Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر February 26, 2017
A A A
يلجآن إلى أوراق القوة الاحتياطية لديهما
الكاتب: ابراهيم بيرم - النهار

فريقا التنازع على قانون الانتخاب يلجآن إلى أوراق القوة الاحتياطية لديهما
*

في معرض تفسيره لأبعادها المضمرة والمعلنة على السواء، يعتبر عضو “تكتل التغيير والاصلاح” وموفده الدائم الى كل الورش واللجان المولجة التداول في مشاريع قوانين الانتخاب النائب الان عون في اتصال مع “النهار” امس، ان الرسالة التي يعتزم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توجيهها قريبا الى مجلس النواب بغية حضّه على اقرار قانون جديد للانتخاب، هي “خطوة ضرورية تندرج في اطار صلاحيات الرئاسة الاولى، وتهدف في العمق الى أمرين: اولهما تذكير مجلس النواب بمسؤولياته الوطنية والتي هي جزء اساسي من دوره، والثاني وضع الجميع من دون استثناء امام مسؤولياتهم في ما يتصل بشأن وطني عام ترتكز عليه عملية تأسيسية في الحياة السياسية”.
وعلى رغم هذا التوصيف الذي ينطوي على ديبلوماسية واضحة لهذه الخطوة التي وُضعت قيد التداول الاعلامي خلال الساعات القليلة الماضية، الا ان ثمة متابعين يصرّون على اسقاطها في سياق اللجوء الى استخدام اوراق القوة الاحتياطية التي هي في حوزة الجميع، بين فريق يضغط بكل قوة لاقرار قانون جديد للانتخابات، معتبرا ذلك مدخلاً تأسيسياً لمرحلة التغيير والتحول الفعلي في المشهد السياسي وفي المعادلات داخل المجلس النيابي، وبين فريق لا يزال يضع العراقيل امام بلوغ هذه المرحلة ويبذل جهوداً كبرى لابقاء القديم على قدمه بهدف مضمر هو ضمان اعادة انتاج التوازنات النيابية التي برزت في آخر انتخابات، او على الاقل الحؤول دون حصول مفاجآت غير محسوبة اذا ما حصل وأُقر قانون جديد.
قبل اقل من ثلاثة اشهر على الموعد المبدئي المضروب لتوجه الناخبين الى صناديق الاقتراع في ايار المقبل، وفي ذروة السجال والصراع على القانون المرتجى، ثمة مشهد سياسي فرض نفسه أخيراً وينطوي على العناصر الآتية:
– ان كلاً من طرفي الصراع حول قانون الانتخاب ولج عملياً عتبة الخطة “ب” في اطار مواجهته الشرسة دفاعاً عن وجهة نظره. فالفريق الذي يقف وراء رئيس الجمهورية والداعي الى اقرار قانون جديد يعمل ويتصرف وكأنه هو صاحب “النظرية الحقة والرأي الصائب”، اذ يعتقد ان دعوته الى اعتماد النسبية اساساً لأي قانون جديد تلقى تأييد اوسع شريحة وطنية. لذلك فهو يكرر دعوته ويجاهر بها يومياً بثقة زائدة بالنفس وبدرجة عالية من التصميم، في حين ان الفريق الآخر المعارض لاعتماد مبدأ النسبية يستخدم اسلوب “التورية والتغليف والالتباس” منهجاً للدفاع عن رأيه لانه غير قادر على المجاهرة الى اقصى الحدود بدعوته القائمة على اساس اجراء الانتخابات ولو على قاعدة “لمرة اخيرة “وفقاً لقانون الستين المعدل بموجب “تفاهم الدوحة”، ولاسيما بعد عملية رذل مورست بحق هذا القانون القديم وشارك فيها رموز من الفريق إياه.
– ان الفريق الذي يعتبر نفسه في حال هجوم من موقع القوي يستند في معركته الراهنة الى ورقة قوة اساسية كان يفتقدها في معركة انتخاب رئيس الجمهورية، وهي ورقة الرئيس نبيه بري الذي ما فترت همّته وهو يقرع جرس الدعوة الى اعتماد النسبية والدفاع عنها “مشروعاً مستقبلياً” و”مدخلاً لا بد منه لاجتثاث مرض الطائفية على اشكالها، وفتح باب تحديث الحياة السياسية وعصرنتها”، وفق مضمون ما ردده بري مرارا منذ اشهر وتحديداً منذ فتح ابواب النقاش حول القانون.
وفي المقابل، فان الفريق الآخر يعتمد ضغط المهل والتلويح بعصر فراغ محتمل اسلوباً يرمي في بُعده الى إحراج الرئيس بري لاخراجه عن ثابتته المعروفة اعتماداً على ان ثائرته ستثور عندما يستشعر دنو لحظة تتعطل فيها سبل الذهاب الى انتخابات عامة تعيد الاعتبار الى المجلس النيابي وتبث الروح بشكل طبيعي مجدداً في “مملكته التشريعية” وقاعدة ملكه السياسي العريض.
– والفريق المندفع الى خيار اقرار قانون جديد يعتمد ايضا ورقة قوة مضافة هي ورقة الرهان في اللحظة الاخيرة على نسج خيوط تسوية معقولة مع “المهجوس الاول” من النسبية، أي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وهذا ما وجد مصداقاً له في الكلام الذي اطلقه الرئيس بري إبان مشاركته في مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية عندما قال ان مشكلة اقرار قانون جديد للانتخاب ليست موجودة عند جنبلاط بل في مكان آخر، وان ما يجري هو عبارة عن اتخاذ البعض جنبلاط “مشجباً” يعلّق عليه اعتراضه على الانفتاح على قانون جديد.
ولاريب ان ثمة ورقة قوة اخرى يراهن عليها هذا الفريق، وهي على غرار الذي اتبعه قبيل الانتخابات الرئاسية الاخيرة عندما وضع الجميع من دون استثناء بين اثنتين لا ثالثة لهما: إما استمرار الفراغ المدوّي والمشكو منه في قصر بعبدا، وإما انتخاب العماد عون مرشحه الحصري رئيساً، معتمداً بطبيعة الحال على سند مستور هو رغبة اطراف خارجيين، وتحديداً غربيين، في اجراء انتخابات نيابية في موعدها تجنباً لفراغ قد يمس بالاستقرار اللبناني المطلوب والموصى به دولياً لاعتبارات عدة.
وهذا التحليل يجد المتابعون اساساً له في الكلام الذي اطلقه “تيار المستقبل” في الآونة الاخيرة وقال فيه ان “حزب الله يخيّرنا فقط بين النسبية والنسبية”.
وبناء على كل هذه المعطيات، فان صراع الارادات حول قانون الانتخاب الموعود مفتوح وعلى مستوى عال من الشراسة انطلاقاً من ان الفريق الذي يرفع لواء التغيير واقرار قانون جديد يجد في هذه المرحلة فرصته الذهبية، لاسيما انه يرى نفسه ضمناً وقد حقق انجازاً مهماً على مستوى الحكم، لن يكتمل ويتحصن إلا من خلال قانون انتخاب جديد، في حين ان الفريق الآخر سيبذل كل ما في وسعه لتجنب تجرّع هذه الكأس التي يعرف انها حنظلية بالنسبة اليه.