Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر March 18, 2018
A A A
لا صِلَةَ بالمنصب؟ لا صِفَة تحت القُبَّة
الكاتب: هنري زغيب - النهار

من الطبيعيّ رُسوبُ مسابقةٍ يقدِّمها طالبٌ حين تكون “خارج الموضوع”.
ومن الطبيعيّ رفْضُ استمارةٍ يتقدَّم بها طالبُ وظيفةٍ حين يكون “خارج المواصفات”.
إِذًا من الطبيعيّ أَن يرفض الناخبون مرشَّحًا، طرحُهُ “خارج الموضوع” وبرنامـجُه “خارج المواصفات”.

فالشعارات التي تتهاطل علينا من يافطات الطرقات وأَصوات الإِذاعات وشاشات التلـﭭـزيونات تنهمر رنّانةً طنّانةً تتبارى بالصيَغ والكلمات والأَفكار والـمُواعدات، ليس فيها جديدٌ بل معظمها “خارج المطلوب” لأَنه “خارج التوصيف”.

ما المطلوب؟ وما التوصيف؟
المطلوب أَن يتقدّم المرشَّح من ناخبيه مدركًا أَوَّلًا مهمةَ النائب الرئيسة: التشريع. والتوصيف أَن يكون هذا المرشّح مدركًا أَيَّ قوانين لم يتمَّ تنفيذُها لأَنها نائمةٌ في أَدراج البرلمان، وأَيَّ القوانين، تجديدها أَو جديدها، يحتاجُها الوطن لشعبه وإِداراته ومُؤَسساته وتطوُّره وتطويره. ما الأَولويات؟ كيف يمكن تطبيقُها؟ إِلى أَين يوصل هذا التطبيق؟ كم من الوقت يحتاج تنفيذُه؟ كيف يستفيدُ منه المواطن لتحسين وضْعِه الاجتماعي والصحي والبيئي والتربوي؟

المرشَّح الجديد فليتقدَّم من ناخبيه بالتعريف عن شخصه وقدراته وثقافته القانونية والدستورية والقضائية والتقْنية، وكيف سيوظف هذه القدرات في تحقيق برنامج يعرضه على الشعب مفصَّلًا مع آلية تطبيقه. والمرشَّح النائب الحالي فليتقدَّم من ناخبيه معرّفًا عمَّا حقَّقه إِبّان نيابته وعمَّا لم يتحقَّق بعد ولماذا لم يتحقَّق.

إِذًا يعرض المرشَّح حاجة المواطن الفردية والعامة، من تشريعات على أَساسها يطلب ثقة الشعب كي ينفِّذَ له في السنوات الأَربع المقْبلة مسائل مطروحة، راهنةً أَو مستقبليةً، تستبق أَزماتٍ قد تتّخذ المطالبةُ بها أَشكالًا احتجاجية أَو سلبية.

هذا هو الطرح الواضح بعيدًا عن شعبويَّات فولكلورية وهوبرات منبرية وشعارات وصُـوَر تَملأُ الحيطان ولوحات الإِعلانات وسطوح البيوت بكلماتٍ مسبوكة محبوكة معلوكة.

وبهذا الطرح الواضح يكون المرشّح ذا صفات تُخوِّله دخول الـﭙـرلمان، وتجعله جديرًا بثقة شعبه وناخبيه. فكم واحدًا بين المرشَّحين اليوم يتمتع بهذه الصفات؟

أَما أَن يتبارى المرشَّحون، جُدُدُهم (على قلَّتهم) والرابضون (منذ أَجيال)، باختيار أَفضل الكلام الوَدود، وإِغداق أَجمل الوُعود، والتصويب على خصمهم اللَدود، وأَن يقف “رئيس الليستة أَو “الكتلة” فيسطِّر برنامجًا لفْظيًّا باسْم “ركّاب” البوسطة معه، ويُـخَدّر الناس بخدمات شعبية فردية أَو جماعية يقوم بها أَيُّ موظَّف بلدية أَو مُعقِّب معاملات، فهذه إِهانة للشعب يوجهها مرشَّحون يعتبرون الشعب تحصيلًا حاصلًا وقطيعًا جرَّارًا خانعًا خاضعًا يُهَوْبر لهم كيفما كانوا ومهما قالوا، فيَسُوسُونه بِعَصا الزعامة السياسية أَو الطائفية أَو الإِقطاعية أَو الحزبية أَو التقليدية أَو الـموروثة.

وعند بُلوغ هذه النقطة الوقحة من الإِهانة، أَبسطُ ما على الشعب أَن يقول في 7 أَيار 2018: “نعلن آسفين أَننا راجعنا جميع العروض التي تقدَّمت لنا، فوجدناها جميعها خارجَ الموضوع وخارجَ المواصفات”.