Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر May 4, 2018
A A A
زحلة… ماذا عن الصوت المسيحي؟
الكاتب: دانيال خياط - النهار

قوّتان سنية وشيعية تحكمان معركة زحلة الانتخابية… ماذا عن الصوت المسيحي؟
*

الى انتخابات من دون عناوين، أقلّه تلك العناوين التي لا تترك مجالا للناخب، من خارج الكتل الناخبة المستقطبة حزبياً وطائفياً، بالتفكير مرتين حول ضرورة مشاركته او عدمها في عملية الاقتراع، فان 170 الفاً و580 ناخباً مسجلاً على لوائح الشطب في دائرة البقاع الاولى – زحلة، مدعوون الى الاختيار بين 32 مرشحاً لـ7 مقاعد نيابية، موزعين على 5 لوائح، لائحة “زحلة للكل” وهي لائحة مكتملة لتحالف “تيار المستقبل” و “التيار الوطني الحر” مع شخصيات مستقلة. لائحة “زحلة قضيتنا” وهي لائحة مكتملة لتحالف “القوات اللبنانية” مع الكتائب وشخصيات مستقلة. لائحة “زحلة الخيار والقرار” وهي تحالف عائلات فتوش والهراوي ممثلة بالنائب والوزير السابق خليل الهراوي مع “حزب الله” وحركة “أمل” والحزب السوري القومي الاجتماعي ومستقلين، ينقصها مرشح كاثوليكي عن المقعدين الكاثوليكيين. لائحة “الكتلة الشعبية” شكلتها رئيسة الكتلة ميريام سكاف مكتملة مع شخصيات مستقلة. ولائحة “كلنا وطني” وهي لائحة تحالف “حزب سبعة” مع “حزب الخضر”، وينقصها مرشح كاثوليكي من اثنين ومرشح أرمني.

تتحكم في اتجاهات الاقتراع بشكل رئيسي، رافعتان: واحدة سنيّة، وأخرى شيعية، فيما الاصوات المسيحية موزعة بين كتلة وازنة ل”القوات اللبنانية”، لتتوزع بقية الكتل على “التيار الوطني الحر”، “الكتلة الشعبية” و”بيت فتوش”. فيما تبقى الكتلة الاكثر وزنا للصوت المسيحي الصامت في مدينة زحلة، والذي يتعذر رصد اتجاهاته لكون المعركة خالية من عناوين تستنهضه، أكانت على صعيد السياسة الوطنية ام على الصعيد الزحلي. فيذهب قسم من هذه الاصوات لانتخاب المرشحين لاشخاصهم، على شاكلة الانتخابات البلدية، في ظل عدد من الشخصيات المرشحة التي لها حيثيتها.

في الحاصل الانتخابي، وفق ما تسير الامور حاليا قياسا بالكتل الناخبة، فإن لائحة “كلنا وطني” خارج السباق الانتخابي. اللائحة الاقوى هي لائحة تحالف التيارين “المستقبل” و”الوطني الحر”، بسبب رافعتها السنية، وكونها لائحة مرشحين اقوياء، فمرشحوها السبعة منافسون في السباق الانتخابي، وتضمن 3 حواصل تؤمن الكتلة السنيّة اثنين منهم، والسعي لان يكون لها الكسر الاعلى فتصل الى الرابع. لائحة فتوش – الثنائي الشيعي من المحظوظات بسبب الرافعة الشيعية، تنام عل حاصل مؤكد، ولها الحظوظ بحاصل ثان.

تليها لائحة “القوات اللبنانية”، صاحبة الماكينة الاقوى تنظيميا، عندها حاصل لجورج عقيص.

ويبقى حاصلان موضع تكهنات، قد يكون أحدهما للائحة ميريام سكاف. وإذا ما بلغته فسيكون “على الحافة”، وقد رفع حظوظها ان الصوت الارمني سيصب في لائحتها لمصلحة المرشح الارمني جورج بوشكيان، ويقدّر بين أرمن عنجر، والارمن المستقطبين أرمنيا ما بين مدينة زحلة وقرى القضاء، بين 3 آلاف و3 آلاف و500 صوت. اما اذا لم تبلغ لائحة ميريام سكاف العتبة الانتخابية، فان الحاصلين سيكونان من نصيب اللوائح الثلاث المتبقية في السباق، لكن ايهما؟ ثمة من يعتقد ان لائحة فتوش – الثنائي الشيعي قادرة على الحصول على حاصل ثان سلفا، وبالتالي فإن التكهن من البداية هو حول حاصل واحد، “القوات اللبنانية” تتصرف وكأنه لها، فيما يرى البعض لائحة التيارين متصدرة باربعة حواصل.

