Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر July 3, 2017
A A A
خريطة التنظيمات الإرهابية في شمال أفريقيا
الكاتب: سبوتنيك

فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني التونسي، أوقفت، فتاة قاطنة بمنطقة أريانة، في ضواحي العاصمة التونسية، بعد اتهامها بنشر صور ومقاطع فيديو على شبكة التواصل الاجتماعي، تحرّض على الإرهاب وتمجد تنظيم “داعش” الإرهابي.

ولو فتشنا في الأخبار طوال الفترة الماضية، والدراسات التي تم عملها للبحث عن جذور وتطلعات الإرهاب في شمال أفريقيا، سنجد مفاجآت لم تكن لتخطر لنا على البال.

فعلى الرغم من وجود تونس في مقدمة الدول التي تموِّن الإرهاب بمخزونه البشري. فللمغرب أيضًا نصيب مهم، بخلاف ليبيا التي تعاني من عشرات التنظيمات والميليشيات المسلحة، والجزائر التي عانت قبل الجميع في عشرية سوداء، راح ضحيتها أكثر من 200 ألف ضحية.

في آذار الماضي أعلنت تقارير أميركية عن احتمال تعرض دول شمال غرب أفريقيا، بما فيها المغرب، إلى اعتداءات مسلحة من طرف جماعات إرهابية تنشط بمنطقة الصحراء شمال مالي.

وتحدث التقرير الصادر عن السفارة الأميركية بمالي عن عمليات إرهابية تستهدف العديد من رعايا الدول الغربية، والهيئات الدبلوماسية التابعة لها بمالي، بالإضافة إلى دول شمال غرب أفريقيا خاصة الجزائر والمغرب.

هذا التهديد بعد إعلان تحالف بين أربع جماعات إرهابية في المنطقة الإقليمية، وهي “المرابطين” بقيادة مختار بلمختار، وحركة “ماسينان”، وجماعة
“كتائب الصحراء” بقيادة جمال عكاشة، وهي الجماعات الإرهابية التي تنشط بمنطقة الصحراء شمال مالي، وتم الإعلان عن تأسيس “جماعة نصرة الإسلام” و”المسلمين” تحت لواء أمير واحد، رجل الطوارق والمعروف باسم “إياد غالي”، وهو المطلوب الأول من طرف القوات الفرنسية.

وهناك أيضا جماعات متشددة جديدة، “أنصار الدين” و”الجهاد والتوحيد”، في مالي حيث برزت الجماعتان عقب المواجهات التي شهدها شمال مالي بين القوات الحكومية وقوات الطوارق المتمردة.

وشهد عام 2009 صعوداً لجماعة بوكو حرام في نيجيريا التي واجهتها قوات الأمن النيجيرية وتمكنت من القبض على زعيمها محمد يوسف وإعدامه في مركز الشرطة دون محاكمة، ولم تنتهِ الجماعة، بل صمدت وتحكم فعلياً جزء من الشمال النيجيري.

وأصبح غرب أفريقيا يضم عدداً من الجماعات الإرهابية التي أعلنت أنها تسير على نفس نهج تنظيم “القاعدة” الذي انتقل مركز ثقله إلى جنوب الصحراء تمهيداً لهجومه على الشمال الأفريقي.

والسؤال الذي يحيِّر هو كيف تطور المتأسلمين العاديين، مثل أتباع الإخوان، والسلفيين، إلى الشكل الحالي من جماعات إرهابية، يتصف عملها بالتنظيم وتستهدف مدنيين، كما تقدم الجماعة من خلال عملها الإرهابي رسالة إلى طرف ثالث ليس الطرف المستهدف من العملية الارهابية.

الجماعات “الإرهابية” أداة رئيسية لتقسيم الشرق الأوسط
تنظيم القاعدة في دول المغرب الكبير، امتداد للجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي انشقت عن الجماعة الإسلامية الجزائرية المسلحة عام 1997 بزعامة حسان حطاب، وجاء هذا الانشقاق اعتراضاً على استهدافها للمدنيين، وتركزت أعمال الجماعة السلفية في البداية على المواقع العسكرية، ولكن منذ عام 2003 وفي أعقاب الاحتلال الأميركي للعراق، تحولت للقيام بأعمال خطف الأجانب إلى جانب ضرب المواقع العسكرية، واتخذت أعمالها أبعادا إقليمية بعد أن أصبح عناصرها يجوبون في الصحراء الكبرى.

