Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر March 26, 2018
A A A
“البلد مفلس”
الكاتب: نايلة تويني - النهار

أراد القصر الجمهوري تخفيف وطأة الكلام الذي نقله البطريرك بشارة بطرس الراعي عن رئيس الجمهورية فاوضح مدير المكتب الإعلامي في القصر رفيق شلالا أنّ “كلام رئيس الجمهورية للبطريرك الماروني عن أنّ البلد مفلس، لم يكن توصيفاً لواقع قائم إنّما تحذير من أنّ استمرار الوضع على ما هو عليه وعدم التوصل إلى توافق حول معالجات للشأن الإقتصادي، سيؤدي بالبلاد إلى وضع صعب”.

وكان البطريرك نقل عن الرئيس ميشال عون ان “البلد مفلس، وهذا يعني انه بحاجة للجميع لضبط المال والفساد. وعلى من سيدخلون المجلس النيابي ان يعرفوا ان الامر ليس نزهة ترفيهية، بل عليهم ان يتحملوا مسؤولية بلد في حال الخطر. نحن في حالة غير عادية ونريد أشخاصاً غير عاديين. مشكورة الدول التي تهتم بنا ولكن ان لم يبن الرب البيت عبثاً يتعب البناؤون”.

ما بين القول والتوضيح الضروري لضبط الوضع المالي من أي تفلت يقود الى حالة افلاس حقيقية، تبقى حقيقة ثابتة ان البلد مفلس على مستويات كثيرة أقلها ربما الوضع المالي، اذ ان الدول التي تملك الرؤية المستقبلية الواضحة لا تهاب الاوضاع السائدة، بديونها المتراكمة، وخدمة هذه الديون الداخلية والخارجية. لكن لبنان الذي تجهد حكومته، أو بالأحرى فريق رئيس الحكومة سعد الحريري، لإيجاد فرص تمويل خارجية للهروب من الواقع، وتأجيل الاستحقاقات الداهمة، لا يملك الحد الادنى من الرؤى والخطط البعيدة المدى، فكل حكومة تتلهى بالارباكات التي تحوطها وبالمشكلات المتراكمة التي تحاصرها، وتسقط أو تتغير قبل ان تتمكن من تحويل طموحها مشاريع وخططاً خمسية أو عشرية.

البلد، لولا مبادرات انقاذية عدة، ليس بعيداً من الافلاس اذ ان ديونه قد تجاوزت الثمانين مليار دولار في ظل عدم شفافية في اعلانات وزارة المال عن الأرقام، وغياب النشرات الدورية التي كانت تصدرها، في محاولة لتجنب اظهار الواقع على حقيقته.

لكن البلد مفلس أخلاقياً، اذ ان الفساد المستشري في الدولة، منبعه تراجع القيم على كل المستويات. فالفضائح التي كانت في ما مضى، تسقط حكومات أو تدفع الى طرح الثقة بوزير أو أكثر، باتت ضعيفة الأثر، بل كأن أصحابها صاروا يفاخرون بها، ويطلون ليهاجموا الاعلام اذا ما فضحهم، ويدخلون “الحملة” في اطار المؤامرة ذات الامتدادات الخارجية.

والبلد مفلس اجتماعياً وسياسياً، كما تظهره التحالفات الانتخابية الغريبة العجيبة، وتسابق الناس الى تأييدها، دونما محاسبة أو سؤال، عن صوابية هذه الخيارات ومدى منفعتها للبنان ولمشروع لبنان الوطن.

الافلاس يتجاوز المال، الى ضياع القضية بل القضايا الكبرى، وغياب مشروع بناء وطن.