Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 5, 2018
A A A
القانون الذي ينتقده أهله قبل الانتخابات
الكاتب: روزانا بومنصف - النهار

استوقف سياسيين تكرار اعلان الرئيس نبيه بري ان عددا من الثغرات ظهر حتى الان في قانون الانتخاب وان هناك حاجة الى تطوير هذا القانون، وهذا سيكون برسم المرحلة المقبلة والمجلس النيابي المقبل، وفق ما نُقل عنه، علما ان الرئيس بري هو من الاكثر ارتياحا الى نتائج الانتخابات سلفاً مع الطرف الآخر من الثنائية الشيعية اي حزب الله، بحيث لا يمكن اعتبار ان هناك انتخابات فعلية يخوضها الثنائي في مناطق نفوذه في الجنوب او البقاع مع استثناءات طفيفة جدا يكبّر فيها حجم المعركة ضمانا لتأمين الفوز بكل المقاعد. ولفت في المقابل اعتبار رئيس الحكومة سعد الحريري في اجابته عن اسئلة صحافية بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، “ان قانون الانتخاب غير منصف، وان شاء الله نحسنه في المرة المقبلة وندخل عليه الاصلاحات”.

وواضح على الاقل بالنسبة الى كل من الرئيسين بري والحريري تلمّسهما ان اللبنانيين غير مرتاحين الى قانون الانتخاب، وان هذا الموقف قد يكون مرتبطا في جزء كبير منه بما ينقله المرشحون، خصوصا من النواب الحاليين، من “قرف” المواطنين من الطبقة السياسية والسياسيين في الوقت الذي يطلب منهم اعادة انتخاب الطبقة نفسها. علما ان اللبنانيين يحمّلون هذه الطبقة السياسية ايضا المسؤولية عما آلت اليه الحال في البلاد وطالبوا باجراء الانتخابات من اجل تغييرها، لكنهم وجدوا انفسهم امام احتمالات ضيقة لانتخاب بديل منها نتيجة قانون انتخاب هجين، ما سيدفعهم الى التجديد لها مع تحمّلهم هذه المرة مسؤولية استمرار هذه الطبقة من دون التمديد لها بل عبر الانتخاب.

ويقول سياسيون مطلعون ان الندم على انجاز قانون الانتخاب الحالي ادركه عاملون على بنوده على نحو مبكر، بحيث يعيد هؤلاء الى الاذهان زيارة قام بها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من اجل إحداث تعديلات قبيل انتهاء المهلة لصدور القانون، فكان جواب السيد نصرالله ان امرين لن يقبلهما هما الفراغ والعودة الى قانون الستين، فغدا القانون الذي وجد معدّوه انفسهم امامه غير قابل للنقض او للتغيير، فيما انقضت مهلة المراوحة والتجاذب الطويلين في شأنه. ولعل في الامر ادراكاً ان قانون الستين الذي جرت شيطنته قد يكون افضل من القانون الذي تم ابتكاره والذي يلتقي اكثر من طرف سياسي على القول انه سيكون لمرة واحدة فقط ولن يتكرر اعتماده مرة ثانية، ما يشكل عمليا فشلا كبيرا في اعتماد قانون ليس من اجل طبيعة لبنان السياسية وليس على قياسه كونه لم يكن نسبيا ولان النسبية لا تسري في بلد تغيب فيه الاحزاب التي تترشح على اساس برامج انتخابية واضحة يتم انتخابها على اساسها.

واذا كانت هذه هي الحال لدى الرئيسين بري والحريري قبل الانتخابات وصدور النتائج، فكيف ستكون حال المراهنين من القوى السياسية على حصص كبيرة وفقا للقانون الجديد، في الوقت الذي يجزم كثر بان الكلام على حصص كبيرة او متعاظمة ليس صحيحا اللهم باستثناء حصة الثنائي الشيعي وربما الكتلة الجديدة التي يدعم وصولها حزب الله من خارج المرشحين الشيعة. يقول النواب انهم يواجهون صعوبات لا سابق لها نتيجة مجموعة من العوامل قد يكون ابرزها قانون الانتخاب الذي احدث تمييزا من ضمن الفريق الواحد واخذ طابعا مذهبيا وطائفيا بغيضا، اضافة الى انه ضيّق هامش اختيار المواطنين لمرشحيهم بحيث ان تقييدهم بلوائح تضم اسماء لا يجمع بينها لا برنامج انتخابي ولا برنامج سياسي لا بل قد تكون متناقضة قد يدفع كثرا الى الامتناع عن التصويت حتى لو كانت لديهم افضلية لمرشح او مرشحين من ضمن اللائحة، لكنهم لا يشعرون بواجب انتخاب كل اعضاء اللائحة. ولذلك يقول النواب ان هناك معاناة حقيقية في اقناع الناخبين بالتصويت بورقة بيضاء من اجل رفع الحاصل الانتخابي حتى لو لم يصوت الناخبون لمرشح معين على اساس الصوت التفضيلي.

يضاف الى ذلك ان المواطنين المتذمرين من اداء هذه الطبقة السياسية يرفعون طلبات لهم من اجل تحقيقها على اساس ان الانتخابات فرصة بالنسبة اليهم للحصول على ما يمكن الحصول عليه، خصوصا في ظل بطالة لا سابق لها بحيث يرى كثر ان الانتخابات ربما تشكل فرصة من اجل تحسين الاوضاع في ظل الحاجة الماسة الى اصواتهم راهنا على قاعدة ان الفرصة متاحة الان وقد لا تتكرر الا بعد اربع سنوات او ربما اكثر، علما ان الكلام المتكرر على افلاس البلد بما يعني عدم طمأنة اللبنانيين الى المستقبل، يتجسد في مخاوف من الارتباط بالطبقة السياسية نفسها عبر اعادة انتخابها ويخلق عدم ثقة بان الخيارات الانتخابية صحيحة في ظل هذا الافق.

ويدرك اللبنانيون وفقا لهؤلاء النواب ان الكثير من الوعود التي يغدقها اهل السلطة انما يرتبط بالانتخابات، خصوصا ان غالبية من الوزراء هم من المرشحين، وتاليا فان هناك خدمات يمكن تقديمها، ما يعني ان الاغراءات محتملة وكذلك التوظيف الانتخابي وما بعده، علما ان انتخابات يشارك فيها فريق كامل من اهل السلطة يفترض ان يضع علامات استفهام حول درجة الموضوعية وعدم استغلال النفوذ الذي يبدو واضحا للعيان على اكثر من صعيد. وفي اي حال سيكون المجال مفتوحا بعد الانتخابات وتعداد الخسائر لرصد الحجم المتزايد لرافضي اعتماد قانون الانتخاب الحالي في اي انتخابات مقبلة في حال استطاع هؤلاء نقض ما قد يكون قد تحول امرا سياسيا واقعا يصعب دحضه او تغييره لاعتبارات متعددة لا مجال للدخول فيها في هذا السياق.