Beirut weather 16.88 ° C
تاريخ النشر April 23, 2018
A A A
من ماليزيا إلى تونس.. تعدّدت الاغتيالات و”الموساد” واحد
الكاتب: أحمد علي حسن - الخليج أونلاين

لم يسلم الفلسطينيون من مسلسل الغدر الإسرائيلي الذي طالهم في وطنهم، فذهبوا بعيداً في محاولة للعيش في دول أكثر أمناً وحمايةً، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام لعنة تطاردهم؛ تُدعى “جهاز الموساد الإسرائيلي”.
فمن الإمارات إلى ماليزيا فبلغاريا وتونس، كان 4 فلسطينيين على موعد مع الرصاص الإسرائيلي بعيداً عن بلدهم، ليشكّلوا حلقات جديدة من مسلسل إجرام الاحتلال الذي ينفّذه عبر جهاز “الموساد”.
وخلال العامين الماضيين، اغتيل 4 أشخاص في دول عربية وأجنبية. وكالعادة لم يعلن “الموساد” مسؤوليّته عن ذلك، لكن الطرق الأربع في تصفية الأشخاص تشابهت بما لا يدع مجالاً للشكّ في صلة إسرائيل بالحوادث.

– البطش.. “مُهندس حماس”
أحدث عمليات الاغتيال التي وُجّهت أصابع الاتهام فيها إلى جهاز “الموساد”، وقعت فجر السبت (21 نيسان)، في العاصمة الماليزية كوالالمبور، بحقّ الأكاديمي الفلسطيني فادي البطش (35 عاماً).
فقد اغتال مجهولون البطش بأكثر من 10 رصاصات، أصابته إحداها في رأسه، أثناء ذهابه لصلاة الفجر، في وقت اتّهمت عائلته جهاز “الموساد” الإسرائيلي بالوقوف وراء عملية الاغتيال.
وطالبت العائلة، في بيان لها، السلطات الماليزية بإجراء تحقيق عاجل لكشف المتورّطين، مشيرة إلى أن “نجلها كان من المفترض أن يغادر ماليزيا، يوم الأحد (22 نيسان) إلى تركيا؛ لترؤُّس مؤتمر علمي دولي في الطاقة هناك”.
وفي أعقاب ذلك قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الأكاديمي البطش “مهندس في حماس، وخبير طائرات دون طيار”، ملمّحة إلى دورٍ ما للموساد في الحادث.
القناة العبرية الثانية أشارت بدورها إلى أن البطش “مهندس كهربائي وخبير في الطائرات من دون طيار في ماليزيا”، لافتةً إلى أنه “تردّد في الأوساط الإسرائيلية منذ فترة أن ماليزيا تسمح بتجنيد وتدريب ناشطي حماس على أراضيها”. وأضافت: “إنه وفقاً لتقارير (لم تحددها) فإن ناشطين من قوة خاصة لحماس تدرّبوا في ماليزيا على الطيران بالمظلات؛ استعداداً لتنفيذ هجوم في إسرائيل”، على حدّ زعمها.
وحاز درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية “إلكترونيات القوى” من جامعة “مالايا” الماليزية، وحقّق جملة من الإنجازات العلمية، ونشر البطش 18 بحثاً محكّماً بمجلات عالمية ومؤتمرات دولية، وشارك في مؤتمر دولي باليابان.
والبطش فقدَ 18 شخصاً من أفراد عائلته، التي ينتمي بعضهم إلى حركة حماس وذراعها العسكرية، وذلك في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم بحي الشجاعية، خلال الحرب على غزة عام 2014.

– الزواري.. طيّار حماس
في 15 كانون الأول 2017، اغتيل المهندس التونسي محمد الزواري، الذي لُقّب بـ “طيار حماس”؛ نظراً لدوره في تصنيع طائرات دون طيارات أُدخلت إلى قطاع غزة لصالح كتائب عز الدين القسام، الذراع المسلّحة للحركة.
اغتيل المهندس الزواري (49 عاماً) بـ 20 رصاصة؛ 3 منها استهدفت جمجمته، في حين أُصيب بـ 17 رصاصة في بقية جسمه؛ ما يرجّح أن القاتل متمرّس على استعمال السلاح، ويصنّف الحادثة في زاوية الاغتيال.
آنذاك رصد موقع “الخليج أونلاين” عدداً من المؤشرات والتصريحات التي تشير إلى ضلوع محتمل لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي “الموساد” في عملية اغتيال مهندس الطيران التونسي.
فبين اتهام مباشر لتل أبيب بالمسؤولية عن اغتيال رئيس جمعية الطيران التي تدرّب على تصنيع الطائرات دون طيار، وتلميحات إسرائيلية، ظهرت عدة مؤشرات غير نهائية على احتمال ضلوع الموساد في عملية الاغتيال.
وقالت مصادر مطلعة لـ “الخليج أونلاين”، إن الزواري تلقّى في السنوات الأخيرة سلسلة اتصالات تهدّد باغتياله؛ على خلفيّة نشاطه في صناعة الطائرات دون طيار، إلى جانب مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية. وأشارت المصادر ذاتها بأصابع الاتهام إلى جهات أمنيّة خارجية، من بينها “الموساد” الإسرائيلي، بالوقوف وراء تنفيذ عملية الاغتيال بحق المهندس الذي أعلنت حماس في وقت سابق أنه أحد كوادرها في الخارج.
وكذلك فإن الإعلامي التونسي، برهان بسيس، وجه اتهاماً مباشراً للضالعين في عملية الاغتيال، وقال: إن “العملية يقف وراءها جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي رصده واغتاله أمام منزله في صفاقس”، في حين لم يعقّب الجانب الإسرائيلي على الأمر.

