Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر April 14, 2017
A A A
ترحيل الأزمات… مراهقة سياسية
الكاتب: نادين سلام - اللواء

مرّ قطوع الخميس بأقل ضرر ممكن، بعدما توافقت الأطراف على ترحيل الأزمة لشهر، «إفساحاً في المجال للمزيد من التشاور»، وهي خطوة تعتبر أهون الشرور نظراًً للاحتقان الشعبي الرافض للتمديد تحت أية ظروف من جهة، والقوى الداعمة للتمديد مع كل ما لها من قاعدة مستعدة وبجهوزية عالية للتدخل والتصعيد عندما تأتي كلمة السر!

إذاً، جنب رئيس الجمهورية الشارع خضّة هو بغنى عنها، يعلم الجميع شرارتها من أين تبدأ وليس أين تنتهي، علما ان كل القوى قد التزمت التوصل الى توافق على قانون قبل انقضاء مهلة الشهر… وهو تصريح مريح من جهة تحمّل الجميع مسؤولياته الوطنية مع تقديم التنازلات الضرورية للوصول الى قانون عادل يرضي الأطراف، ولو بالحدود الدنيا، بما انه من المستحيل ارضاء كل القوى بشكل واحد، وهو مقلق ومخيب من جهة أخرى، لأنه يعني ان إمكانية التوافق كانت موجودة، وقد تم التسويف ليحاول كل فريق تحصيل أكبر قدر من المكاسب السياسية من خلال القانون المزمع إخراجه!

وما هي المتغيّرات التي ستحتم التوافق اليوم في اقل من شهر والتي كانت غائبة في السابق على مدى أعوام طويلة؟
ان تصعيد المواجهة الدولية في الأزمة السورية، ومرور العلاقات الأميركية – الروسية بنكسة جراء التدخل العسكري الأميركي بشكل مباشر، بعد مجزرة خان شيخون الكيمياوية، يعيدان خلط الأوراق ويرفعان وتيرة التوتر في المنطقة عموما، وعلى الحدود اللبنانية خصوصا، وبالتالي كلما كان الاحتواء الداخلي للأزمات سريعاً، كلما توفرت قدرة أفضل على المواجهة، وزادت فرص الحوار الداخلي لتجنيب البلاد والعباد مغامرات باتت تفوق قدرة الوطن الصغير على التحمّل.

إن فتح جبهة مخيم عين الحلوة على الرغم من انحساره في بقعة جغرافية معينة ومسارعة القوى الفلسطينية إلى معالجته حتى لا يتفلت وينشر الفوضى في مخيمات اخرى، الا انه أعاد صوراً مؤلمة جاءت في توقيتها متزامنة مع ذكرى الحرب الأهلية لينكأ جراح سنين معاناة طويلة عاشها اللبنانيون ودفعوا ثمنها غالياً من الأرواح والارزاق، والأهم من التطور والنمو الذي أبقى الدولة اللبنانية ومؤسساتها اسيرة التخلف، ولقمة سائغة للمفسدين، وضحية سهلة لكل من تسوّل له نفسه التطاول على القانون والدستور وحتى الشرعية! ان الصور التي نقلت من داخل مخيم عين الحلوة اثناء تغطية الاشتباكات إنما تدق ناقوس الخطر، ليس فقط يعني واقع المخيمات الحالي والذي عجزت الدولة عبر عقود من معالجته ليوافي الشروط الانسانية للحد الأدنى من العيش المقبول وليس الكريم، كما يحصل مع سائر اللاجئين في الدول المتحضرة، بل هو يفتح الباب امام مستقبل أشد ظلمة في ما يتعلق باللاجئين السوريين اذا لم تتم معالجة ازمتهم بالوعي والجدية المطلوبة، وليس فقط عبر المناشدات وصرخات الاستغاثة.

مع كل هذه الاستحقاقات الإقليمية والمحلية، يبقى قانون الانتخاب جسر العبور الآمن لمؤسسات الدولة حتى تقوم بالأعباء الكثيرة الملقاة على عاتقها وتواجه التحديات المتزايدة… مفهوم انه بالنسبة للأكثرية من القوى الحالية هو الغاية وليس الوسيلة فقط، الا ان وضع اليد على وطن مدمّر ودولة فاقدة الأهلية ومسلوبة الإرادة إنما هو خسارة للجميع بكل المقاييس، تماما كالانتحار الجماعي!

أما حان الوقت لتوضيح الأولويات قبل فوات الأوان، حيث لن يسعف بعدها مهل ولا استمهال؟!!