Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر May 28, 2016
A A A
أفضل نوافذ مختبرية لفهم إصابات دماغ الإنسان!
الكاتب: عبدالعليم الحجار - الراي

تشابهات التركيبة الخلوية للدماغ البشري مع أمخاخ ذباب الفاكهة وكلاب brachycephalic ستسمح بتطوير علاجات لإصابات وأورام دماغية.

526584_279565_Org_1_-_Qu65_RT728x0-_OS1184x945-_RD728x581-

ما من شك في أن استخدام حيوانات التجارب في المختبرات يلعب دوراً حيوياً في المجال البحثي والطبي، إذ إنه يمنح الباحثين فرصة مثالية لتجريب أي علاجات جديدة والاطمئنان إلى سلامتها ونجاعتها قبل تطبيقها على البشر.

وفي اطار الجهود العلمية الساعية دائما إلى سبر أغوار مسببات وعلاجات الإصابات التي تلحق بمخ الإنسان، كشفت نتائج أبحاث ودراسات جديدة عن استخلاصات مهمة مفادها أن «أمخاخ ذباب الفاكهة هي النموذج الأمثل للاستخدام مختبريا من أجل رصد وفهم آليات المسارات الجينية التي تلعب دوراً في إصابات المخ البشري كما في كيفية تعافيه من تلك الإصابات»، وأن «أورام أمخاخ سلالات معينة من الكلاب تمثل نموذجاً تشريحياً مثالياً يسمح بفهم أفضل لمسببات أورام معينة تصيب أمخاخ البشر»، وهي الاصابات التي تقتل ملايين من البشر سنوياً حول العالم.

ففي مختبرات كليات جامعة سان دييغو الأميركية، خلُصت دراسة بحثية حديثة إلى أن «مخ ذبابة الفاكهة هو على الأرجح النموذج الأنسب كي نستكشف من خلاله المسارات الجينية التي تؤثر في الإصابات التي يتعرض لها مخ الإنسان، كما تسهم في تعافيه من تلك الإصابات»، وهي الاصابات التي أوضح الباحثون أن المقصود بها هنا هو تلك التي تلحق بالمخ ليس لأسباب مرضية، بل كنتيجة للاصطدامات أو الارتطامات العنيفة، أو حتى بسبب ممارسات العنف المنزلي.

البروفيسور كيم فاينلي، الذي شارك في الأبحاث، لخص الفكرة بالقول إن النتائج تبشر باتساع آفاق استخدام ذباب الفاكهة كنموذج مختبري مثالي لفهم إصابات المخ، وأن هذا الأمر ينطوي على اقتراب التوصل إلى المفتاح الذي سيفتح باب تحديد الجينات والمسارات الدماغية والعصبية المهمة التي يمكن أن تحفز عملية ترميم آثار تلك الإصابات لدى البشر وتقليص حجم الضرر الذي يمكن أن تتركه على خلايا المخ والخلايا العصبية.

وأضاف فاينلي: «تمتلك ذبابة الفاكهة جهازاً عصبياً معقداً للغاية. وصحيح أن ذباب الفاكهة يمثل نموذجا مدهشاً بدأ استخدامه في مجال الدراسات الجينية منذ أكثر من 100 سنة، لكن نتائج دراستنا الجديدة هذه كشفت عن فهم أفضل وغير مسبوق للجينات التي تسهم في تعافي المخ البشري بشكل أسرع وأفضل بعد إصابته».

وفي السياق البحثي ذاته، كشفت نتائج دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة «أوبسالا» و«الجامعة السويدية للعلوم الزراعية» عن أن سلالات معينة من الكلاب تصاب بأورام في المخ مطابقة للأورام السرطانية الدبقية (glioma) القاتلة التي تصيب مخ الإنسان، وأن هذا الأمر يفتح طريقا واسعة أمام فهم أفضل لأسباب تلك الأورام ولكيفية معالجتها.

النتائج رصدت أن جميع الكلاب التي تنتمي إلى سلالات الـ«brachycephalic» ذات الجماجم العريضة والأنوف الفطساء معرضة للإصابة بالأورام الدبقية ذاتها التي تصيب مخ الإنسان، وهي تعتبر الشكل الأكثر شيوعا بين أورام المخ الخبيثة لدى البشر ولازال الشفاء منها بعيد المنال حتى الآن.

لذا فإن أهمية هذا الاكتشاف تكمن في أن احتمالات الشفاء باتت قريبة المنال أكثر من أي وقت مضى، إذ ان التشابه الكبير بين التركيبة الخلوية لتك الأورام في أمخاخ سلالات تلك الكلاب وأمخاخ البشر سيسمح للباحثين بتحديد أسباب تلك الأورام الخبيثة وآليات نشوئها، ومن ثم تطوير علاجات لها.
***

في الصورة، ذبابة فاكهة (يمين) وإلى اليسار كلاب من سلالات الـ brachycephalic ذات الجماجم العريضة والأنوف الفطساء