وأعلنت في كانون الثاني 2007 انضمامها إلى تنظيم القاعدة وغيرت اسمها إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب.

وبوكو حرام نشأت لمناهضة انتشار التعليم الغربي، ظناً منها أن الحكومة النيجيرية باعتمادها على التعليم والقوانين الغربية وعدم تطبيقها للشريعة الإسلامية في كل ولايات الشمال النيجيرية تتسبب في إلحاق الضرر بآلاف المسلمين الذين يعانون البطالة والأمراض والتهميش الاقتصادي والسياسي.

وعن جماعات شمال مالي، فهناك “أنصار الدين” و”التوحيد والجهاد” وهدفهم تطبيق الشريعة الإسلامية، وطبَّقوا الحدود مثل قطع الأيدي، وهدموا الأضرحة في مدينة تمبكتو التاريخية. كما تقوم الجماعتان بعمليات عسكرية في مواجهة القوات الحكومية حيث جاءت عملياتها في البداية لدعم قوات الطوارق المتمردة.

وبالنسية لليبيا، فهي مستقر لتنظيم الجماعة الليبية المقاتلة، وهو الأقرب لكونه جناح عسكري للإخوان المسلمين، وبها ميليشيات تتبع تنظيمات مستقرها دول أخرى مثل تنظيم داعش، والقاعدة، وتدعم مرور دعم لتنظيمات أخرى مثل أنصار بيت المقدس، والشباب الصومالي، وأنصار الشريعة في تونس وليبيا، وبوكو حرام في نيجيريا.

ومما لا شك فيه أن تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، هدّد بتحويل ليبيا إلى ملاذ للإرهابيين القادمين من سوريا والعراق عبر تركيا إلى ليبيا.

وتشير تقارير أمنية إلى أن عدة آلاف من العناصر الإرهابية ممن ينحدرون من المنطقة المغاربية، يرغبون العودة إلى بلادهم، مما يجعل ليبيا المنطقة الأمثل لعودتهم، خاصة في الجنوب الليبي عبر الأراضي السودانية.

ورغم وجود تنظيم بقسوة وقدرات داعش في الشمال الأفريقي، بعد استقراره في ليبيا، وعمليات متفرقة في تونس والجزائر، لكن يظل تنظيم القاعدة صاحب السطوة الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، فجميع التنظيمات الباقية تعترف به، وتبايعه.

ويوجد التنظيم في المناطق الشمالية للجزائر وفي المناطق الصحراوية في جنوب الجزائر وفي شمال مالي، وشرق موريتانيا وغرب النيجر، وتمثل “القاعدة” في بلاد المغرب الكبير، حالة الانتقال من الجماعة الإرهابية المحلية، إلى التنظيم العابر للحدود.

وقد استفاد في مرحلته الأولى من الخبرة القتالية للجزائريين العائدين من أفغانستان، والتحول في أيديولوجية الجماعة السلفية للدعوة والقتال، من الطابع المحلي إلى الطابع العابر للحدود، حسم بعد تفجير مركز التجارة العالمي، حيث كانت الغلبة داخل التنظيم للجناح المطالب بالتدويل وتوسيع “الجهاد” خارج الجزائر، الذي يقوده نبيل صحراوي وعبد المالك دروكدال.

لا يمكن أن ننكر تغول القاعدة في الشمال الأفريقي، وخاصة بعد أن تجهز ليصبح مقره الرسمي في تلك المنطقة، واستعداده للانطلاق في عمليات عدة، ما جعل المغرب يراقب منطقة الكركرات، المتنازع عليها بينه وبين جبهة البوليساريو، بعد أن أصبحت مقرا لنقل السلاح، وغسيل أموال المخدرات، التي تتكسب من السيطرة على تهريبها مجموعات مسلحة تابعة للتنظيم.