Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر April 15, 2017
A A A
في عين الحلوة.. وانطلق الاستثمار السياسي باعلام «مجوقل»
الكاتب: محمود زيات - الديار

ثمة من يظن ان ما جرى من اشتبكات في مخيم عين الحلوة، على مدى ستة ايام يُظهر وكأن حركة «فتح» خرجت من المعركة مهزومة، امام مجموعات الاسلاميين المتشددين الذين يقيمون علاقات وثيقة مع التنظيمات الارهابية، بعد ان فقدت هيبتها العسكرية التي اكتسبتها على مدى العقود الماضية، ومكانتها كتنظيم شكل وما زال العمود الفقري للفصائل الفلسطينية، فيما الحقيقة مغايرة تماما لهذه النظرة «المفخخة» التي تحمل الكثير من الارتجال والسطحية او «الخلفية الخبيثة» في قراءة ما جرى.

وبرأي اوساط قيادة فلسطينية، فان مناورات عدة مارستها اطراف فلسطينية، فيها الكثير من المراوغة، لاغراق حركة «فتح» في عبء امني وعسكري، وهي مناورات بدأت حين حسمت كافة الفصائل الفلسطينية خيارها لمحاربة مجموعة بدر، ثم لوحظ التراجع واللجوء الى طرح مبادرات ووساطات ومفاوضات تعطي فرصة الوقت للجماعات المتطرفة، وقد سعت هذه الجهات من خلالها الى جعل المعركة وكأنها تدور بين مجموعات محدودة الامكانيات البشرية والتسليحية، وبين العمود الفقري للفصائل الفلسطينية، وهذا ينافي الحقيقة تماما، سيما وان كافة الفصائل تدرك انه لو ارادت حركة «فتح» معالجة التأزم الامني الذي حصل مع مجموعة بدر في الطيري، لكانت اختصرت الطريق وسلكت خيار الحسم العسكري ولوحدها، وهي قادرة على اثبت قدراتها وحزمها ولكنها ليست من دعاة اقصاء احد عن تحمل مسؤولياته تجاه قضية لا تخص فصيل من دون غيره.

وتلفت الاوساط، الى ان بعض الجهات دخل في سوق الاستثمار السياسي لما جرى، ليُفتح «بازار» السباق على تقديم المساعدات «المجوقلة» اعلاميا، فيما بقيت جهات اخرى ومنها حركة «فتح» تتحسس بمعاناة شعبها وتعمل «تحت الطاولة» بعيدا عن بروجكتورات الاعلام، تحسسا منها بابعاد معاناة سكان المخيم، وبخاصة سكان حي الطيري، عن اي نوع من انواع الاستثمار السياسي، وتجزم بان اضعاف حركة «فتح» في مخيم عين الحلوة، اكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، يعني قتل قضية اللاجئين الفلسطينيين بواسطة اجندات وافدة من الخارج، او تجييرها لصالح هذا الطرف الاقليمي او ذاك الجهة الدولية، والدفع بالقوى المتطرفة المتورطة مع التنظيمات الارهابية للسيطرة على المخيم، والا ما معني هذا الحرص على السعي لتمرير ملف امني خطير تمثله الجماعات الارهابية المتحصنة في غير حي داخل مخيم عين الحلوة، وما معنى ان تصف جهات فلسطينية مسلسل بلال بدر الاجرامي والارهابي داخل المخيم وخارجه، بـ «الاخطاء التي ارتكبها مطلوب للعدالة»!، فما حصل مع القوة الامنية حين تعرضت لاطلاق النار، بشكل مدروس ومنظم، وسبقه حركة استنفار واسعة في صفوف الاسلاميين المتطرفين، ليس خطأ يمكن معالجته بالاتصالات والتهدئة، بل هو جريمة ارهابية ترتبط بمسلسل طويل من الاغتيالات والتفجيرات التي شهدها مخيم عين الحلوة، على مدى السنوات العشر الماضية.

حركة «فتح» التي استشعرت بما اسمته «السهام الحاقدة» وحملة تشويه للصورة الحقيقية لما جرى، وجدت نفسها مضطرة لتلفت الى أن اعطاء بعض المهل لأطراف تريد التدخل والوساطة لم يكن نابعاً من ضعف أو تردد، بل حرصاً على المخيم واهله وعلى العمل المشترك بين كافة الفصائل  حفاظا على التماسك الداخلي، في ظل دور ايجابي ادته قيادة الجيش اللبناني والاجهزة الامنية اللبنانية، ما شكل دعامة امنية وسياسية تعزز العلاقات اللبنانية الفلسطينية، لصالح الامن في المخيم ضد الحالات الارهابية، وما جرى من نشر للقوة الامنية المدعومة من قيادة الامن الوطني الفلسطيني، ان القرارات التي اتخذت تم تنفيذها واشتراك الجميع في معالجة هذه التطورات، ليأخذ كل طرف دوره لإنجاح المهمة.

ورأت «فتح» ان هذه الخطوة لم تكن تراجعاً عن تنفيذ القرار، وانما تعزيزا للجهد المطلوب داخلياً، وان حركة فتح كعمود فقري للقيادة الفلسطينية ملتزمة بتنفيذ القرارات لانها تصب في مصلحة شعبنا ومخيمنا وامننا الوطني، وهي تعرف كيف تخوض معركتها الامنية والعسكرية سويا مع الفصائل الفلسطينية  من هنا، رفضت حركة «فتح» اي صيغة للمعالجة تتضمن بندا لوقف اطلاق النار، لانها لا تعترف بوقف قتال العصابات المأجورة ومجموعات القتلة التي تهدد امن المخيم وسكانه، فالمهمة المتَّفق عليها من قبل الجميع هي مواصلة العمل وبكل السبل العسكرية والامنية والسياسية لتفكيك هذه الحالة واعتقال مسؤولها وعناصرها وتسليمهم للعدالة اللبنانية، تمهيدا لاعادة المخيم الى الاستقرار الامني والاجتماعي. واعتبرت ان توجيه السهام الحاقدة والاتهامات نحو قياديي الحركة، بحقائق ومعلومات بعضها مغلوط وبعضها الآخر مفبرك، لتسميم العلاقات الداخلية، وادخالنا في صراعات نحن لسنا بحاجة إليها، والحصيلة جعلوا من حركة فتح الرائدة والعملاقة هدفاً للرجم والطعن والاساءة من خلال إستباحة المحرمات والكرامات، واكدت ان حركة فتح لا تخشى  النقد الايجابي والموضوعي، انما تخشى الجهل والتضليل.