Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر December 17, 2017
A A A
خسارة ترامب في ألاباما … اِبحثوا عن بانون و”حلف الأغبياء”
الكاتب: جورج عيسى - النهار

تلقّى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضربة موجعة عقب خسارة المرشّح الجمهوري روي مور أمام منافسه الديموقراطي دوغ جونز في السباق إلى عضوية مجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما المحافظة والتي لم تصوّت لمرشّح ديموقراطيّ منذ حوالي ربع قرن إلى هذا المنصب. خسارة مور لا تعبّر عن مجرّد هزيمة للحزب الجمهوري أمام غريمه التقليديّ وحسب، بل هي تعكس انكساراً مباشراً لإرادة ترامب الذي دعم علناً المرشّح الخاسر.

تخطّي جونز منافسه بفارق وصل إلى 1.5% من الأصوات، في ولاية أيّدت طويلاً الجمهوريّين، أكّد فعلاً مدى تراجع شعبيّة الرئيس الأميركيّ. لكن إلى جانب هذا الأمر، سلّطت الانتخابات التشريعية الأخيرة الأضواء على مجموعة من المعطيات السياسيّة داخل الحزب الجمهوريّ نفسه والتي بدأت تؤثّر على مزاج المؤيّدين له منذ وصول ترامب إلى السلطة.

رفض التروّي
كان جونز، مثل الغالبية الساحقة من الديموقراطيّين، مؤيّداً لحقوق المرأة باختيار الإجهاض إضافة إلى تقييد قوانين حمل الأسلحة. وفي ولاية محافظة كألاباما، كان يمكن لهذا البرنامج أن يجعل المرشّح الديموقراطيّ يخسر بسهولة أمام مور، لكنّ ذلك لم يحدث. رفض ترامب التروّي لدراسة الأسباب التي أوصلت الجمهوريّين إلى خسارة مقعد إضافيّ في مجلس الشيوخ، فحجّم القضيّة إلى قدرات شخصيّة للمرشّحين عن الحزب الجمهوري. ففي الانتخابات التمهيديّة، دعم ترامب لوثر ستراينج لكنّ الأخير خسر أمام مور. وأوضح الرئيس الأميركي موقفه على “تويتر” كاتباً أنّه دعم ستراينج في البداية لأنّه كان على دراية بأنّ مور لن يفوز في نهاية المطاف. ولم ينسَ أن يشير إلى أنّ دعمه للأوّل عزّز التصويت لصالحه في الانتخابات التمهيديّة.

“عاصفة مثاليّة من الفضائح”
يلخّص إريد فيلاسكو من موقع “فايس” الأميركي أسباب فوز جونز بوجود “عاصفة مثاليّة من الفضائح” التي لاحقت مور. فالأخير متّهم من تسع نساء على الأقلّ بأنّه تحرّش بهنّ حين كنّ في سنّ المراهقة. إضافة إلى الفضيحة، كان هنالك جمهوريّون من الضواحي تحالفوا موضوعيّاً مع قاعدة ديموقراطيّة بدأت بالتجدّد وكسب الحيويّة. ولعلّ ذلك أبرز الصراع الجمهوريّ الداخليّ الذي ترك بصمة واضحة في انتخابات الولاية وأعاد إلى الواجهة الخلاف بين “المؤسّسة” ومناهضيها.

ترامب فشل مرّتين
يكتب جايكوب هايلبران في مؤسسة الرأي الأميركيّة “ذا ناشونال إنترست” أنّ ترامب فشل مرّتين في تحريك قاعدته الناخبة في هذه الانتخابات، بغضّ النظر عن أن روي مور لم يكن يحظى شخصيّاً بأي فرصة للفوز أساساً. الفشل الأوّل حين رسب ستراينج والثاني حين حصل الأمر نفسه مع مور. والمفارقة أنّه في الحالة الأولى عمل بعكس نصيحة كبير مستشاره السابق لشؤون التخطيط الاستراتيجيّ ستيف بانون وفي الثانية، ذهب إلى اتّباعها.

