Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر January 9, 2018
A A A
ملايين كوتينيو ثمناً لذهب المستقبل
الكاتب: شربل كريم - الأخبار

نهاية سعيدة لمسلسل «هوس برشلونة»
وصل المسلسل إلى حلقته الأخيرة، فكانت المفاجأة السارّة لجمهور برشلونة، والدرامية لجمهور ليفربول. حلقة كان ثمنها كبيراً للأول، وخرج منها الثاني خاسراً فنياً ورابحاً مالياً، لكنها من دون شك تنقل الفريقين والنجم البرازيلي كوتينيو إلى مرحلةٍ جديدة.

منذ اللحظة الأولى التي علم فيها بأنه سيخسر نجمه البرازيلي نيمار عاش برشلونة الإسباني هوس مواطن الأخير كوتينيو. هو الهوس الذي دفع النادي الكاتالوني لكسر رقمه القياسي على صعيد التعاقدات للمرة الثانية في ظرف 6 أشهر ليحصل على مراده. ولا شك في أن رحيل الساحر البرازيلي غيّر كل شيء على أرض الملعب من حيث طريقة اللعب، وفي المكاتب من حيث عقلية التعاطي في سوق العرض والطلب.

“البرسا” لم يهضمها ولو أنه لم يقف متفرجاً في السوق الصيفية عندما استقدم الموهبة الفرنسية عثمان ديمبيلي، لكن لأسباب فنية وأخرى تجارية (مرتبطة تحديداً بشركة “نايكي”) ترتبط بصورة لاعبٍ نجم وكبير، استمر هوس مطاردة كوتينيو. هو الهوس فعلاً، إذ رغم غياب ديمبيلي بدا الفريق متماسكاً في الدوري الإسباني، وتصدّر بفارقٍ مريح عن أكبر منافسيه، وبفارقٍ كبير عن غريمه التقليدي ريال مدريد بعد أن اكتسحه في عقر داره. هو بدا غير متأثر أصلاً برحيل نيمار، لذا فإن التفسير الوحيد لاستقدام كوتينيو الذي لن يستفيد منه أيضاً في دوري أبطال أوروبا كونه شارك في المسابقة القارية مع فريقه السابق ليفربول الانكليزي، هو التأسيس لمرحلةٍ جديدة.

نهاية السلالة الذهبية
وقد يستغرب البعض هذا الكلام، وخصوصاً عندما يتابع نتائج برشلونة في “الليغا”، لكن الواقع أن الفريق الكاتالوني يشعر منذ مواسم عدة بأن نهاية السلالة الذهبية اقتربت، مع اعتزال أو ابتعاد أولئك النجوم الذين شكلوا فريقاً مخيفاً مع المدرب جوسيب غوارديولا. ولم يكن خروج الأخير من النادي وحده السبب، فهناك مثلاً اعتزال القائد الذي لا يُعوّض كارليس بويول، ورحيل شافي هرنانديز بعيداً من الأراضي الإسبانية ومثله الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو، واقتراب أندريس إينييستا أكثر وأكثر من سن الاعتزال.

* مع كوتينيو سيكون برشلونة قادراً على رسم خططٍ هجومية مختلفة متنوعة ومرعبة

وانطلاقاً من هذه النقاط، كان “البلاوغرانا” يحاول رسم خطٍ ذهبي جديد، فلا شك في أنه رأى في الفرنسي صامويل أومتيتي تعويضاً لبويول. ولا شك في أنه جلب الكرواتي إيفان راكيتيتش لتعويض شافي وإينييستا، والبرازيلي باولينيو لشعوره بانتهاء مهمة ماسكيرانو. وها هو يضمّ ديمبيلي وبعده كوتينيو إيماناً منه بأن هذين اللاعبين سيكونان في قلب المشروع الكبير للمستقبل، الذي قد لا يكون فيه الأوروغوياني لويس سواريز والأرجنتيني ليونيل ميسي وغيرهما من اللاعبين الذين أدّوا قسطهم للعلى.

