Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر May 9, 2018
A A A
في كسروان… مؤامرة على شامل روكز؟!
الكاتب: ملاك عقيل - الجمهورية

لم تشذّ دائرة جبل لبنان الأولى عن لائحة «دائرة المفاجآت». في كسروان «نتيجة» العميد شامل روكز سرقت الأضواء، وفي جبيل قدّم المرشح عن المقعد الشيعي في جبيل مصطفى الحسيني نموذجاً عمّا تعنيه النسبيّة في بلد التسويات والمؤامرات الانتخابية.

إضطرّ مناصرو المرشح روجيه عازار ثلاث مرات الى التراجع عن احتفال طال انتظاره حتى فجر الاثنين. بين عرمون وجونية ضاع العونيون: فوز أم خسارة. زاد في طين حرق الأعصاب بلّة بقاء مصير العميد روكز مجهولاً حتى ساعات الفجر الكسرواني.

عازار هو مرشح التيار الوطني الحر الحزبي الوحيد في عاصمة الموارنة، وروكز هو وريث مقعد العماد ميشال عون في قلب جبل لبنان المسيحي. بقية أعضاء اللائحة، نعمة إفرام ومنصور البون وزياد بارود، لم تجمعهم بقائد فوج المغاوير السابق وممثّل عون الدائم في المناسبات الكسروانية الناشط خدماتياً سوى رغبة حجز مقعد في مجلس النواب الجديد، و»مسارهم» في السياسة وأداؤهم دليل على ذلك.

رُسِمت سيناريوهات متعددة لكسروان باستثناء المشهد الذي رَست عليه بعد إقفال صناديق الاقتراع. لكنّ المفاوضات التي سبقت ولادة لائحة «لبنان القوي» ونوعية التحالفات، وما تلاها من شدّ حبال وحرب أعصاب بين أعضاء اللائحة الواحدة، أعطت فكرة عن أنّ الفريق النيابي «الحاكم» في كسروان، بأحجامه، لن يشبه بشيء سابقاته عام 2005 و2009.

«نجوم» كسروان فشلوا، كما في غالبية الدوائر، في رفع نسبة الاقتراع التي سجّلت أرقاماً عالية جداً عام 2009 (كسروان 67% وجبيل 65%)، فيما لامسَت الأحد الماضي نسبة 55% في كسروان و45% في جبيل. «وَهج» العهد لم يرصد أثراً له أمام باحات مراكز الاقتراع!

الإخفاق الثاني برز في عدم تمكّن «التيار» من الاحتفاظ ببلوك الأصوات الذي كان يملكه عام 2005 و2009 وفشله في استقطاب ناخبين من خارج الصحن العوني، بحيث خسر نسبة لافتة من قاعدته الناخبة قدّرت بآلاف الأصوات باعتراف ماكينة «التيار».

حصل ذلك في ظل حجز مرشح «القوات» شوقي الدكاش موقعاً متقدّماً في ترتيب اللائحة الفائزة مخالفاً كثيراً من التوقعات بصعوبة الاختراق، وقد لاقاه في الانتصار المرشح المدعوم من «القوات» عن دائرة جبيل زياد حواط الذي حلّ أولاً في الدائرة.

وقد جاء ترتيب الأصوات التفضيلية للمرشحين ونسبها كالآتي:

ـ زياد حواط 14424 (%35,884)
ـ سيمون أبي رميا 9729 (%24,204)
ـ نعمة افرام 10717 (%18,394)
ـ شوقي الدكاش 10032 (%17,218)
ـ فريد هيكل الخازن 9081 (%15,586)
ـ شامل روكز 7300 (%12,529)
ـ روجيه عازار 6793 (11,659)
ـ مصطفى الحسيني 259 (0,637)

يذكر أنّ لائحة «لبنان القوي» نالت معدل أصوات 54544، و«التغيير الأكيد» (لائحة القوات) 26980، ولائحة «عنّا القرار» (لائحة فريد هيكل الخازن وفارس سعيد والكتائب) 18553، ولائحة «التضامن الوطني» (اللائحة المدعومة من حزب الله)12551، لائحة «كلنا وطني» (المجتمع المدني) 2526. مع العلم انّ الحاصل الاول بلغ 14,452 والحاصل الثاني 12,567.

