Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 13, 2017
A A A
الثيران المجنحة صارت حطاما.. ظلام في متحف الموصل
الكاتب: نقلاً عن النهار

يمكن دخول متحف الموصل هذه الايام من خلال فجوة عند قاعدة المبنى، بعدما تعرض للتدمير والسرقة على يد عناصر تنظيم “الدولة الاسلامية” الذين سيطروا على المدينة في حزيران 2014.

يخيم ظلام في الداخل، ويتراكم الحطام، خصوصا من بقايا الثيران الآشورية المجنحة التي دمرها الجهاديون وحولوها ركاما. الثلاثاء الماضي، اعلنت القوات العراقية استعادة مبنى المتحف خلال التقدم في الجانب الغربي من المدينة، في اطار عملية عسكرية لطرد الجهاديين من الموصل في شمال البلاد. وتشكل استعادة المتحف انتصارا رمزيا.

وكان التنظيم نشر فيديو في شباط 2015 يظهر مجموعة من مقاتليه وهم يهاجمون محتويات المتحف التي لا تقدر بثمن، ويحطمونها بواسطة آلات حفر ومعاول. وبات المتحف اليوم مدمرا في شكل كامل، ولم يسلم شيئا من محتوياته.

mosul_406047_large

داخل القاعة المظلمة، تراكمت اكوام من الحجارة في الموقع الذي كان السياح يعبرون فيه عن اعجابهم بتماثلين للثور الآشوري المجنح ذات الوجه البشري. وقالت ليلى صالح، المسؤولة عن المباني الاثرية في الموصل، ان التمثالين كانا بارتفاع مترين، ويزنان اكثر من 4 اطنان.

وبين الانقاض، تبدو بقايا ارجل واجنحة وقطع اثرية محطمة تحمل نقوشا وحروف الابجدية المسمارية. ووسط الركام، هناك فجوة تؤدي الى الطبقة السفلية، حيث تظهر قضبان حديدية بارزة من اساسات المبنى.

من حين الى آخر، يهتز المبنى ويتطاير الغبار في داخله عندما تطلق القوات العراقية صواريخ على مواقع تنظيم “الدولة الاسلامية.” في الطبقة الاولى، يختبىء قناصة خلف نافذة صغيرة يحاولون تتبع مسلحي التنظيم على مسافة قريبة.

كانت مملكة آشور، وعاصمتها نينوى، الموصل في الوقت الحاضر، في شمال بلاد ما بين النهرين، احدى اقوى الامبراطوريات في الشرق الاوسط القديم. ويتضمن الفن الآشوري عرض مشاهد حربية.

“دمرت في مكانها”
الى جانب الثورين المجنحين، هناك ايضا اسد مجنح بابعاد مماثلة، على ما ذكرت صالح. وقالت ان التماثيل الثلاثة المفقودة كانت بين القطع الاكثر قيمة في المتحف، مشيرة الى ان المتحف كان يضم 100 قطعة، لكن ستا فقط منها اصلية. واضافت: “الآثار التي تزن اكثر من 4 اطنان كان يستحيل سرقتها، لذلك تم تدميرها في مكانها”.

والمتحف هو الثاني من حيث الاهمية في العراق. وكان يضم قطعا اثرية من الحقبة الهيلينية التي تعود الى قرون عدة قبل المسيحية. لكن الرفوف الحديدية والخشبية باتت فارغة، ويغطيها زجاج مهشم.

ولا تزال اللوائح المكتوبة بالعربية والانكليزية ملقاة على الارض، تشهد للخسائر التي لا تقدر بثمن. وكتبت على احدها عبارة: “كاسان فضيان عثر عليها في المقبرة الملكية في اور تعود الى 2600 عام قبل الميلاد”. وكتب على اخرى: “قطع صغيرة متنوعة عثر عليها في القصور الملكية في نمرود تعود الى القرن التاسع قبل الميلاد”. وتتحدث اخرى عن قطع من الفخار والرخام والمرمر واقراص صنعت ابان عهود الممالك وشمعة مزينة بزخارف نباتية.

واستولى الجهاديون على مواقع في المدينة القديمة خلال الهجوم الواسع الذي سيطروا خلاله على مساحات كبيرة في العراق وسوريا في حزيران 2014. وبعد اعلان اقامة دولة “الخلافة” صيف 2014، دمروا عددا كبيرا من المواقع الاثرية في كلا البلدين.

ويزعم التنظيم ان تدمير الآثار فريضة دينية لانها اوثان. لكن هذه الادعاءات لم تمنعه من المتاجرة بقطع اثرية في السوق السوداء. وفي احد شرائط الفيديو التي نشروها، استخدموا جرافات ومعاول ومتفجرات لتدمير موقع نمرود، درة الحضارة الآشورية التي تأسست في القرن 13 قبل الميلاد. ولم ينج في متحف الموصل سوى نعشين مزينين بآيات قرآنية. وختمت صالح قائلة: “اعادة الترميم ممكنة. لكن من الصعب معرفة ما اذا سنجد كل القطع”.
*

أ ف ب