Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر May 3, 2016
A A A
اسرائيل خسرت معركة «السيادة» على الجولان
الكاتب: محمود زيات - الديار

وصل الغباء السياسي لدى قادة الكيان الاسرائيلي، الى القول بان «سوريا احتلت هضبة الجولان… ونحن حرَّرناها… ولا جدال في ذلك»، وقد جاءت هذه «النظرية» ـ البدعة، التي تعاكس الوقائع التاريخية ومشهد الصراع العربي ـ الاسرائيلي وحقائقه، فيما الاسرائيليون امام مخاوف تتحدث عن ان جبهتهم العسكرية في الشمال، اصبحت اكثر تعقيدا، بعد ان رأوا ان الدور المتنامي لـ «حزب الله» في الجولان، وامتداد النفوذ الايراني منذ الدخول العسكري الروسي الى سوريا، جعل من جبهتي جنوب لبنان والجولان السوري، جبهة واحدة، وسط قناعة لديهم بان «حزب الله» قادر على تحريك جبهة الجولان ساعة يشاء، وفق ما يذكر محللون عسكريون.
وفي السياق، يبقى الحلم الاسرائيلي بضم الجولان السوري المحتل منذ حرب حزيران العام 1967، والمتكسر امام جملة من العوامل والظروف، طاغياً على المشهد الاسرائيلي، ووصل صداه الى اروقة الامم المتحدة، فبعد ساعات على تأكيد الامم المتحدة على الهوية السورية لهضبة الجولان السوري المحتل، تصاعدت الحملة الاسرائيلية الساخرة على مطالبة رئيس حكومة العدو بالاعتراف بـ«السيادة» الاسرائيلية عليها، وبانها «ستبقى في يد اسرائيل الى الابد».
ـ التعويض عن الخيبات ـ
ويرى محللون اسرائيليون، ان النشوة الحكومية التي تم التعبير عنها على ارض الجولان السوري الذي تحتله اسرائيل، ما كانت لتتم لولا فقدان الامل بتحقيق خطوات داخل سوريا، من شأنها ان تحفظ المصالح الاكثر حيوية لاسرائيل، فاسرائيل التي راهنت على انتصار ما سُمّي «الاعتدال العربي» في معركتها ضد نظام الرئيس الاسد، ما كانت لتتحرك لتضمن مكتسبات من الحرب الدائرة في سوريا، لولا انهيار الحلم الاسرائيلي باسقاط الاسد، بعد مراهنة اسرائيلية على وصول «الحلفاء الجدد» الى الحكم، برعاية «الاعتدال العربي»! اصطدمت بانتصارات عسكرية للنظام السوري، بدعم روسي وايراني ومن «حزب الله»، الامر الذي دفع باسرائيل باتجاه تلقف الحرب السعودية التي تخوضها ضد اعداء اسرائيل الممثلين بسوريا وايران و«حزب الله»، وان نتنياهو في «مسرحية الجولان» التي صنعها، اراد ان يُفهم العالم انه يضرب بعرض الحائط كل القرارات الصادرة عن الامم المتحدة، وهو اخطأ حين ظن ان بامكانه التعويض عن الخيبات التي لحقت بحكومته.
ـ اسرائيل خسرت المعركة ـ
ويقول الكاتب في صحيفة «معاريف» الصهيونية ران ادليست ان ما عرضه نتنياهو غبي، وان بدائل تل ابيب هي بين السيء والاسوأ، ولفت الى انه منذ بدء المعارك في سوريا، ومصلحة الحكومة الاسرائيلية هي أن تستخرج من مستنقع الدماء في سوريا اعترافا بـ «سيادة» لاسرائيل على الجولان، ولكن ليس لهذه الرغبة أي أمل او فرصة، وكأن المعارك في سوريا ستسمح لاسرائيل بحيازة الجولان. المشكلة هي أن الحكومة انجرت وراءهم ووراء نتنياهو، وحتى النائب (في الكنيست الاسرائيلي) مايكل اورن قفز فجأة مع مفهوم خاص به.. «ضم الجولان هو الحل للازمة السورية وللاتفاق مع ايران، وأنا اتساءل ما العلاقة؟ اعود واقرأ اقواله واتساءل كيف تعمل هذه المحرّكات في رأس اورن، ولمَ نشكو من اورن، ورئيس الوزراء لدينا يقول لجون كيري «لن نعارض تسوية سياسية في سوريا شريطة الا تأتي على حساب أمن «اسرائيل»… بل يقول أيضاً: «حان الوقت لان تعترف الاسرة الدولية بالواقع وبالاساس بحقيقتين اساسيتين: الاولى، بغض النظر عن المتواجد خلف الحدود، فالخط نفسه لن يتغير. والثانية، حان الوقت، بعد خمسين سنة، لان تعترف الاسرة الدولية اخيرا بان الجولان سيبقى الى الابد تحت سيادة اسرائيل»!؟
ويعتبر ان الاشارة الاكثر غباء وهزلية هي التي قدمها احد الوزراء خلال جلسة الحكومة في الجولان، عندما قال: «سوريا احتلت هضبة الجولان ونحن حررناها، لا جدال في ذلك و(الرئيس السوري بشار) الاسد يمكنه أن يقول ما يريد». ويسأل «حررناها ممن؟ الهضبة لم تكن حتى في خريطة التقسيم قبل قيام «الدولة» الاسرائيلية. وقال بسخرية… واضح تماما بان كل دولة او منظمة تجلس على مدخل القنيطرة ستطالب بالهضبة، والعالم سيستجيب لها! خيارات اسرائيل هي بين أمر سيء وآخر اسوأ، وعلى أية حال ليس لحكومة اسرائيل أية سيطرة على ما يجري هناك (في سوريا)..فمشهد الجولان الذي حاول رئيس الحكومة الاسرائيلية تسويقه في الامم المتحدة سقط.. وخسرت اسرائيل معركة «سيادتها» على الجولان.
