يقول أهل إهدن إنها الجنة على الأرض، والبعض يطلق عليها لقب الفردوس، والبعض الآخر يسميها عروس المصايف. وزوارها يرونها الأجمل والأغنى بالتنوع السياحي والبيئي. انها اهدن التي تحضن ثاني اكبر محمية في لبنان هي محمية حرج اهدن او اللوحة الجمالية التي خطتها يد الخالق بدقة وتمايز والتي تحتفل اليوم بمرور ربع قرن على انشائها ( القانون رقم 121 تاريخ 9 اذار 1992) ، فاتحة ابوابها للزوار الذين يتوافدون من كل المناطق اللبنانية ومن دول العالم للتعرف على المساحة الاكثر تنوعا بيئيا في لبنان .
تقع المحمية في المنحدرات الشمالية الغربية لسلسلة جبال لبنان الغربية ويزهر فيها العديد من النباتات النادرة والمستوطنة. وتقع، بمحاذاة أشجار الأرز، غابة تجمع بين العرعر والتنوب إضافة إلى المجموعة الأخيرة المحميّة في البلاد من شجر التفاح البري. وإذا ما نظر أحد الزائرين من أحد المرتفعات الساكنة عبر الغابة، قد يحالفه الحظ برؤية أحد النسور الإمبراطورية (Imperial) أو عقاب مسيرة كبرى (Bonelli) أو أحد الذئاب أو القطط البريّة.
إن محمية حرج إهدن الطبيعية غنية بالتنوّع البيئي. وقد تمّ حتى الآن إحصاء حوالي 1,058 صنفاً من النبات في المحمية، أي 40% تقريباً من أصناف النباتات في لبنان.، علماً أن المحمية تمثّل أقلّ من 0.1 % من المساحة الإجمالية للبنان.

وتضم المحمية تنوعا في الاشجار حيث هناك:
– أرز لبنان، تمثّل مجموعة غابة الأرز في حرج إهدن 20% من غابات الأرز المتبقية في لبنان، مما يجعلها ذات أهمية على الصعيد الوطني.

– شوح قليقيا: تشكّل مجموعة غابة الشوح في المحمية الحدود الجنوبية الطبيعية لهذا الصنف .

– التفاح البري: تحمي المحمية المجموعة الأخيرة المتبقية من شجر التفاح البري المستوطن في لبنان .

– اللزاب: تشكّل مجموعة غابة اللزاب خزاناً جينياً لمشاريع إعادة التحريج على إرتفاعات أعلى .

كما تمّ إحصاء حوالي 300 صنف من الفطريات يأخذ بعضها شكل فطر ملون. تعيش الفطريات بالتكافل مع الأشجار وتمدّها بالمواد المغذية الهامة وهي ضرورية للحفاظ على نظام بيئي صحي في الغابة.

شوهد أكثر من 27 نوعاّ من الثدييات في المحمية وهي تمثل ثلث الثدييات في لبنان. إن عشرة من هذه الأصناف هي نادرة الوجود أو مهدّدة: الأرنب البرّي، فأر الحقول، الغرير الأوراسي، القنفذ، الشيهم، السنجاب، الضبع المخطط، إبن عرس، القط البري، الذئب

وتتميز المحمية بغناها بالطيور فهناك:

– النسر الإمبراطوري: تم إحصاء 156 صنفاً من الطيور في المحمية، وهي تمثل حوالي 40% من الطيور في لبنان. ومن ضمن أصناف الطيور المقيمة أو العابرة في المحمية ما هو مهدّد على الصعيدين العالمي والمحلّي.

– عقاب مسيرة كبرى: هو صنف مهدّد. يزور هذا النسر المتوسّط الحجم والبالغ باع جناحه 150 – 180 سم حرج إهدن بين الحين والآخر، ويقتات بالأرانب والسناجب والقوارض وسائر الطيور والزواحف التي يلتقطها على الأرض كما في الجو.

– القرقف: يقوم العصفور الأزرق الصغير بلونيه الأصفر والأزرق بزيارة المحمية صيفاً للتوالد. وفي الواقع، تمّ تسجيل أول توالد للعصفور الأزرق في لبنان في حرج إهدن. هو يعيش عامة في الغابات ويعشعش في ثقوب الأشجار.

واللافت أيضا الفسحات بين الأشجار، هي جنة ممتلئة بأكثر من 500 نوع من النباتات المزهرة والنادرة، ما جعل المكان محط أنظار علماء النبات، حتى إن الأبحاث الأخيرة أدت إلى اكتشاف أنواع من الأزهار برية غير موجودة في أي مكان آخر في العالم، وقد أطلقت عليها أسماء عصرية مثل: «مخلب عقاب إهدن، قرنفلة يوسف بك كرم، زعفران الرئيس سليمان فرنجية». وثمة احتمال كبير لاكتشاف نباتات جديدة ما يضفي على الحرش قيمة لا تقدر بثمن.

ويعتبر علماء الطبيعة أن حرج إهدن مورد علمي وثقافي وجمالي وسياحي فريد. وهو تراث ومتحف طبيعي وطني لا مثيل له، حيث ما زالت تعيش مختلف كائنات الغابات الغابرة المستوطنة، والتي تضم بعض أندر المخلوقات المتأقلمة في بيئة جبلية مرتفعة. لذلك هو بمثابة كنز دفين للبنان وللمنطقة، لأنه يختزن معلومات علمية فائقة الاهمية حول أنواع الحياة البرية في الغابة الاصلية، وحول علم اجتماع النبات ودينامية علاقات الكائنات وتطور النظم الطبيعية.
وحرج إهدن مخزن وطني طبيعي لبذور مئات الأنواع من النباتات البرية التي ما برحت تجمع وتؤصل معلومات وراثية نادرة منذ ملايين السنين.

<

►

>