Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر April 4, 2018
A A A
بري مستاء من “العزف الطائفي”

بري مستاء من “العزف الطائفي”… و”طواحين الانتخابات” بالمرصاد
*

كلما اقترب موعد الانتخابات في 6 أيار المقبل، ترتفع وتيرة الاتهامات واللجوء الى استخدام اسلحة تخرج عن ادبيات قواعد التنافس الانتخابي والديمواقراطي وتسيطر عليها اللغة المذهبية والمناطقية، مما يسيئ الى الاستحقاق ويساعد في زرع الشقاق اكثر بين اللبنانيين والسير بهم نحو
مزيد من الانقسام، بعدما أثبت قانون الانتخاب، قبل تطبيقه على الارض، انه لم يرفع من مستوى الحياة السياسية. وعند صدور النتائج في اليوم
التالي للانتخابات، فان ذلك سيؤدي الى مزيد من التشرذم بين الافرقاء ورفع الشروط والجدران العالية قبل تأليف الحكومة.

ولا شك في ان تدنّي المستوى في الخطاب السياسي لدى جهات عدة يبين انها لم تستفد من عنصر النسبية في قانون الانتخاب ولو في الحد الادنى، وما يحصل عند اكثر الافرقاء هو استهداف الآخر بالراجمات المذهبية، وهذا ما ظهر عند اعلان اللوائح والمهرجانات واطلاق الحملات الانتخابية على وقع موجات من التحدي والسخونة، مع ملاحظة ان اكثر الافرقاء لا يحيدون عن اطلاق شعار “نكون او لا نكون”. وكأن الانتخابات المقبلة اشبه بهزة ارضية ستضرب لبنان ودوائره الانتخابية الـ15 المستنفرة. وازدادت في الآونة الاخيرة الاحاديث التي تركز على مسائل من مثل “استعادة حقوق المسيحيين” و”أهل السنّة والجماعة”، او “نحن اكبر طائفة” وحماية المقاومة، وكلها لا تبشّر بالتوجه الى انتخابات سليمة خلت فيها اكثر اللوائح من البرامج الانتخابية ولا همّ عندها سوى توفير الحاصل الانتخابي في الدرجة الاولى والفوز بأكبر عدد من المقاعد النيابية. ويرجع الارتياح عند “الثنائي الشيعي” قياسا بالآخرين الى طبيعة القانون وتقسيمات الدوائر التي خدمته في اكثر من مكان، اضافة الى تحالفاته، الأمر الذي يمكّنه من خوض الاستحقاق في ظروف أفضل.

وكان لافتاً في المهرجانات الانتخابية الاخيرة الحديث عن “ودائع سورية” من المتوقع ان تعود الى المجلس. وجاءت اكثر التحذيرات من هؤلاء من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط والتصويب على النواب السابقين ايلي الفرزلي وعبد الرحيم مراد في البقاع الغربي، والبر منصور في بعلبك – الهرمل. ويظهر في اطلاق بعض المواقف الساخنة ان اللبنانيين لم يشهدوا مثيلاً لها حتى في اعوام الحرب حيث “تكشّر” الطائفية عن أنيابها في اشكال مخيفة. ورداً على هذه المناخات غير المشجعة والتي لا تدعو الى الاطمئنان قبل موعد الاستحقاق، يوضح رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”النهار” بالقول “انها الانتخابات”، في اشارة الى انها تستدعي اطلاق مثل هذه المواقف وإن كان لا يؤيد مضمونها بالطبع.

ويعبّر في شكل صريح عن اعتراضه على الموشحات والشعارات الطائفية، وان “العزف على هذه الأوتار غير الوطنية لا يصب في اجراء انتخابات في اجواء طبيعية. ويدعو الجميع الى الكف عن هذا الاسلوب الذي لا يخدم لبنان ولا الحياة السياسية الديموقراطية التي يجب ان تسود في مختلف الدوائر الانتخابية. وما يهمه هو ان مرشحي حركة أمل وحزب الله لا ينجرّون الى الاسلوب المذهبي في حشد الناخبين الى صناديق الاقتراع من خلال اثارة العصبيات.

وسبق لبري ان حذّر قبل اسابيع من تعرّض الانتخابات في الخارج لأي شوائب او التشكيك في نتائجها. كما سبق له ان بحث في هذا الموضوع مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وهو يقضي بارسال رؤساء اقلام الى مراكز الاقتراع في الخارج على غرار ما نطبقه في الداخل على قاعدة ان “النوافذ التي تأتي منها الريح … كان من الافضل لوزارة الداخلية ان تسدها في الخارج وتستريح”. وستكون لبري اطلالة مع المغتربين في الايام المقبلة، إذ سيتوجه اليهم برسالة متلفزة يجري اعدادها في برلين ومدن افريقية.

وبعد الانتهاء من “سكرة الانتخابات” وهدوء عواصف المرشحين، سواء من نجح منهم او من خسر، ثمة مرشحون، اذا كُتب لهم النجاح، سيقدمون على اول شيء يفعلونه في المجلس، ومن بينهم البر منصور، هو العمل على تطبيق الدستور من خلال العمل على الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية وانشاء مجلس الشيوخ واعادة النظر في قانون الانتخاب وتطويره نحو الافضل والاصلاحات. وامام كل هذه التحديات ثمة من يدعو الرئيس ميشال عون الى تسلم زمام الامور الوطنية اكثر والاستفادة من تجربة الرئيس فؤاد شهاب، اي بالعودة الى “الكتاب” لقيادة البلاد بـ” طريقة أسلم”.

امام هذا المشهد والى حين موعد الاستحقاق المنتظر، تبقى “طواحين الانتخابات” بالمرصاد والمسيطرة على عقول الماكينات واصحابها والناخبين معاً، ليذهب كل الكلام عن الاصلاحات مع رياح التنظير والاطلالات لا أكثر، من دون ان يلمسها اللبنانيون على أرض الواقع.