Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر April 12, 2017
A A A
اغتصاب ما تبقى للمسيحيين في العراق
الكاتب: سبوتنيك

بعد التهجير القسري وتدمير التاريخ والآثار الشامخة منذ آلاف السنين، على يد داعش، يواجه المسيحيون في العراق اغتصاب ما تبقى لهم من أثر ووجود إضافة إلى معاناتهم التي يكشفها الأمين العام للحركة الديمقراطية الآشورية، النائب في البرلمان العراقي، يونادم كنا، في حوار أجرته “سبوتنيك” معه امس الثلاثاء عن أحوال المكون ومستقبله في البلاد.

يقول كنا: “أوضاع المسيحيين هي جزء من الأوضاع العامة في البلاد أولاً، ولكنها أسوء بكثير فيما يخص سهل نينوى والموصل “مركز نينوى شمال العراق” وما تتعرض له عقارات أبناء المكون في بغداد، والبصرة من نهب وسلب في غياب وضعف سلطة القانون..أوضاع لا يحسد عليها، صعبة جدا وبانتظار بصيص أمل بانتهاء وجود تنظيم داعش الإرهابي، واحتواء الأوضاع الأمنية وعودة الأمن والاستقرار في البلد، ونتمنى أن تكون هناك صفحة جديدة ما بعد التنظيم الإرهابي، ويعود أهل سهل نينوى بعد الترميم لما يعانيه السهل من دمار لدرجة أنه لم تعد إليه أي عائلة حتى الآن”.

التهجير القسري وتدمير التاريخ والأثار الشامخة منذ آلاف السنين

ولعدم ترميم مناطق وبلدات سهل نينوى، لا يتوقع كنا أن تعود العائلات قبل عام من الآن بسبب الأوضاع الصعبة المأساوية الكارثية. فالبرلمان العراقي صوت على كون هذه المناطق منكوبة لكن مقابل هذا الشيء لم تلق الاهتمام الكافي لا من الحكومة العراقية ولا من الأمم المتحدة، المنطقة لازالت تفتقر إلى الكهرباء والماء، بالإضافة إلى وقوعها تحت ظل صراع بغداد وأربيل “عاصمة إقليم كردستان” تحت ذريعة المناطق المتنازع عليها دستورياً، وغيرها من العوامل التي يؤسف لها لم تعالج حتى الآن.

وأتهم كنا  جهات مسلحة ومافيات بسرقة واغتصاب أملاك المسيحيين في بغداد والبصرة، أما بالتحايل على القانون أو بالسطو المسلح من قبل جماعات مسلحة لها باع في البلاد، مشيرا ً إلى أن التجاوزات على الأملاك ليس فقط على التي تعود للمسيحيين، إنما أيضا ً على عقارات المهاجرين والمهجرين المسلمين وكانت بنحو 23 ألف تجاوز -أعيدت أغلبها لمالكيها، أما ما يخص أبناء المكون المسيحي حتى الساعة هناك عشرات القضايا عالقة “تحايل على القانون وقرارات غيابية وتمليك الدور أو التزوير- تزوير وثائق العقارات من قبل مافيات الدور، أو بغياب وضعف سلطة القانون، ذاكرا ً سنوات بدء اغتصاب الممتلكات، منذ الصراع الطائفي قبل 2007، وحتى عام 2009.

وكشف كنا، تقدمنا إلى جهات عدة منها مجلس القضاء ورئاسة الوزراء وكل الإجراءات التي حصلت من طرفنا، ولم يتم معالجة الموضوع جذريا وهناك بعض التعليمات من وزارة العدل ومجلس الوزراء تسعى للحد من هذه الظاهرة لكن حتى الساعة هناك عقبات لأن هذه الإجراءات أثرت سلبا على ممتلكات المسيحيين، كونها رخصت من أثمانها “أقيامها” عند البيع.

وعن هجرة أبناء المكون المسيحي من العراق، نوه كنا، حسب الإحصاء منذ عام 1987 وحتى الآن من غادر العراق ليس اقل من 700 ألف إنسان في خلال 30 سنة الماضية، وعلى يد داعش ربما من هرب وهجر فالعدد بطبيعة الحال أكثر من 200 ألف إنسان لكنهم لم يهاجروا جميعا ً، هاجر ما يقارب 25% منهم، ربما (50-60) ألف إنسان هاجروا من مناطق سهل نينوى والموصل.