تتحكم في الحاصلين التائهين عوامل عدة، أولها ارتفاع نسبة الاقبال السنيّ اقتراعا، مع الاشارة الى انه لن يكون على شاكلة الجرف البشري السنيّ في انتخابات 2009. يبقى “تيار المستقبل” الناخب الاكبر سنيا، وقد نجحت زيارات رئيسه رئيس الحكومة سعد الحريري وامينه العام احمد الحريري للبقاع في رأب التصدعات في هذا البلوك الانتخابي. لكن في المقابل، من على مائدة الصوت السني، ستذهب قضمات للمرشحين السنّة على اللوائح الاربع المتنافسة، وسيكون لـ “القوات” قضمة منها، فيما الهجمة الاكبر من المرشحين غير السنّة لاستقطاب الاصوات هي في الوسط الناخب السنيّ، سواء كانوا حلفاء لـ”المستقبل” أم خصوما انتخابيين.

من جهة ثانية، فان الصوت المسيحي الصامت أيضا يمكنه ان يصنع فارقا، لولا ان المعركة بعناوينها عاجزة عن جعله يتعملق. في كل حال، فإن المستفيدين منه هم لوائح التيارين، “القوات اللبنانية” و”الكتلة الشعبية”، في ظل ثابتة وحيدة هي ان زحلة تقترع دائما ضد سلاح “حزب الله” وتمنع تصويتها عمن يتحالف معه. اما الصوت الشيعي فهو الاكثف مشاركة بحدود الـ70 في المئة، يتحكم “حزب الله” في غالبيته، وهو منصب على معركة وحيدة ودقيقة هي الاتيان بمرشحين من لائحة تحالفه مع فتوش.

على الورق، يتنافس 32 مرشحا على المقاعد النيابية السبعة لدائرة البقاع الاولى- زحلة، وهذه المقاعد موزعة على الشكل الآتي: مقعدان للروم الكاثوليك، ومقعد واحد لكل من الموارنة، الروم الارثوذكس، السنة، الشيعة والارمن الارثوذكس. لكن المعركة محصورة فعليا بين 13 مرشحا في أفضل الاحوال على المقاعد السبعة.

العدد الاكبر من المرشحين كاثوليكي لوجود مقعدين كاثوليكيين، فيما في الانتخابات السابقة، كانت الرئاسة الكاثوليكية للوائح مفصلية في إطلالتها على الناخبين، إنطلاقا من خصوصية زحلة، “مدينة الكثلكة”. لكن في زمن عصب الجبهات بالرايات الحزبية، أضحت، اكثر من اي وقت مضى، طربوشا كاثوليكيا وأقرب الى الفولكلور. وقد اسهمت في إنخفاض منسوب حساسيته تباعا: انتخابات عام 2009 النيابية، فالانتخابات البلدية الاخيرة، وعطلت مفعوله صيغة القانون الحالي بحواصله واصواته التفضيلية. فـ”القوات” مثلا تخوض انتخاباتها بكاثوليكي، قيد نفوسه خارج مدينة زحلة، هو جورج عقيص، وإن تجنبت إسباغ صفة رئيس اللائحة عليه، واستبعدت الى مرتبة الحليف ميشال فتوش، إبن شقيق النائب نقولا فتوش الذي انشق عن مسيرة عائلته السياسية والتحق بـ”القوات”، بل قدمت عليه حليفها الارثوذكسي قيصر المعلوف. في حين خاضت انتخابات 2009 على لائحة كانت رئاستها للنائب فتوش، قبل ان يقع الانفصال معه بعد الانتخابات ويترأس “كتلة نواب زحلة”، النائب طوني ابو خاطر الذي لم يجر ترئيسه للائحة لكون قيد نفوسه في تربل. علما أن احدا لا يجرؤ على طرح معادلة الكاثوليكي من مدينة زحلة والكاثوليكي من بلدات قضاء زحلة، وإن كان لاحتمال خسارة كاثوليكيي المدينة لمصلحة الكاثوليكيين جورج عقيص من رياق وميشال ضاهر من بلدة الفرزل وقع الصدمة، الا انها تبقى غير مؤثرة لاستنهاض العصبية. فالنائب نقولا فتوش كما ميريام سكاف، المعنيان اكثر من غيرهما من المرشحين بهذه المعادلة، يبنيان خطابهما على إبقاء القرار في زحلة في وجه الاحزاب. مع الاشارة الى ان لا ميشال سكاف، إبن عم النائب والوزير الراحل الياس سكاف، رئيس فعلي للائحة كلها رؤوس ونواتها تحالف تيارين حزبيين. فيما فتوش يرأس لائحة لا تؤمن له مقعده من دون الصوت الشيعي. أما ميريام سكاف وإن شكلت لائحتها من دون تحالفات، الا انها غير قادرة ان تلعب الدور الفعلي لرئيس اللائحة بمعنى تجيير اصواتها لتأتي بمرشح آخر غيرها، بل إن لائحتها هي المنصة لبلوغها العتبة الانتخابية.

