Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر February 18, 2018
A A A
مولر «المُحنّك» يحاصر ترامب وفريقه بدل الانقضاض عليهم دفعة واحدة
الكاتب: حسين عبدالحسين - الراي

أظهر روبرت مولر، المحقق الخاص في إمكانية تورط الرئيس دونالد ترامب بالتواطؤ مع الحكومة الروسية أثناء حملته الرئاسية قبل عامين، مهارة وحنكة سياسية كبيرة بتقديمه رابع دفعة من القرارات الظنية، اتهم فيها هذه المرة 13 مواطناً وثلاثة كيانات روسية بالتورط في التدخل بالعملية الانتخابية الاميركية.

وقبل إعلان القرار الظني، مساء أول من أمس، حمل مسؤولو وزارة العدل مسودة القرار إلى البيت الابيض لإطلاع ترامب عليه، الخميس الماضي، على اعتبار أن إدانة مواطنين من روسيا يدخل في سياق الأمن القومي الذي يجب إطلاع الرئيس عليه.

وبعد إطلاع ترامب على القرار، شن البيت الأبيض حملة ضد الهجمات الإلكترونية الروسية، وأصدر بياناً دان فيه هجوم «نوت – بيتيا»، الذي نفذه الجيش الروسي في حزيران من العام الماضي، حسب زعم الاميركيين.

* الرئيس يعلن «براءته» وموسكو تتحدث عن «هراء» بعد اتهام 13 روسياً و3 كيانات بالتدخل في الانتخابات الأميركية.

وفي اليوم التالي، أعلنت وزارة العدل الأميركية أن التحقيق الذي يقوده مولر أصدر قراراً ظنياً بحق 13 روسياً وثلاثة كيانات بتهم انتحال شخصية أميركيين، وسرقة كلمات سر وهويات أميركيين، وتمويل حملات إعلانية وتظاهرات داخل الولايات المتحدة لـ«بث الفرقة» وتقويض الديموقراطية.
ومما ورد في القرار الظني أن مواطنين روساً سددوا أموالاً لأميركية تُشبه المرشحة الديموقراطية السابقة هيلاري كلينتون، ولأميركي طلبوا منه بناء قفص يشبه السجن لوضع شبيهة كينتون داخله وتصويرها.

وعلى عكس الانطباع العام، لم تكن الحيل الروسية تجري سراً، إذ يبدو أن مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي) كان يتجسس على ما يقوم به عملاء روسيا في أميركا. وكشف القرار مراسلات عبر البريد الالكتروني يقول فيه أحد العملاء الروس لعائلته في روسيا ان «اف بي آي» اكتشف العملية، وأنه مشغول جداً لأنه يمضي وقته في محاولة لتغطية أي آثار ممكن أن يقتفيها الاميركيون.

كما تطرق القرار الظني إلى ما يعرف بـ «مزرعة وكالة أبحاث الانترنت» التابعة للاستخبارات الروسية، ومقرها في مدينة سانت بطرسبورغ، وإلى نشاطات هذه الوكالة في إدارة 31 ألف حساب مزيّف على مواقع التواصل الاجتماعي، بتصرف أصحابها وكأنهم من المواطنين الأميركيين، وجعلهم يدلون بآراء تتعلق بالشؤون الداخلية الاميركية.

وعلّق وكيل الوزارة العدل رود روزنستاين، الذي يتعرض لحملة قاسية من الجمهوريين، (وهو أعلى سلطة في الوزارة مولجة بالإشراف على تحقيق مولر)، بالقول إن القرار الظني لم يطل أي مواطن أميركي، ولم يعتبر أن التدخل الروسي أدى إلى التأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية التي أوصلت ترامب للبيت الأبيض.

وعلى الفور، علّق ترامب في تغريدة أعلن فيها براءته بيد أنه أقرّ بالتدخل الروسي الذي كان قد نفاه مراراً. وقال إن التحقيق أظهر أن الروس باشروا تدخلهم في العام 2014، أي قبل سنتين من إعلان ترامب ترشحه للرئاسة، وهو ما يعني براءة الرئيس. وتزامناً، أصدر البيت الابيض بياناً تضمن رسالة مشابهة، مع دعوة الأميركيين لإقفال الملف، والوحدة ضد العدو الروسي.

لكن القرار الظني حمل في طياته الكثير مما دان ترامب وتصريحاته السابقة، فالرئيس الاميركي سبق أن أصرّ على أن روسيا لم تتدخل، وأن الاختراقات الالكترونية قد يكون نفذها ولد يزن 100 كيلوغرام مع جهاز كمبيوتر في غرفة نومه. ثم راح ترامب يكرر أن التحقيق هو بمثابة «صيد ساحرات» يستهدفه سياسياً، وشدد على أن لا تواطؤ بينه وبين حملته، من ناحية، وبين موسكو، من ناحية ثانية.

القرار الظني الصادر، أول من أمس، كان الرابع من نوعه، بعد توجيه التهم إلى أربعة من مستشاري الرئيس ممن سبق أن عملوا في حملته الانتخابية أو في إدارته.

وجاء في القرار الاخير أن الروس اتصلوا بأميركيين، وأن الاميركيين قد يكونوا تعاونوا معهم ربما من دون معرفة هوية هؤلاء الروس، وهو ما يبقي الباب مفتوحاً لقرار ظني جديد يتهم أميركيين بالتواطؤ. كما أورد القرار ما مفاده أن هدف التدخل الروسي كان لضرب بعض المرشحين، مثل «الديموقراطية» كلينتون والجمهوريين ماركو روبيو وتيد كروز، ولدعم الجمهوري ترامب والديموقراطي بيرني ساندرز.

ويظهر إصدار القرار الظني على دفعات حذاقة مولر، الذي يبدو أنه بات يُحاصر ترامب وفريقه، بدلاً من الانقضاض على الكل دفعة واحدة. وبصدور قراره الأخير، فتح مولر الباب أمام ترامب للتراجع عن مواقفه السابقة التي نفى فيها وجود تدخل روسي في الانتخابات الاميركية.

كذلك، أجبر قرار مولر إدانة مواطنين روس من دون أميركيين ترامب على اللحاق بالقرار الظني، وتبنيه وإنْ على مضض، والإشادة بالتحقيق. ثم حاول ترامب اقتناص الفرصة للإيحاء وكأن التحقيق وصل خاتمته من دون إدانته، وهو ما يعني براءة الرئيس.

على أن مولر، الذي أفاد من مديح ترامب، لا يبدو أنه على وشك ان ينهي تحقيقه، بل يبدو أنه ما يزال في منتصف عملية تعرية المتورطين وإدانتهم، الواحد تلو الآخر.

وفي رد فعل سريع من جانب روسيا، أعلن الكرملين أنه لم يتلق أي معلومات رسمية عن لائحة الاتهام الأميركية، فيما وصفت وزارة الخارجية الروسية الاتهامات الأميركية بأنها «سخيفة» و«هراء».

بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، إن كل ما يقال عن تأثير موسكو على الانتخابات الرئاسية الأميركية «هراء».
***