Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر February 26, 2018
A A A
إنتخابات محاور تهدِّد «التسوية الرئاسية»!
الكاتب: اللواء

مناوشات ما قبل المنازلة الكبرى

من المؤشرات، الآخذة بالترسّخ ان انتخابات 2018، لن تكون كغيرها من الانتخابات التي عرفها لبنان منذ العام 1992، تاريخ إجراء أول انتخابات نيابية، بعد الطائف، وبعد انقضاء عشرين عاماً على آخر انتخابات جرت عام 1972، على أساس نظام 1943، أو ما كان يُعرف بدولة «الميثاق الوطني».

والانتخابات المختلفة هذا العام عن سواها، لا تتعلق بالعوارض المرضية التي فتكت وتفتك بجسم النظام اللبناني، الآخذ بالتحلُّل، سواء في ما يتعلق بإخفاقات الدولة، في الإدارة والاقتصاد والموازنة والمديونية التي ضربت رقماً قياسياً (79 مليار دولار) حسب وزير المال علي حسن خليل.. اما العجز في الكهرباء الذي كلّف الدولة منذ التسعينات إلى اليوم 22 مليار دولار أميركي، ولا كهرباء، ولا معامل ولا تغذية، حتى ولا اتفاق على برنامج للتسعيرة أو البواخر، أو تخفيض ساعات الانقطاع، إلى آخر المعزوفة التي يعرفها كل لبناني، ولا حتى في الفساد، إذ احتل لبنان المرتبة 143 عالمياً والـ14 شرق اوسطياً، من حيث الفساد للعام 2017، مسجلاً 28 نقطة من أصل 100، وفقا لتقرير منظمة «الشفافية الدولية» الذي شمل 180 دولة بينها 20 في منطقة الشرق الأوسط.

والمرعب في المشهد ان أولئك الذين يتنطحون لإعادة قيادة البلد، بدءاً من سلطته التشريعية هم أولئك الذين ساهموا في دراما تدهور الأوضاع في لبنان على المستويات المختلفة، من دون ان يرف لأحد منهم جفن.

على ان المسألة اليوم، هي في مكان آخر، تتعلق بلاعبين ثلاثة على مسرح القرار اللبناني محلياً، بارتباطات وعلاقات مع الإقليم وما هو أبعد منه، هم: «حزب الله»، التيار الوطني الحر، وتيار «المستقبل».

ومن الصدف ان التيار الوطني الحر، الذي تمكن مؤسّسه من ان يكون على رأس الجمهورية، هو على صلة مع كل من حزب الله المدعوم إيرانياً، وربما روسياً، ومع تيّار «المستقبل» المدعوم عربياً وأوروبياً ودولياً.

على المسرح الواقعي، يُمسك «التيار الحر» بالرئاسة الأولى وما هو مرتبط بها من قوى عسكرية وأمنية ووضعية دولية ودبلوماسية، ويمسك «حزب الله» بقرار من يكون في مركز الرئاسة الثانية (مجلس النواب، ورئاسته) وان كان الرئيس نبيه برّي، الذي أمضى 25 عاماً في قيادة السلطة التشريعية، مؤهلاً لأن يمضي أربع سنوات أخرى، أو إلى ما يشاء الله.

ويمسك «المستقبل» وعلى رأسه الرئيس سعد الحريري بالسلطة الاجرائية، الحكومة، كما حدّد صلاحياته وصلاحياتها اتفاق الطائف.

وضمنت هذه التوزيعة – التركيبة، استقراراً أو ما بات يُعرف «بالتسوية الرئاسية» التي حوّلت مسألة «ربط النزاع» إلى ما يشبه القنبلة الموقوتة في التحضيرات الجارية لانتخابات 6 أيار، والقائمة على قدم وساق..

دعك عن المحكمة الدولية، وقراراتها، المتوقعة أو المستبعدة بالتزامن مع التوجه إلى صناديق الاقتراع.. لكن، لاحظ المشهد كيف يبدو: «الثنائي الشيعي» يسارع إلى حسم ترشيحاته.. ولا يُخفي الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله ان معركة «الثنائي» في الدوائر أو المناطق ذات الغالبية الشيعية هي معارك «الحاصل الانتخابي» أو ما يعرف اصطلاحاً «بالعتبة» التي تتغيّر مستوياتها بين دائرة وأخرى.. فإذا كانت العتبة في الجنوب (مرجعيون – النبطية – حاصبيا – بنت جبيل) 23 ألف صوت، فإن العتبة في بعلبك – الهرمل تبدو أقل من ذلك بكثير.. من هنا يطمح خصوم حزب الله إلى خوض معركة تفقد الحزب عددا من النواب في هذه الدائرة، وهي كانت الخزان الأكبر لقوته الشعبية، وحتى النيابية، على مستوى الكتلة.

في المعركة الانتخابية، التي تنتقل من التحضيرات، الى الاستطلاعات، فالمناوشات والتحالفات وصولا إلى المنازلة الكبرى يوم السادس من أيّار، لا ألوان رمادية، ولا مسايرات، ولا أي شيء آخر.. في المعركة فرز فعلي، ومواجهة فعلية بين محور يقوده حزب الله، يسعى إلى كسب المقاعد الأكثر تأثيراً في مرحلة ما بعد الانتخابات.. ومحور آخر، يسعى إلى اضعاف الحزب كمدخل فعلي وإلى اضعاف المحور الذي ينتمي إليه الحزب، في الإقليم من سوريا إلى العراق واليمن وما بينهم من روابط ودول وتحديات.

يشعر «حزب الله» ان النظام النسبي يتيح له، كما يتيح لخصومه تحصين المواجهة، وإحراز نصر، ولكن لن يكون كاسحاً، بل يسجّل له حضور، وهو أي الحزب، لا يعرف حجمه ومداه من اليوم..

في الخلفية، تبدو الصورة أكثر وضوحاً.. استعد «الثنائي الشيعي» للمواجهة منذ إنجاز قانون الانتخاب، بدوائره وتقسيماته، وطريقة اجراء الاقتراع، والحاصل الانتخابي والصوت التفضيلي، وسائر ألوان الوضع الانتخابي المستجد.

ليست مناوشة إعلامية أو مناوشات، وتنتهي عند حدّ ما، بل هي ضرب من ضروب اللعب على الصورة أو التلاعب بالوقائع للتحريض والضغط النفسي والإعلامي..

فجأة يتحوّل جميل السيّد (اللواء) هدفاً لخصومه (مي شدياق – جيسيكا عازار وديانا مقلد) في استعادة صورة الرجل الأمني، الأقوى في الجهاز المشترك اللبناني – السوري.

ثمة تحريض بوجه ترشيحه وانتخابه، الأمر لا يقف عند هذا الحد، حملة من غادة عيد (المشهورة ببرنامجها التلفزيوني بوجه الفساد) على نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ثم ردّ من «حزب 7» الذي تنتمي إليه عيد، واعتبار كلامه في إطلاق الماكينة الانتخابية في البقاع بقوله «ما هوي 7 وبالشارع» لا يليق به، وهو يضم الآلاف بعد فشل الأحزاب الحاكمة..

مشهد يشبه النموذج لانتخابات مختلفة بكل المقاييس والنتائج؟!