إذا في السباق على المقعدين الكاثوليكيين، عقيص هو الاكثر ارتياحا بين المرشحين الكاثوليك، لان “القوات” “صار بدّا” مقعد نيابي في زحلة. وتجدر هنا الاشارة الى مفارقة ان التصويت الماروني في زحلة ينحو دائما للتصويت حزبيا لكون زعامات الاحزاب مارونية، وبالتالي فان عقيص الكاثوليكي سيأتي مدعوما مارونيا. نقولا فتوش هو ايضا من المتقدمين في السباق متكلا على كتلة اصوات له، وينشط في الوسط السنيّ، ولكن لاحتدام المعركة على المقعد الشيعي تأثيره على مجموع اصواته التفضيلية. اما ميريام سكاف فتبقى من اصحاب الاصوات التفضيلية الاعلى، حتى وإن لم تنل العتبة الانتخابية. ميشال ضاهر، رجل الاعمال إبن الفرزل، المقسمة اصواتها بينه وبين “القواتيين”، مع حصة سكافية وأصوات قومية، وكتائبية. الا ان الرجل له رصيده الخاص الذي جمعه من مسيرته في السياسة والاقتصاد، الى خدماته واعماله الخيرية، وهو من المرشحين الناشطين في الوسط السنيّ. الا ان حظوظه مرتبطة بترتيبه ضمن لائحته التي تشهد تنافسا بين اعضائها اولا على الصوت التفضيلي. ميشال سكاف، الذي يشارك ميريام سكاف قاعدة الاصوات، خرج متأخرا على الجمهور الزحلي، سكافيا غير معادي لاي من القوى السياسية في زحلة ولا سلطتيها الكنسية والبلدية، وصاحب مسيرة اقتصادية وسياسية. تمكن من تحسين رصيده في فترة قليلة، لكن بين وفرة المرشحين الكاثوليك والتنافس مع اعضاء لائحته، لا يزال امامه شوط غير قليل.

مارونيا، ليست ثمة معركة، فالنائب سليم عون هو اول بين المرشحين الموارنة. معركة عون هي مع اعضاء لائحته على الاصوات المسيحية، وعليه ان يحلّ ثالثا في ترتيب لائحته ليضمن فوزه، والا فان المقعد سيذهب الى الماروني الذي “حظه يفلق الصخر”.

في هذه الانتخابات المعركة محتدمة على المقعد الارثوذكسي، وهي محصورة بين رجلي أعمال، لهما خدماتهما وشبكة مصالحهما، وخدماتهما واعمالهما الخيرية، هما اسعد نكد على لائحة التيارين “زحلة للكل”، وقيصر المعلوف حليف “القوات” على لائحة “زحلة قضياتنا”. وثمة كلام ايضا من الناشطين في الوسط السني.

