصوصاً ان «سيتي» بقيادة المدرب الاسباني الفذ جوسيب غوارديولا كان بمثابة «الفريق الذي لا يمكن قهره»، وصولاً الى حد ترشيحه للتتويج بـ «الرباعية التاريخية» التي اكتفى منها في نهاية المطاف بثنائية الدوري الممتاز وكأس رابطة الاندية المحترفة.

اللقاء المنتظر سيشكل بالنسبة الى الفريقين محطة لـ «العودة الى التاريخ» وأيضاً لـ «بناء المستقبل».

ريال مدريد ينظر الى «موقعة كييف» على انها مناسبة لترسيخ لتاريخه الناصع اوروبياً وتأكيد لريادة ورثها منذ انطلاق المسابقة القارية في 1956، كما تضعه امام حتمية السعي الى تحاشي فقدان مكانته بعد ان بات دوري الابطال بمثابة «لعبته المفضلة»، وتحديداً في الموسم الراهن الذي شهد تبختر غريمه التقليدي برشلونة على منصة الشرف المحلية زعيماً مطلقاً لإسبانيا، حاصداً لقبي الدوري والكأس. ولا خلاف على ان المباراة تكتسب أهمية أكبر بالنسبة الى ليفربول، فاقد الهوية الاوروبية منذ فترة ليست بالقصيرة.

لقد بلغ هذا الفريق العريق المباراة النهائية بـ «اللحم الحي»، معتمداً على حكمة وحماسة مدرب «مجنون» وعلى انفجار استثنائي للاعب مصري هو محمد صلاح.

انتصار أحمر، يوم السبت المقبل، سيعيد ليفربول الى التاريخ الذي لطالما شكل جزءاً لا يتجزأ منه، كما سيضعه امام مسؤولياته المتمثلة في وجوب البناء على هذا التتويج لبناء مستقبل قائم على رغبة وادارة ثابتتين وليس على مستقبل يترنّح ما بين التوق الى لعب الادوار الأولى… والى لعبها بصورة واقعية.