ولفت كنا إلى مواطنين مسيحيين كانوا محتجزين عند تنظيم داعش منذ منتصف عام 2014 أثناء سيطرته على نينوى ومركزها الموصل، وهناك لا تزال عشرات العائلات في المدينة التي فيها عدد تقريبي أكثر من 130 إنسان مسيحي منهم من تتوفر معلوماتهم، وهناك من لا توجد تفاصيل عنهم وأسمائهم. وتطرق كنا، إلى ضعف الرعاية الحكومية للنازحين المسيحيين -نتيجة الحرب وانخفاض أسعار النفط، لم تستطع الحكومة أن تقم بمهامها  كما يجب من حيث الرعاية والإغاثة وما شابه ذلك، هناك بعض المجمعات التي وصفها بـ”البائسة”- دار لا تتجاوز مساحته الـ27 متر مربع، تعيش فيه عائلة من سبعة أشخاص. وأضاف كنا، استطعنا بجهودنا مع المسؤولين في بغداد، أن نبني مجمعا سكنيا ً فقط لـ150 عائلة مسيحية، أما المجمعات الكبيرة فهي في أربيل ودهوك “مدن إقليم كردستان” وهناك آلاف العائلات ليست في مجمعات الدولة وإنما منتشرة في بعض القرى المسيحية التي احتوتها، وآلاف العائلات تعاني من مبالغ الإيجارات، كانت تتوقع أنها لن تطول في النزوح، لكن الأزمة طالت، وصرف النازحون كل ما لديهم من مقتنيات وأموال، والآن وضعهم مزري.

وأعلن كنا، عن دعم تلقاه النازحين المسيحيين، من الكنائس الأوروبية، ومنظمات المجتمع مدني، ولولاها لكانت أوضاعهم كارثية بالتأكيد، لكن هذا الدعم الذي أنقذهم في ظل غياب الرعاية من الدولة. وتابع، العديد من الكنائس الأوروبية ساعدت من خلال الكنائس العراقية، وتمت تغطية تكاليف المعيشة للنازحين واقدر أن أقول هناك المئات من العائلات سعت إلى أن تكون منتجة وأبنائها يعملون في بعض المصالح في أربيل ودهوك وبغداد.

وبشأن ما دمره تنظيم داعش من تاريخ وكنائس، لفت كنا، إلى  أكثر من 60 كنيسة أما دمرت أو تضررت نتيجة الحرق وقلع الشبابيك وإلى أخره، وهكذا حصل مع الأديرة والأثار الآشورية في الموصل وسهل نينوى، أما المساكن من (تسعة آلاف) في بغديدا قرة قوش “بلدة سريانية تقع على بعد نحو 32 كم جنوب شرق مركز نينوى”، مثلا ً أكثر من (2000) مسكن غير قابل للسكن احرق ودمر، وأكثر من 30-40 % من المناطق مثلاً باطنايا “بلدة تقع في محافظة نينوى شمال غرب العراق، تبعد 14 ميل عن مدينة الموصل”، مدمرة لا تصلح للسكن بنسبة 80 بالمائة، وهناك بعض المناطق 15- 20 %.
وحسبما أكمل كنا، للأسف ليس داعش فقط من دمر، وإنما من بايع التنظيم الإرهابي، قام بالسرقة واحراق البيوت، وبقيت عصابات سرقة. لدينا معلومات من قام بهذه الانتهاكات، وعن من دمر الآثار ونتمنى من الأمن العراقي والأجهزة العراقية المختصة أن تقتص منهم قضائيا ً، لكن حتى الآن من بايع داعش، طلقاء بيننا بعدما حلقوا لحاهم.

وبشأن مصير سهل نينوى أحد المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 من الدستور، بين بغداد وإقليم كردستان الذي تحرك نحو إجراء استفتاء الانفصال، وما إذا سيتم ذلك، نبه كنا إلى أن هذه المنطقة منكوبة، بقرار من مجلس النواب، الدستور يقول أن تعود وأن تستقر وتعيش بكرامة وقد يحتاج ذلك إلى أعوام أما أن يفرض علينا اليوم استفتاء فهذا إجحاف بحق هذه المكونات وبالتأكيد لن تكن له شرعية ولن يتم قبوله بتاتا من قبل أبناء المنطقة.

وأوضح كنا، أن قرار سهل نينوى هو أن يكون محافظة للمكونات الموجودة على الأرض، من كل مكونات الشعب العراقي الحالية التي هي “عربية ومسيحية ومسلمة وايزيدية وشبك وتركمان”، ولمجلس الوزراء القرار 16 للجلسة 3 لعام 2014، بالموافقة المبدئية على استحداث محافظة سهل نينوى وليس إقليم.

وفي ختامه حديثه، أخبرنا الأمين العام للحركة الديمقراطية الآشورية، النائب في البرلمان العراقي، حتى الساعة منذ شهر تشرين الأول العام الماضي، مرت خمسة أشهر على التحرير ولا يوجد أي جهد ملموس من قبل الحكومة،  بالتأكيد طالبنا بجهد دولي ومن الأمم المتحدة أن يكون لها دور، ومنظمات المجتمع المدني وإلى الدولة وصندوق إعمار العراق، وهذا ليس شيء بسيط لابد أن يكون لنا بلدات معمرة صالحة للسكن ثانية، أما المطالبة بحماية دولية إذا لم نقل حماية فعلى الأقل مراقبة السلام في المنطقة بقرار دولي، لا نحتاج إلى قوات أجنبية لتحمينا، لدينا قوات محلية من أبناء المنطقة كافية وقادرة على الحماية وفرض الأمن، لكن بقرار دولي لتراقب هذه المنطقة ولا تكون مستباحة لصراعات بغداد وأربيل ولا أن تستبعد.