– النايف.. شهيد السفارة
في شباط 2016، اغتيل القيادي في الجبهة الشعبية، عمر النايف، على يد جهاز الموساد الإسرائيلي، داخل السفارة الفلسطينية في بلغاريا، بعد سلسلة تهديدات تلقّاها بحكم تاريخه النضالي.
وعلى الرغم من عدم اعتراف إسرائيل بشكل صريح بالمسؤولية عن اغتيال النايف، فإن مصادر فلسطينية أكّدت أن عملية الاغتيال تحمل بصمات “الموساد”. وبحسب موظفي السفارة، فقد عُثر على عمر في الحديقة الخلفيّة للمبنى، ينزف من وجهه والجزء العلوي من جسده، قبل أن يفارق الحياة ويُنقل بسيارة الإسعاف إلى المستشفى.
وبادرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باتّهام الموساد بالوقوف وراء عملية الاغتيال، بينما قالت عائلة النايف إنه أُلقي به من الطابق السادس بمبنى السفارة.
وفي تفاصيل قصة النايف النضالية؛ فإن إسرائيل تتهمه بقتل مستوطن في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، واعتلقته عام 1986، وحُكم عليه بالسجن المؤبّد.
وظل عمر النايف يعاني في الأسر من تعذيب مستمرّ حتى 21 ايار 1990، حيث خاض إضراباً عن الطعام لنحو 40 يوماً نُقل على أثره إلى المستشفى، حيث تمكّن من الهروب وصولاً إلى بلغاريا سنة 1995.
وظّلت سلطات الاحتلال تطالب باعتقاله وتسليمه إليها بدعوى وجود اتفاقيات جنائية بين الاحتلال والاتحاد الأوروبي تتضمّن تسليم مطلوبين، وعليه وضعت النيابة الإسرائيلية طلباً لدى وزارة العدل البلغارية بتسليم النايف في 2015.
بعد ذلك طالبت النيابة البلغارية بوضع المواطن الفلسطيني رهن الاعتقال إلى حين اتخاذ قرار بشأن تسليمه، وإثر ذلك لجأ عمر إلى السفارة الفلسطينية، خاصة بعدما تلقّى تهديدات بالقتل.

– المبحوح.. من الإمارات
في كانون الثاني 2010، اغتيل محمود المبحوح، أحد قيادات حركة حماس، أثناء تواجده في أحد فنادق دبي بالإمارات، واتُّهم جهاز “الموساد” بالوقوف وراء العملية التي أحدثت ضجة إعلامية كبيرة.
وظلّت أصابع الاتهام موجّهة صوب “إسرائيل”، حتى بثّت القناة الثانية العبرية، في تشرين الثاني 2015، فيلماً وثائقياً حول المبحوح، الذي يزعم الاحتلال أنه كان مسؤولاً عن شراء الأسلحة وإدارة الشؤون المالية لحركة “حماس”. وجاء في الفيلم أن “فرقة الموساد نفّذت العملية في دبي قبل 5 سنوات؛ بهدف التخلّص من شخصية قيادية في حماس (المبحوح)، في عملية استغرقت 22 دقيقة فقط”.
وتعرّض المبحوح لأربع محاولات اغتيال فاشلة، وفي الخامسة قُتل، عن عمر يناهز الخمسين، عبر حقنه بمادة شديدة السمّية سبّبت له شللاً بعضلات جسده، إلى جانب توقف الجهاز التنفسي، ما أدّى إلى وفاته على الفور.
واعتُقل المبحوح عام 1986 من قبل قوات الاحتلال، التي أودعته سجن السرايا بغزة لمدة عام؛ بتهمة حيازته السلاح وانتمائه إلى حركة حماس، وخرج عام 1987 لدى اندلاع الانتفاضة الأولى، وعاود نشاطاته المناوئة لـ “إسرائيل” بسرّية وتكتّم.
وعمل بعد خروجه من السجن على تشكيل “الوحدة 101” المتخصّصة بخطف الجنود الإسرائيليين، بإيعاز من القائد الشيخ صلاح شحادة، وتمكّن من اختطاف الجندي آفي سبورتس، من بلدة جلوس القريبة من عسقلان.
وبعد شهرين تقريباً عاد ورفاقه واختطفوا الجندي إيلان سعدون من منطقة المسمية، وفي كلتا الحالتين تمّت تصفية الجنديين.
استمرّت مطاردة الاحتلال له ولأحد رفاقه المسؤولين عن خطف الجنديين لمدة ثلاثة أشهر، لكنه تمكّن من اجتياز الحدود المصرية، فاعتقلته السلطات المصرية مدة 40 يوماً، ثم رُحّل إلى ليبيا، ليستقرّ بعد ذلك في سوريا.