لا معركة على المقعد السنيّ، وهو مضمون لمرشح “المستقبل” النائب عاصم عراجي بحيث لا تجد له سوى بضع صور في بلدته بر الياس. معركته ستبقى كم سيأخذ من اصوات في بلدته التي تبقى فيها للعائلات كلمتها، ومنها 3 مرشحين، فالى جانبه هناك مرشحان، واحد من عائلته هو وجيه عراجي، شقيق رئيس بلدية بر الياس، على لائحة فتوش- الثنائي الشيعي، والثاني محمد علي ميتا على لائحة “القوات”. والتنافس العائلي في بر الياس يفضي الى مثل حالة المرشح رضا الميس، الذي انسحب من الانتخابات لمصلحة “المستقبل”، لكن اصواته التجييرية في عائلة الميس، وهي من اكبر ناخبي بر الياس، ستذهب الى المرشح الكاثوليكي على لائحة التيارين ميشال ضاهر. يبقى ان معركة المرشح السنيّ أحمد العجمي على لائحة “الكتلة الشعبية”، هي الرقم الذي سيسجله في بلدته، بما يضع مجدل عنجر على لائحة نادي المرشحين عند “تيار المستقبل”، علما انه كما في بر الياس كذلك في مجدل عنجر للعائلات كلمتها وتنافسها في ما بينها. سنيّا ايضا، هناك المرشح هود الطعيمي من العشائر العربية عن “حزب سبعة” الذي يخوض داعموه معركة إثبات وجود من خلال عدد الاصوات التي سيجمعها مرشحهم.

قد تكون “أم المعارك” في دائرة البقاع الاولى على المقعد الشيعي. “تيار المستقبل” هو الذي سيحدد طبيعة المعركة، من خلال توزيعه للصوت التفضيلي. فاما ان يختار “المستقبل” المعركة الاسهل عبر تفضيل مرشحته الارمنية جان – ماري بلزكجيان ويحقق ربحا بعدد نوابه، او يذهب الى المعركة الاصعب ولكن ربحها سيعدّ انتصارا له في وجه “حزب الله” فيرفد مرشحه الشيعي نزار دلول بأكبر قدر من الاصوات التفضيلية، لولا انه نصر غير محسوم. على قرار “المستقبل” خوض معركة في وجه “حزب الله” او عدم خوضها يتوقف ايضا مصير مقاعد أخرى. ففي الحالة الاولى، ستصعب الامور على “حزب الله”، الذي سيتوجب عليه أن يقسم اصواته بالميزان، بين مرشحه أنور جمعه وبين حليفه نقولا فتوش، بما يهدد بسقوط واحد من الاثنين، في حال نالت اللائحة حاصلين انتخابيين. ثمة من يقول ان الحزب يمكن ان يضحي بانور جمعه لمصلحة فتوش، فالاستثمار فيه هو مستقبلي والعين على مصالح في سوريا. وثمة من يقول إن الحزب الذي سيخسر مقاعد في مناطق عدة بحكم القانون الانتخابي، لن يضحي بمرشح شيعي، ولا سيما انها المرة الاولى منذ انتخابات 2005، يسمي الحزب مرشحا له، ولا يكتفي بدعم شخصية شيعية.

تتوقف هذه المعركة ايضا على مدى قدرة “المستقبل” على رفع نسبة التصويت سنيا، ومدى قدرته على التحكم في الصوت التفضيلي، مع الاشارة الى ان دلول هو نجل النائب والوزير السابق محسن دلول، ابن علي النهري، وبالتالي يبقى اسما شيعيا غير منفر لابناء طائفته كمثل حالة النائب عقاب صقر، ولا يسبب احراجا لمؤيديه شيعيا. فيما مصاهرته لبيت الحريري تجعله مقبولا في الوسط السنيّ، ويلعب لمصلحته عاملان في استقطاب الصوت السني، اولهما لانهم بتفضيله يمارسون فعل الانتخاب ضد خيار “حزب الله”، وإن لم يكن الرجل عقاب صقر، ثم اذا ربح سيكون عندهم باب يقرعونه للخدمات والتوظيف.

الارمني الرابح هو اقرب الى “فلتة شوط”. ماري – جان بلزكجيان، مرشحة “المستقبل” لا يمكنها ان تعتمد الا على بلوك الصوت السني، وبالتالي نجاحها مرتبط بكيفية توزيع التيار الازرق لاصواته التفضيلية. ولها في جورج بوشكيان على لائحة “الكتلة الشعبية” مرشح منافس قوي، فهو مرشح الارمن الذين يسعون الى أن يرفدوه بـ3 آلاف الى 3 آلاف و500 صوت، الى جانب رصيده الشخصي من الاصوات رجل اعمال له شبكة علاقات وصداقات في زحلة.

لكن إمكاناته ترتبط بشرطين، أن تفوز لائحة ميريام سكاف بحاصل انتخابي، والا توفق سكاف بان تتصدر ترتيب الاصوات التفضيلية كاثوليكيا، ذلك انها الاوفر حظا بين سائر اعضاء لائحتها.