إذاً من هنا يظهر أن كوتينيو هو حاجة مستقبلية لا آنية، وهو أيقونة مرسومة في مخيّلة إدارة “البرسا” التي لم تبخل في دفع ثاني أعلى مبلغٍ في تاريخ اللعبة لضمه إلى الفريق، لكن أين سيأخذ اللاعب مكانه في تشكيلة المدرب إرنستو فالفيردي؟

ملك اللامركزية
يمكن إطلاق لقب “ملك اللامركزية” على النجم الجديد لبرشلونة، فمعه سيكون لفالفيردي العديد من الخيارات الاستراتيجية في الشق الهجومي، والتي من شأنها بثّ الرعب في نفوس أي فريقٍ كبير يمكن أن يواجهه “البرسا” هذا الموسم في الدوري، أو الموسم المقبل في دوري الأبطال.
بدايةً من ما دأب كوتينيو على شغله في ليفربول، وهو الطرف الأيسر مع الاتجاه نحو العمق، حيث طوّر اللاعب سلاحه التهديفي، فظهر قادراً على التسجيل من أي مكانٍ قريبٍ من منطقة جزاء الخصم. وهذه الطريقة في اللعب هي نفسها التي اعتمدها نيمار أيام وجوده مع برشلونة، واعتادها كوتينيو مع “الريدز” لا بل إنه ظهر أفضل من نيمار على صعيد التعاون الهجومي مع الثلاثي المصري محمد صلاح، السنغالي ساديو مانيه، والبرازيلي روبرتو فيرمينو.

وهناك في برشلونة قد يجد نفسه في هذا المركز أيضاً وأمامه الثلاثي ميسي – سواريز – ديمبيلي، ما يجعل الفريق الكاتالوني مرعباً هجومياً.
الرعب الأكبر سيصيب أي خصمٍ في حال لجأ فالفيردي إلى استراتيجية لم يتمكن من اعتمادها أخيراً، وخصوصاً بغياب ديمبيلي، وافتقاد الفريق إلى لاعبٍ مثل كوتينيو. وهذه الاستراتيجية هي كلاسيكية وتتمحور حول خطة 4-3-3، التي لا شك في أن كوتينيو سيبرع فيها، فإذا نظرنا إلى المنتخب البرازيلي نرى أن النجم الجديد لبرشلونة يلعب على الجهة اليمنى، وهو نفس المركز الذي يمكن أن يشغله من دون أي مشاكل في الخطة المذكورة التي ستمنح ميسي وسواريز حريّة هجومية أكبر، وتعطي برشلونة عامةً خيارات هجومية أكثر، ما يزيد من كمّ الفرص والخطورة، وبالتالي الأهداف.
أضف الى نقطةٍ مهمة، وهي ظهور ميسي وكأنه يحاول (في بعض المباريات) لعب الدور الذي لعبه شافي سابقاً، وخصوصاً في حال غياب إينييستا أو خروجه من الملعب. وبوجود كوتينيو الآن سيكون بمقدوره إراحة ميسي من هذه المهمة وتحرير النجم الأرجنتيني لينطلق لإشباع جوعه الدائم لتسجيل الأهداف من دون أن يكترث كثيراً لما يحدث وراءه أو لعملية الربط بين الوسط والهجوم التي يبرع فيها كوتينيو أصلاً.

إذاً هي صفقة مهمة بكل المعايير، ومفصلية لبرشلونة في الوقت الحالي والمستقبل، ولكوتينيو أيضاً، وهو الذي يحلم بأن ينسخ ما فعله روماريو ورونالدو وريفالدو ورونالدينيو ونيمار هناك في “كامب نو”، ويخرج من بوابته حاملاً ثقة أكبر يستمدها من تذوّق طعم الألقاب التي افتقدها في “أنفيلد رود”، وليسير بالتالي على خطاهم ويرفع كأس العالم مع “السيليساو” بعد أشهرٍ قليلة في روسيا.
*

ضم برشلونة كوتينيو من ليفربول في صفقة ضخمة قُدّرت بـ 192 مليون دولار (جوسيب لاغو – أ ف ب)