Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر October 16, 2017
A A A
حنين إلى العهد السوفياتي… وإبراز للتفوق الروسي
الكاتب: رائد جبر - الحياة

«البلاد التي انتصرت على الفاشية وغيرت مسار التاريخ قبل مئة عام»، هكذا برز اسم روسيا أمس، في افتتاح مهرجان الشباب والطلاب العالمي في دورته الـ19 في منتجع سوتشي على البحر الأسود.

والدعوة إلى «التضامن العالمي ضد الإمبريالية» كان الشعار الذي ميز الافتتاح، في احتفال موسيقي – غنائي ضخم طغت عليه المؤثرات الضوئية وذكّر بافتتاح دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي قبل عامين. لكنه تميز بعرض تناول إنجازات روسيا في مجالات العلوم والثقافة والفضاء والرياضة وإنجازاتها على صعيد ترسيخ فكرة «الطفولة السعيدة» التي رعاها الاتحاد السوفياتي لعقود.

عكست الشعارات التي تردّدت خلال حفل الافتتاح الذي تمّ تنظيمه في قصر الجليد «البولشوي» وتعني بالترجمة من الروسية الكبير، حنيناً إلى عهود مضت. ولا يقتصر التذكير بالماضي السوفياتي التليد على الشعارات والتحضيرات الضخمة، لأن بعض فقرات حفل الافتتاح الضخم ذكّر مباشرة بأول مرة استضافت فيها العاصمة السوفياتية شباب العالم، عام 1957 في محاولة نادرة في ذلك الوقت، لكسر الجليد والانفتاح على العالم. احتاجت ثلاثة عقود أخرى كي تتكرّر عام 1985 عندما استقبلت موسكو مرة ثانية مهرجان الشباب العالمي، وقدّمت رؤيتها «الجديدة» في ذلك الوقت إلى عالم متعدد الأقطاب ومنفتح على الحوار.

لكن المسافة بين مهرجان الشباب الـ12 في 1985 والـ19 في هذا العام حملت تغيرات وتقلبات كثيرة، وغدا العالم مختلفاً كما قال امس، مقدّم حفل الافتتاح.

وعلى رغم أن التحضيرات الضخمة برزت من خلال مشاركة نحو 20 ألف شخص من 180 بلداً وفق اللجنة المنظمة، لكن متغيرات السياسة العالمية طغت على الاحتفال الشبابي، وهذا لم يقتصر على الأداء والشعار، بل تعداهما إلى فقرات الاحتفال التي غابت عنها روح «التضامن العالمي» وحلت مكانها فقرات تبرز «التفوق الروسي»، كما أن السياسة ومشكلاتها انعكست في الفقرات، وهو ما أبرزه التركيز على أن «غياب أوكرانيا الشقيقة سببه سياسات أجهزة الاستخبارات الأوكرانية» وفق تبرير عريف حفل الافتتاح.

وحلّت مكان الفقرات المعدّة جيداً في العهود الماضية لإبراز عناصر وحدة وتضامن شباب العالم، آليات التكنولوجيات الحديثة لجهة تأثيرات الضوء والصوت لتطغى على الساحة الضخمة في المنتجع. احتلت التكنولوجيا الحديثة مكان الشعارات الرومانسية القديمة، على رغم فقرة لافتة بدا أنها أعدّت مسرحياً في شكل جيد، لشاب يقتحم المسرح و «يستولي» على المايكرفون ليلطلب يد حبيبته أمام ملايين المشاهدين على الهواء مباشرة، بينما كان مقدّم الحفل يتحدث عن أهمية «المهرجان الذي يؤلّف بين القلوب».

أما ما تبقى من ماضي مهرجانات الشباب، فقد وعد برنامج المهرجان الحافل بتعويضه. إذ يتضمن عروضاً وحفلات وحلقات بحث لمناقشة المشكلات التي يهتم بها شباب العالم المعاصر وعلى رأسها ستة ملفات أساسية هي البيئة والفقر والتعليم والطاقة والعلوم والمعلومات.

«أهلاً بكم في روسيا»، هو الشعار الذي ردّده مقدمو حفل افتتاح مهرجان الشباب، يأتي رداً منطقياً على الحملة الإعلامية الواسعة التي تصدّرت وسائل إعلام حكومية في روسيا خلال الأيام الأخيرة، وكان عنوانها يترجم على لسان مشاركين أجانب «ذاهبون إلى روسيا مع الحب»! عنوان يعكس طغيان السياسة على هموم الشباب.