Beirut weather 22.43 ° C
تاريخ النشر October 28, 2017
A A A
الدوري الإيطالي والفوضى الخلّاقة
الكاتب: شربل كريم - الأخبار

يشهد الدوري الإيطالي لكرة القدم قمة مرتقبة جديدة بين ميلان ويوفنتوس في نهاية الأسبوع، تفتح الباب على جدال جديد حول إذا ما كانت بطولة الطليان قد استعادت رونقها وأهميتها عند متابعي اللعبة حول العالم، وهي إشكالية يصعب حسمها بشكلٍ كبير.

أكثرية متابعي «دربي» ميلانو بين ميلان وجاره إنتر ميلانو خرجوا بانطباع أن هناك شيئاً يستحق المتابعة في الدوري الإيطالي، الذي تراجعت شعبيته تباعاً منذ مطلع الألفية الجديدة حتى يومنا هذا، وذلك لأسباب عديدة؛ على رأسها هجرة النجوم والفضائح التي عصفت بالكرة الإيطالية أكثر من مرة.

لكن الموسم الحالي بدأ يعكس تحسناً واضحاً في أجواء الـ»سيري أ» الذي عاد مثيراً للاهتمام في مراحل عدة، رغم أن نقصاً كبيراً لا يزال يعانيه في جوانب مختلفة لشدّ الأنظار إليه، على غرار ما كان عليه الأمر في الماضي البعيد، وليجاري البطولات الأوروبية الوطنية الأخرى التي تتفوّق عليه، وتحديداً بطولتي إنكلترا وإسبانيا.

«الدوري الإيطالي خلف غيره من بطولات أوروبا». عبارة خرجت من فم أحد أبرز رموز العصر الحديث في الكرة الإيطالية، وهو المدافع الدولي السابق أليساندرو نيستا، الذي عاصر حقبتين، الأولى كانت ذهبية، والثانية شهدت انطفاء الدوري في بلاد الطليان وانكفاءه. والأمر الأخير كان مردّه الى عدم معرفة القيّمين تسويق بطولتهم بشكل صحيح وبشكل يجلب الأموال الكثيرة، التي من شأنها تعزيز وضع الأندية مالياً، وبالتالي منحها ورقة قوية في أيديها للاحتفاظ بالنجوم أو جلب آخرين.

* يوفنتوس هو أحد أسباب موت الدوري الإيطالي ونهوضه.

المهم اليوم، وبعد دخول مستثمرين كثر على الأندية الطليعية، واستقدام لاعبين مميزين (ولو أنهم نجوم من الصف الثاني)، وبعد كل ما تابعناه من إثارة في موقعة ميلان وإنتر، يمكن الجزم بأن الدوري الإيطالي على الطريق الصحيح لاستعادة مكانته في قلب كرة القدم العالمية، وذلك لاعتبارات عدة لا ترتبط فقط بالنقطتين المذكورتين. فهذا الموسم يبدو أفضل من سابقيه بأشواطٍ عدة، وخصوصاً عندما ترى أن يوفنتوس القابض على «السكوديتو»، منذ مواسم عدة، يقف خلف نابولي وإنتر توالياً على لائحة الترتيب العام. وقد يأتي البعض ليقول بأن لا شأن لهذه النقطة في مدى تحسن صورة ووضع البطولة من عدمها، لكن الواقع أن «اليوفي»، بعد فرضه سطوة مطلقة على الدوري، قتل المنافسة تماماً، وأحياناً في مراحل مبكرة من عمر البطولة، ما أثّر على مسألة الاهتمام بالـ»سيري أ» ومتابعته.

* تحسّن في مستوى إثارة الدوري الإيطالي لا في المستوى العام.

أضف أن علوّ كعب بطل إيطاليا وإدراك منافسيه أن من الصعب عليهم مجاراته مهما كلّف الأمر، أصابهم باليأس، وخصوصاً عندما انتهج الأخير «فلسفة بايرن ميونيخ» في التسوّق من الأندية المنافسة لإضعافها، والدليل على هذه المقولة هو في استقطابه الهدّاف الأرجنتيني غونزالو هيغوايين من نابولي.
لكن لا يمكن إغفال أن يوفنتوس كان الوحيد الذي يقاتل لإعادة الاعتبار للكرة الإيطالية التي كانت قد فقدت تصنيفها المتقدّم أوروبياً، فوقف فريق «السيدة العجوز» ندّاً عنيداً لكبار أوروبا، رغم عدم قدرته على التتويج بلقب دوري الأبطال الذي خسره مرتين في المباراة النهائية خلال المواسم الثلاثة الأخيرة.

لكن الموضوعية لا يفترض أن تجرّ محازبي «الكالتشو» إلى القول بأن الأمور على ما يرام، أو أن الدوري الإيطالي أصبح مثيراً وممتعاً الى أبعد الحدود، إذ إن التشريح الفني لـ»دربي» ميلانو يعكس صورة فوضوية ــ خلّاقة على أرض الملعب كانت بشكلٍ أو بآخر سبباً لغزارة الأهداف في تلك المباراة، حيث لا يمكن الحديث كثيراً عن انضباط تكتيكي أو أفكار استراتيجية خلّاقة يمكن البناء عليها للمدى البعيد أو التعلم منها ونقلها الى بطولات أخرى، إذ حتى وصولنا الى المرحلة الـ 11 من البطولة، لا يمكن التوقف إلا عند ما يقدّمه نابولي من شيء استثنائي على صعيد المتعة الكروية المضمونة في مبارياته مع مدربه ماوريتسيو ساري.

الدوري الإيطالي عاد، لم يعد؟ ربما على عشاقه الانتظار لوقتٍ أطول حتى يتمكنوا من القول بأن الأيام الذهبية أطلت من جديد، فدوري الطليان لا يزال ينقصه الكثير بكل ما للكلمة من معنى.