وبغضّ النظر عن رحيل بانون عن البيت الأبيض، يبدو أنّه ما زال يتمتّع بتأثير وازن على الرئيس الأميركي. عمليّاً، أتت مغادرة بانون للإدارة الأميركيّة إضافة إلى مسؤولين آخرين وفي مقدّمتهم سيباستيان غوركا إلى خسارة “الحمائيّين” و “القوميّين” في مواجهة “العولميّين” أو “المؤسّساتيين”. لكن يظهر أنّ بانون يستمرّ بالعمل من الخارج لإعادة تشكيل نفوذ جديد كما يرى البعض.

“تحالف من المحتالين والمخادعين والأغبياء”
دايفد فرانش، جمهوريّ من ولاية ألاباما وكاتب بارز في مجلّة “ناشونال ريفيو” أعرب عن سروره أو على الأقل عن راحته النفسيّة إزاء خسارة مور للانتخابات كما أكّدت ذلك جاين كوستن من موقع “فوكس” الأميركي. “ما بدأت تشاهدين ظهوره هو محاولة بانون تشكيل تحالف من المحتالين والمخادعين ومدّعي المعرفة والأغبياء” من أجل صياغة تحالف مناهض لـ “المؤسّسة”. وبعدما ذكّرت كوستن بأنّ بانون اختار مرشّحين في وينسكونسن وإنديانا وألاباما انتهى بهم المطاف إلى الرسوب، كتبت أنّ غاي بنسون، كاتب بارز من “فوكس نيوز” أخبرها أنّ استراتيجيّة بانون القاضية باختيار “أكثر مشاكسي المؤسسة تهوّراً وجنوناً يمكنه العثور عليهم” للانتخابات أثبتت فشلها.

“حرب أهلية”
الخلافات بين الجمهوريّين كانت كبيرة لدرجة أنّ صحيفة “ذا غارديان” وصفتها ب “الحرب الأهليّة”. السيناتور عن تينيسي بوب كوركر كان “سعيداً جداً جداً” بسبب “عدم اضطرارنا للتعامل مع ما كنا سنضطر للتعامل معه على الأرجح، لو جاءت النتيجة معاكسة” لما حصل. وهنالك جمهوريّون مثلاً وقفوا مع مور فقط لأنّه لم يكن مدعوماً من ميتش ماكونيل زعيم الكتلة الجمهوريّة في مجلس الشيوخ. النائب الجمهوريّ بيتر كينغ قال في حديث إلى “سي أن أن” إنّه جمهوريّ محافظ لكنّ بانون لا يمثّل القضايا التي يدعمها.

“سرطان”
من جهة ثانية، يتعرّض بانون لحملة إعلاميّة قاسية لا من المحسوبين على جمهوريّي “المؤسّسة” وحسب بل حتى ممّن كانوا يوماً من المقرّبين إليه. كورت بارديلّا الذي عمل في السابق كناطق باسم عدد من المسؤولين الجمهوريّين، وبالأخص باسم موقع “بريتبارت” الذي يدير بانون سياسته التحريريّة، شنّ هجوماً لاذعاً على الرجل في صحيفة “يو أس أي توداي” الأميركيّة: “لن يقوم ببناء حزب سياسيّ من القاعدة إلى رأس الهرم بل يريد أن يدمّره من فوق إلى تحت”. وشبّه بارديلا بانون بتنظيم “القاعدة” لأنّه لا يتوقّف عن تنفيذ أهدافه بمجرّد تلقّي الهزيمة، بل هو يختار مكاناً آخر يشنّ فيه ضربته التالية. إنّه “سرطان طاول الفريق الجمهوريّ بأكمله. قد يكون حميداً الآن، لكن مع الوقت، قد ينتشر ويصبح قاضياً”.