ـ غرفة عمليات اسرائيلية حديثة
لمراقبة الحدود مع الجولان وجنوب لبنان ـ
وبتسريب منظم، تناقلت وسائل اعلام صهيونية، مشاهد من داخل غرفة عمليات جيش الاحتلال الاسرائيلي، التي تعمل على مدار الساعة لمراقبة خط الحدود مع لبنان وسوريا وقطاع غزة في فلسطين وسيناء المصرية، تناولت المهام الاستخباراتية التي ينفذها الجيش الاسرائيلي، في جمع المعلومات عن تلك المناطق، بوسائل الكترونية وكاميرات مراقبة متطورة، واحتلت الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة المتاخمة للجولان السوري وجنوب لبنان، حيزا واسعا من المشاهد، للدلالة على قدرة الاسرائيليين على رصد اية محاولة للتسلل.
ونقل موقع صحيفة «يديعوت احرونوت» الصهيونية، ونقلا عن ضابط في غرفة العمليات، ان الفترة المقبلة ستشهد المزيد من التطوير في عمليات مراقبة الحدود، وان غرفة العمليات التي تكتظ بشاشات المراقبة ستتيح للجيش الاسرائيلي رصد عشرات الاهداف في آن واحد، وان اساليب المراقبة الحديثة اتاحت صورة اكثر وضوحا لما يحدث على الحدود، وان المشاهد التي تصل غرفة العمليات تتميز بجودة فائقة، وان كبسة زر واحدة تأخذ الضباط الاسرائيليين القابعين امام الشاشات، الى ساحة ومنها الى اخرى، وهذا الامر ربما يسهم في منع خطر كبير للغاية، واشار الى ان تلك الغرفة مسؤولة عن الاغتيالات التي نفذتها مقاتلات إسرائيلية، واستهدفت ضباط «حزب الله»، والحرس الثوري الإيراني مطلع العام الماضي، وغيرها من العمليات الأخرى، وأن المشكلة بالنسبة للجولان على سبيل المثال، هي أن الأهداف التي يتم رصدها تكون مجهولة في الغالب، على خلاف الوضع على الحدود مع لبنان وقطاع غزة، ويجد ضباط إسرائيليون يتولون مهام المراقبة صعوبة في تحديد هوية بعض الأهداف التي تتحرك على مقربة من الجولان، وتضع غرفة العمليات المشار إليها في المقام الأول منع عمليات التسلل عبر الجولان، أو إطلاق صواريخ من الجانب الآخر من الهضبة، وتوفر إنذارا استخباراتيا مبكرا، فيما تقوم المقاتلات أو المدفعية بإحباط تلك المحاولات، وذكرت أن المعلومات التي وفرتها تلك الوسيلة كانت سببا وراء قصف عشرات الأهداف في الجانب السوري من الحدود، طوال السنوات الثلاث الماضية، ولكن المستوى الرسمي في إسرائيل يحرص على عدم الحديث عن تلك المهام.
وزود الضباط الاسرائيليون العاملون في غرفة العمليات، وفي محاولة منهم لتسويق مدى قدرة الرصد لما يجري من الجانب المحرر من الجولان، موقع «يديعوت احرونوت» بفيلم فيديو مأخوذ من تصوير طائرة من دون طيار، زعموا انه لاحد المواقع العسكرية في القنيطرة في الجولان المحرر، التقطت عبر طائرات من دون طيار، وبدا أشخاص يتحركون بالموقع، فيما ركزت الصورة على مدفع ميداني ، وظهر في الفيديو أيضا دراجة نارية، قالوا انها استهدفت لاحقا، اضافة الى خلية مجهولة تقوم بزرع عبوة ناسفة وشاحنات تتحرك في الجولان قبل ان يتم استهدافها.
ويأتي هذا الاهتمام الاستخباراتي لقوات الاحتلال على جبهة الجولان، في وقت تحدثت تقارير امنية داخل الكيان الاسرائيلي، عن تحركات داخل منطقة الجولان السوري، من شأنها ان تحقق طموح طهران و«حزب الله» لفتح جبهة جديدة ضد اسرائيل، انطلاقا من الجولان، في ظل تصاعد المخاوف الاسرائيلية من ترسُّخ اقدام ايران من خلال «حزب الله» في الجولان، تحت غطاء عسكري روسي، فضلا عن مؤشرات تدل على ان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني زار الجولان مرات عدة، ووصل الى مسافة لا تزيد عن الكيلو متر الواحد من المنطقة التي تسيطر عليها اسرائيل في الجولان السوري المحتل، فضلا عن تحركات لـ «حزب الله» الذي استهدفت مجموعة من كوادره العسكرية منذ اكثر من عام، كانت تعمل في منطقة الجولان.