مجموع الأصوات التفضيلية التي نالها كلّ من روكز وعازار وصلت الى 14,093 صوتاً (الفارق في الصوت التفضيلي 507 أصوات)، ما يعني أنّ القدرة التجييرية لـ«التيار» إنخفضت الى نحو النصف حيث استطاع العونيون عام 2009 أن يتجاوزوا الـ 30 ألف صوت (محازبون ومؤيدون).

لكنّ النكسة تجاوزت الأداء العام لـ«التيار» في المناطق لتصل الى عمق المشكلة داخل البيت الواحد. في مرحلة التحضير للانتخابات فقدت الثقة سريعاً بين عازار وروكز، فيما شَكا الأول من تدخلات رسمية وعائلية لمصلحة «العميد» لرفع نسبة أصواته التفضيلية، وممارسة قريبين منه ضغوطاً بهدف تسجيله رقماً ينصّبه الأول في القضاء ولَو على حساب شريكه. مع العلم أنّ قسماً مهماً من الاصوات التي نالها روكز هي من خارج البلوك الحزبي.

أمّا شكوى روكز فتركّزت على محاولات تطويقه وعرقلة اندفاعته، واتهام عازار بمحاولة الاستئثار بالأصوات الحزبية ودفع الأموال.

واقع لم يحجب الأساس. وَهج العهد وشعار «أنا شامل وشامل أنا»، ومحاولات «الجنرال» الآتي من الموسسة العسكرية دخول كسروان من باب الخطاب الوطني والدعوة للانتفاض على الأمر الواقع وليس فقط من باب الخدمات، كلّ ذلك لم يمنع الزحف «القواتي» على عاصمة التمثيل الماروني. بين المرشّح حواط في جبيل والدكاش في كسروان باتت «القوات» شريكاً مضارباً الى جانب شخصيات كسروانية إنتظرت قانوناً مماثلاً لكي تجلس على الطاولة كفريد هيكل الخازن، ونعمة إفرام، مع العلم أنّ فارق الاصوات التفضيلية بين عازار ومنصور البون بلغ 204 أصوات فقط.

يبرّر عونيّون أسباب حلول شامل روكز رابعاً في القضاء، وسادساً في الدائرة بأزمة توزيع التفضيلي و»استيلاء» مرشحين على اللائحة أو خارجها على جزء من أصوات «التيار» و»جمهور روكز»، وعدم التكافؤ في صرف المال الانتخابي، وحتى الضياع في عمل الماكينة الانتخابية جرّاء تعدّد المرجعيات.

لكن ما يتردّد بقوة في كسروان هو تعرّض العميد روكز، الذي طالما ردّد بأنه كلما كبرت الدائرة الانتخابية كلما ارتاح أكثر، لحالة تطويق وتحجيم من «قلب البيت»، وهو واقع تردّدت أصداؤه قبل فتح الصناديق على قاعدة «حرب باسيل الصامتة على روكز»!

والعميد المتقاعد الذي امتنع عن الإجابة عن أسئلة الاعلاميين في اليومين الماضيين مؤكّداً «عدم رغبته بالكلام»، شاركَ أمس في أول اجتماع لـ»تكتل لبنان القوي» في سن الفيل، وغادرَ لاحقاً بلا حضور المؤتمر الصحافي لباسيل لارتباطه بواجب عزاء، وهو يقيم غداً في «بلاتيا» لقاء شعبياً حاشداً «إحتفالاً بالنصر النيابي على رغم من كل شيء»، كما يقول القريبون منه.

أمّا في جبيل فالنجم هو المرشّح مصطفى الحسيني، وليس مرشّحا «التيار» و»القوات» اللذان كان فوزهما متوقّعاً. هو واحد من الذين شملتهم النسبية بـ«نِعمها».

فبعدما كانت المنافسة تنحصر بين مرشح «التيار» ربيع عواد ومرشح حزب الله حسين زعيتر، قطف الحسيني مقعداً نيابياً بزند النسبية، مع العلم أنّ زعيتر الذي لم تحصد لائحته حاصلاً (خسرت على 1900 صوت) حصل على 9369 صوتاً تفضيلياً في مقابل الحسيني الذي نال 259، لكنه ربح بعد فوز لائحة الخازن والكتائب بحاصلين إنتخابيين. أمّا ربيع عواد فنال 891 صوتاً تفضيلياً.